ليبيا تشارك في مشاورات الأمم المتحدة حول مشروع المشاركة الفعالة للمرأة العربية
ليبيا المستقبل - يونس شعبان الفنادي: نظم المكتب الاقليمي للدول العربية ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP مؤخراً بالعاصمة الأردنية عمان لقاءً إقليمياً تشاورياً حول تعزيز المشاركة الشاملة والفعّالة للمرأة العربية في الحياة العامة من خلال مشروع "مشاركة" الذي أطلقه البرنامج الأممي والذي سيتم تنفيذه على مدى أربعة سنوات خلال الفترة 2014-2017، وسيشكل هذا المشروع مساهمة هامة للمنطقة العربية في تنفيذ استراتيجية المساواة بين الجنسين تحت شعار "المستقبل الذي نريده: حقوق وتمكين".
وقد افتتحت هذا اللقاء الدكتورة ريم أبوحسان وزيرة التنمية الاجتماعية بالمملكة الهاشمية الأردنية بحضور الدكتورة سميرة التويجيري المديرة الاقليمية بهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، والدكتورة سيما بحوث الأمين العام المساعد للأمم المتحدة والمديرة الإقليمية لمكتب الدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والدكتورة هيفاء أبوغزالة الأمين العام المساعد رئيس قطاع الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية، وذلك بحضور وفود عربية من الأردن وتونس والبحرين ومصر ولبنان والجزائر وفلسطين والعراق والكويت والصومال وسوريا واليمن والمغرب، وضيوف ومؤسسات أجنبية أبرزها الهند وماليزيا ومدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن ببريطانيا، ومركز أوسلو للحاكمية ومركز الدراسات التنموية بجامعة ساكس ببريطانيا، ومؤسسة طلال أبوغزالة الدولية.
ومثل ليبيا في هذا الحدث فريق عمل ضم كلاً من السيدة وفاء بوقعيقيص وكيل وزارة الخارجية للشئون السياسية، والقاضية الأستاذة نعيمة جبريل، والنائبة بالمؤتمر الوطني العام الأستاذة آمال الحاج، والدكتورة حميدة أبورونية أستاذة الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة طرابلس، والأستاذة رانية السعيد عضو لجنة الستين لإعداد مشروع الدستور الليبي، والناشطات بمؤسسات المجتمع المدني: الدكتورة زهراء لنقي والدكتورة هناء القلال والأستاذة نادية جعودة والأستاذة شهرزاد المغربي والأستاذة عبير الحضيري. كما شارك في هذا اللقاء السيد أمين الشرقاوي مساعد مدير مكتب ليبيا ببرنامج الأمم المتحدة والأستاذة آمال المغربي مديرة البرامج والمستشارة آنيا أربل والسيد عبدالمنعم الشعافي من مكتب الأمم المتحدة الإنمائي بطرابلس والأستاذة إسراء البكوش من بعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا.
وقد جمعت المشاورات الإقليمية في هذا المحفل حوالي مائة وستين مشاركاً من النساء والرجال، يمثلون الحكومات، والمجالس النسائية الوطنية، ومجالس حقوق الإنسان، والحقوقيين، ونشطاء المجتمع المدني والقطاع الخاص من أربعة عشر دولة عربية إلى جانب خبراء دوليين وناشطين في مجال النوع الاجتماعي والمساواة بين الجنسين وبعض الإعلاميين. وتطرقت المناقشات التي تواصلت على مدى يومين إلى موضوعات ومحاور رئيسية تمت مناقشتها خلال عدة جلسات صباحية ومسائية استهلت بالجلسة الأولى التي تناولت الإصلاحات القانونية والسياسية اللازمة لتسريع تعزيز حقوق المرأة في القانون والممارسة؛ والجلسة الثانية التي سلطت الضؤ على آليات المساواة بين الجنسين وآليات النهوض بالمرأة، والجلسة الثالثة التي ناقشت مشاركة المرأة في العملية السياسية وصنع القرار؛ والجلسة الرابعة التي استعرضت العلاقة بين المرأة والسلام والأمن؛ والجلسة الخامسة التي تناولت التمكين الاقتصادي للمرأة (السياسات والقيود الاجتماعية والعمل وريادة الأعمال)؛ أما الجلسة السادسة والأخيرة فقد خصصت للحوار حول حقوق المرأة في الإسلام.
وخلال خمسة من هذه الجلسات كان صوت المرأة الليبية حاضراً ومدوياً بقوة وفاعلية أمام مكبر الصوت لإثراء الحوارات الفكرية والمناقشات الجادة حيث بدأت مداخلات المرأة الليبية القاضية الأستاذة نعيمة جبريل التي صدحت بمطالب المرأة الليبية في الدستور القادم واستعرضت الاستراتيجيات والممارسات المقترحة لضمان إصلاحات قانونية مراعية لمقاربة النوع الاجتماعي، وطالبت السلطات الليبية بمعالجة قانون المعنفات، وقدمت إحصائية لتراجع حضور المرأة في الحركة القضائية لسنتي 2010 و2012، تلتها الأستاذة شهرزاد المغربي رئيسة مجلس إدارة منبر المرأة الليبية ورئيسة لجنة دعم وتمكين النساء التي ناقشت موضوع آليات المساواة بين الجنسين ووسائل النهوض بالمرأة الليبية، ثم تحدثت الأستاذة رانية السعيد عضو لجنة الستين لكتابة مشروع الدستور حول مشاركة المرأة في صنع القرار السياسي والتدابير المطلوبة لمناصرة ودعم ترشيح المشاركة النسائية، بعد ذلك جاء الدور على الدكتورة زهراء لنقي التي وزعت على الحاضرين ورقتها باللغة العربية (عوامل افتراض الصدام الشامل بين الشريعة والمعاهدات الدولية فيما يتصل بحقوق المرأة وتمكينها) وشرحت أبرز ما تناولته في هذه الورقة التي اختتمتها بمجموعة من المقترحات أهمها عدم اختزال الشريعة، وتأسيس منبر يهتم بالأمور المقاصدية من الشريعة والتي أهمها حفظ النفس وحق المرأة. واختتمت مداخلات المرأة الليبية الدكتورة حميدة أبورونية أستاذة الاقتصاد والعلوم السياسية التي أشارت إلى أن نسبة مشاركة النساء الليبيات في القطاع العام لسنة 2010 بلغت نحو 36%، وأن بعض النساء الراغبات في العمل بادارة المشاريع الصغيرة تواجه نقصاً في الموارد المالية وذلك لقلة المدخرات، وضعفاً في الإمكانيات والمهارات الإدارية والفنية والمالية والمحاسبية وغيرها مما يحد من قدراتهن في تأسيس أي مشروع صغير، موضحة بأن بعض المشاريع القائمة حالياً والتي تدار من قبل النساء تتسم بصغر حجمها وبتكرارها وهي في مجملها نماذج مشاريع تقليدية بسيطة. كما بيّنت أن عدد الباحثين عن عمل بلغ 113.458 باحثا وباحثة وفقاً لإحصائيات سنة 2010، منهم 66.897 غير مؤهلين لسوق العمل وأن نسبة الإناث إلى الذكور وجدت متقاربة. ورفعت الدكتورة حميدة أبورونية عدداً من التوصيات أبرزها ضرورة تغيير مسارات عمل المرأة عن طريق التمكين المناسب لها من خلال المشاركة الفاعلة في النشاط الاقتصادي وتأكيد التوجه نحو تكافؤ الفرص وإلغاء الصورة النمطية لعمل المرأة، ودعم وتطوير روح المبادرة في تأسيس المشروعات الصغرى لما لها من خاصية لخلق الوظائف وكفاءة في استخدام الموارد والاستمرارية.
وبجانب هذه العروض المبرمجة كانت هناك مداخلة ليبية أكدت على أن الشرائع الإلهية أنصفت المرأة ومنحتها في الديانة الإسلامية حقوقها كاملة ولم تبخسها شيئاً وإنما الإشكالية في تفاوت التفسير والفهم لنصوص هذه التشريعات السماوية، وأن الدساتير والقوانين الوضعية على اختلافها ستظل لا تلبي رغبة الإنسان بجنسيه على وجه العموم وهو ما يستوجب مراجعتها وتطويرها من حين لآخر تمشياً مع المتغيرات، وسيظهر القصور فيها مصاحباً تطور الفكر الإنساني والمستجدات المتعددة في الحياة العصرية. أما في الشأن العربي فإن ثورات الربيع العربي أوجدت مناخاً حراً للتعبير لكل أطياف المجتمع ذكوراً وإناثاً وهو ما استغلته بعض الأصوات للجهر بمعارضتها لاستحقاقات المرأة العربية التي ناضلت وضحت في تفجر هذا الربيع ودفعت بفلذات أكبادها وساهمت فيه بنفس القدر الذي أسهم فيه الرجل وبالتالي فإنها تتأسف للفكر الرجعي الذي يحاول حرمانها حقوقها التي كفلتها له التشريعات، الأمر الذي يتطلب بذل الكثير من الجهود في مجال التوعية والثقافة والإعلام ودعم برنامج المنصة الإعلامية التي يقترحها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ضمن برامج تعزيز المشاركة الفاعلة للمرأة العربية.
وحول هذا الحدث النسائي العربي أكدت الدكتورة سيما بحوث، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة ومديرة المكتب الإقليمي للدول العربية ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي "أن مشاركة المرأة هي مفتاح التنمية، فلا يمكن أن يعم سلام، ولا ديمقراطية، ولا ازدهار، أو أي تقدم دون المشاركة الكاملة والمتساوية للمرأة. وأن تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في المنطقة العربية، بالنسبة لنا يمثلان هدفاً في حد ذاته، وكذلك أساسا هاما لكافة جهود التنمية في المنطقة."
أما الدكتورة هيفاء أبو غزالة، مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية فأوضحت "أن تحقيق الأهداف الطموحة والضرورية لهذا المشروع يتطلب نهجا متعدد الأبعاد يستهدف مختلف القطاعات وأصحاب المصلحة على المستويين الوطني والإقليمي بطريقة منسقة بعناية." وأكدت"ترحب جامعة الدول العربية بالفرصة لتضم جهودها مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وجميع الشركاء في هذا المسعى الهام، وحده، لأن أي طرف لن يقدر على إحداث التغيير المطلوب إذا ما عمل منفرداً."
وفي ختام اللقاء التشاوري حول تعزيز المشاركة الشاملة والفعّالة للمرأة العربية في الحياة العامة أصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بياناً أوضح فيه بأن مشروعه الإقليمي الجديد للمرأة "مشاركة" يعمل على تنسيق جهود المؤسسات الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، خاصة تلك المعنية بالنساء، والمجالس الوطنية لحقوق الإنسان، والقطاع الخاص، وجامعة الدول العربية وعدد من وكالات الأمم المتحدة، لتعزيز المشاركة الشاملة للمرأة العربية في الحياة العامة، بما في ذلك في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بيانه إلى أن مشروع "مشاركة" قد إقتضته التحولات الكبرى التي تشهدها عدة بلدان في المنطقة خلال السنوات الثلاث الأخيرة وكذلك جهود التعافي وإعادة البناء التي تنشط في البلدان العربية الخارجة من نزاعات، والتي تشكل معاً فرصة، بل وواجباً يحتم العمل على ضمان أن تكون أصوات النساء مسموعة، وأن تؤخذ وجهات نظرهن في الشأن العام بعين الاعتبار. في هذا السياق، لا تعد المشاركة الكاملة للمرأة في العمليات الانتقالية ومراحل ما بعد الصراع حقا لها فحسب، ولكنها تمثل كذلك، أهم ضمانات نجاح مثل هذه العمليات.
وشهدت الجلسة الختامية لهذا الحدث إعلان مؤسسة طلال أبو غزالة، أحد أكبر مؤسسات القطاع الخاص العربية، دعمها لمشروع "مشاركة" لتعزيز الفرص الاقتصادية للمرأة من خلال برامج تدريب النساء على استخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصالات من أجل تعزيز فرص الحصول على العمل وريادة العمل الحـر.
وشدد السيد طلال أبو غزالة، رئيس مجلس إدارة المؤسسة على أن معدلات المشاركة الاقتصادية للمرأة في المنطقة العربية تبقى من بين الأدنى في العالم، وعلى الدور الهام الذي يمكن للقطاع الخاص أن يلعبه في التصدي لهذا الواقع المحزن من خلال تعزيز الفرص الاقتصادية للمرأة العربية. وقال"يمكن للعمل في مجال صنع المعرفة أن يكون سبيل المرأة العربية لصنع الثروة بنفسها ولنفسها. و الإبداع الرقمي في الصنع المعرفة قرار ذاتي، لا يحتاج إلا إلى القدرة العقلية والاتصالية وهما متاحان للرجل والمرأة على حد سواء. فيمنك للمرأة أن تمكن نفسها ولا تنتظر تمكيناً من أحد."
وإثر إنتهاء فعاليات مشاورات الأمم المتحدة حول المشاركة الفاعلة للمرأة العربية أقامت السيدة وفاء بوقعيقيص وكيل وزارة الخارجية للشئون السياسية حفل استقبال لأعضاء الوفد الليبي بحضور السفير الليبي لدى الأردن السيد محمد الغيراني والمشاركين في هذه الفعاليات مع عدد من العاملين بالسفارة الليبية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق