ليبيا المستقبل
موقع ديلي بيست: أفاد موقع "ديلي بيست" الأمريكي، نقلاً عن تقارير لوسائل الإعلام الليبية المحلية والمنتديات الجهادية على شبكة الإنترنت ومسؤولين أمريكيين، أنه نجحت جماعة جهادية لها صلات بتنظيم القاعدة، تحت قيادة إبراهيم علي أبو بكر تنتوش، في فرض سيطرتها على قاعدة تدريب سرّية كانت قوات العمليات الخاصة الأمريكية قد أنشأتها على الساحل الليبي للمساعدة في مطاردة المسلحين الإسلاميين. وذكر موقع "ديلي بيست" أن القوات الخاصة الأمريكية لسلاح المشاة أو ما يُعرف باسم "القبعات الخضراء" كانت قد قامت بتجديد قاعدة عسكرية ليبية تقع على بعد 27 كيلومتراً إلى الغرب من طرابلس في صيف عام 2012 بغرض صقل مهارات العمليات الخاصة لمقاتلي مكافحة الإرهاب الأوائل الذين يدربهم الغرب في ليبيا. وبعد أقل من عامين، أصبح هذا المعسكر التدريبي الآن في قبضة جماعات لها صلات مباشرة مع تنظيم القاعدة لإثارة الفوضى في مرحلة ما بعد قذافي ليبيا.
إبراهيم تنتوش
وأشار "ديلي بيست" إلى تقارير أوردتها الصحف الليبية في الأسبوع الماضي تشير إلى أن المعسكر (المسمى " المعسكر 27" والواقع على الطريق بين طرابلس وتونس) يقع الآن تحت قيادة إبراهيم علي أبو بكر تنتوش، وهو واحد من القادة الجهاديين وكان واحداً من أبرز معاوني أسامة بن لادن وشكّل جزءاً من شبكة دعم تنظيم القاعدة في عام 2002. جدارية تصور معركة انتصرت فيها القوات العسكرية الليبية ضد عدو غامض في مقر كتيبة خميس في 29 أغسطس 2011 في طرابلس، ليبيا. بعبارة أخرى، يعتبر تنتوش الآن رئيس معسكر تدريبي كانت حكومتي الولايات المتحدة وليبيا تأملان في أن يكون مركزاً لتدريب قوات العمليات الخاصة للقبض على متشددين من أمثال تنتوش.
تقارير متطابقة
ونقل موقع "ديلي بيست" عن مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية قوله أن تقارير وسائل الإعلام مطابقة للتقارير الاستخباراتية الأمريكية من ليبيا. وأفاد مسؤول آخر في واشنطن إنهم كانوا على علم بهذه التقارير ولكنهم لم يتأكدوا منها بعد. ورفض المتحدث باسم أفريكوم أو "قيادة إفريقيا" في الجيش الأمريكي التعليق على القصة.
نفي الاتهامات
رغم ذلك، أكد تنتوش نفسه في مقابلة أجراها مع التلفزيون الليبي، مؤخراً، أنه متواجد في ليبيا، لكن لا تربطه أية علاقة مباشرة أو غير مباشرة بذلك المعسكر. وفي المقابلة نفسها، أكد تنتوش الذي تم توجيه الاتهام إليه في عام 2000 لدوره في التفجيرات التي نفذتها القاعدة في سفارتيْن للولايات المتحدة في أفريقيا في عام 1998 أنه لم يسبق له أن شارك في أية هجمات إرهابية نفذتها القاعدة، وتفاخر بالسفر إلى ليبيا مستخدماً جواز سفر مزور. لكنّ أشار أحد المسؤولين الأمريكيين في المقابل إلى أن المعسكر يعتبر اليوم "منطقة تحت سيطرة العدو"، أو مكاناً سيتعيّن على القوات الأمريكية أن تقاتل لكي تنجح في الوصول إليه. واللافت أن وسائل الإعلام الغربية لم تكشف حتى الآن عن حقيقة وقوع المعسكر تحت سيطرة الجهاديين المسلحين الذين يُفترض مطاردة القوات الليبية لهم والقضاء عليهم.
قاعدة للإرهابيين
واعتبر الموقع حقيقة أن قاعدة كان الغرض منها تدريب فرق مكافحة الإرهاب الليبية تتحول إلى قاعدة للإرهابيين بمثابة تذكير قوي للولايات المتحدة بأن عليها كسب حربها ضد القاعدة، على الرغم من نجاحها في الغارة التي أدت إلى مصرع مؤسسها بن لادن في عام 2011 في باكستان.وينطبق هذا بشكل خاص على ليبيا. فمنذ ذكرى هجوم 11سبتمبر (أيلول)على البعثة الدبلوماسية الأمريكية في بنغازي، كانت الجماعات الجهادية والعناصر التابعة لتنظيم القاعدة تحقق مكاسب على الأرض في جميع أنحاء ليبيا. والأخبار التي تفيد بأن المجاهد المخضرم تنتوش هو المسؤول الآن عن قاعدة عسكرية على بعد 27 كيلومتراً فقط من العاصمة الليبية يُظهر مدى تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا.
ملاذ للقاعدة
من جانبه، قال سيث جونز، الخبير المتخصص في شؤون القاعدة لدى مؤسسة راند البحثية، إن ليبيا باتت ملاذاً الآن للكثير من الجماعات التي تتبع القاعدة في شمال أفريقيا. وهم ينتشرون الآن في جنوب غرب ليبيا، وشمال غرب ليبيا في مدينة طرابلس وحولها، وشمال شرق ليبيا في مدينة بنغازي وحولها". كما لفت ديفيد غارتينشتاين روس، وهو زميل بارز لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إلى أنهم علموا منذ بعض الوقت أن الجماعات الجهادية نجحت في تأسيس معسكرات تدريب في أنحاء ليبيا كافة. لكنه استبعد إمكانية أن يبقى الجهاديون في معسكر 27 لمدة طويلة، نظراً إلى قربه من طرابلس ومعرفة الحكومة الليبية بموقعه. يقول روس: "أظن أنهم لن يحتفظوا بهذا المعسكر طويلاً. فهو قريب من طرابلس ومكانه معروف بالنسبة للحكومة الليبية".
هدف متواضع
وقال كارتر هام، وهو جنرال أمريكي متقاعد كان قد عمل في هذا البرنامج، إن القوات الخاصة الأمريكية بدأت في تجديد هذه القاعدة في صيف عام 2012، قبل ذكرى هجوم 9/11 في بنغازي. ومع ذلك، لم يبدأ التدريب الفعلي حتى خريف 2012. وأشار أحد مسؤول الدفاع الأمريكيين أن البرنامج الأولي في "المعسكر 27" كان يهدف لتدريب 100 جندي من العمليات الخاصة. ولكن لم يتم تحقيق هذا الهدف المتواضع. يقول هام: "لم يحقق البرنامج النتائج التي كنا نحن والليبيون نأمل في تحقيقها". وبينما يقول هام إنه ليس لديه علم بأحدث التقارير التي تفيد بأن القاعدة أصبحت الآن في يد تنظيم القاعدة، فقد اعترف بأن هناك تحديات لا تعد ولا تحصى بدءاً من عدم اليقين في قيادة الجيش الليبي إلى انعدام الأمن على أرض الواقع، جعلت من الصعب دعم تدريب قوات العمليات الخاصة.
تدهور الأحوال
ساءت الأحوال في "المعسكر 27" في شهر يونيو من عام 2013 عندما اقتحمت مجموعتان من الميليشيات المتناحرة مقر التدريب واستولوا على المعدات الموجودة به. في ذلك الوقت، لم يكن موظفي الولايات المتحدة في القاعدة، حسبما ذكر اثنان من المسؤولين الأمريكيين الذين تحدثوا إلى موقع "ديلي بيست" بشرط عدم الكشف عن هويتهما. لم يكن في حماية القاعدة سوى الجنود الليبيين المحليين. مع ذلك، كان القاعدة نفسها تضم عدداً من الأسلحة الأمريكية التي وقعت في النهاية في أيدي الميليشيات التي شنت الغارات التي كانت "فوكس نيوز" هي أول من أعلن عنها. وأكد مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية هذه التقارير وقال إن الميلشيات المسلحة تمكنت من الاستيلاء على معدات للرؤية الليلية وبنادق من طراز M-4 ومسدسات ومركبات عسكرية وذخيرة.
مصدر قلق
يعتبر ظهور تنتوش مصدر قلق للمسؤولين الأمريكيين بشكل خاص. فهو يعتبر واحداً من الأعضاء الأصليين بشبكة القاعدة. في عام 2000، وُجهت إليه اتهامات بالمساعدة على التخطيط لهجمات عام 1998 عن سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا. وتصف تقارير الأمم المتحدة تنتوش بأنه رئيس مجموعة دعم تنظيم القاعدة التي تتخذ من بيشاور مقراً لها والمعروفة باسم "جمعية إحياء التراث الإسلامي". وفي مقابلته مع التلفزيون الليبي الثلاثاء، قال تنتوش إن عمله في بيشاور كان لدواعي إنسانية تماماً.
تاريخ طويل
وذكر جونز: "أن تنتوش لديه تاريخ طويل من أيام بيشاور على التعاون مع كبار قادة القاعدة بمن فيهم أسامة بن لادن. وقد شارك في تمويل وتسهيل أنشطة تنظيم القاعدة وانه كان على علاقة طويلة الأمد مع الجماعات الجهادية في ليبيا". وكان تنتوش أيضاً عضواً بارزاً فرع لتنظيم القاعدة في ليبيا عُرف باسم "جماعة القتال الإسلامية الليبية". وفي العقد الأول من الألفية الثانية، دمر الديكتاتور الليبي السابق معمر القذافي تلك المنظمة إلى حد كبير، مما دفع بعض قادتها لانتقاد القاعدة نفسها، ولكن لم يكن تنتوش واحداً من هؤلاء المرتدين. ومع ذلك، كانت المجموعة قادرة على مساعدة فروع القاعدة في العراق باستخدام ميناء مدينة درنة في شمال شرق ليبيا لتوجيه المقاتلين المتطوعين إلى جهاد تنظيم القاعدة في العراق في العقد الماضي. وتعتبر درنة اليوم هي نقطة العبور الرئيسية للمتطوعين الراغبين في الانضمام إلى حرب القاعدة المقدسة في سوريا.
ورأى تقرير الموقع أن الأمور لم يكن من المفترض أن تتحول بهذه الطريقة. لقد تمت المصادقة على برنامج تدريب مقاتلي العمليات الخاصة في ليبيا بموجب القِسْم 1208 من قانون تفويض الدفاع الوطني. وتختلف برامج القِسم 1208 عن بعثات التدريب على العمليات الخاصة الأخرى؛ لأن التمويل يستهدف على وجه التحديد تعويض الحكومات الأجنبية لمساعدتها في مهام مكافحة الإرهاب. وتهدف مهام التدريب على العمليات الخاصة الأخرى، التي تُعرف أحياناً باسم البرامج "البيضاء" ببناء جيش لبلد آخر. وتم وضع هذه البرامج بهدف إنتاج مقاتلي عمليات خاصة جاهزين للقتال للانضمام إلى فرق القوات الخاصة الأمريكية أثناء تنفيذ مهام.
خطة تدريب
كان الهجوم في يونيو (حزيران) كافياً للقضاء بفعالية على جهود التدريب، حيث قام سفير الولايات المتحدة بإلغاء البرنامج في ليبيا حتى يضمن أمن موظفي الولايات المتحدة ومعداتهم. لم يتم تقديم هذه الضمانات حتى الآن. ولم يأتي رد من المتحدث باسم السفارة الأميركية في طرابلس على الاستفسارات المطروحة. وقال مسؤول أمريكي إن وزارة الدفاع تدرس الآن خطة لإجراء تدريب على العمليات الخاصة لليبيين في إحدى بلدان أوروبا الشرقية. في الوقت الراهن، تبدو ليبيا في حاجة إلى أكبر قدر ممكن من المساعدة. فمنذ الهجوم الذي شنه خليط من الإرهابيين المحليين والأجانب على مقر الدبلوماسية الأمريكية وقاعدة لوكالة الاستخبارات المركزية في بنغازي في عام 2012، حققت الجماعات الجهادية مكاسب رئيسية في جميع أنحاء ليبيا واستخدمت هذه المكاسب للمساعدة في قمع مكافحي الإرهاب في جميع أنحاء المنطقة.
في شهر مارس (آذار)، في شهادته أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، ذكر الجنرال ديفيد رودريجيز الذي خَلَفَ هام في منصب رئيس أفريكوم، أن بضعة آلاف من المقاتلين الأجانب قد عبروا إلى سوريا من خلال شمال غرب أفريقيا. وأضاف رودريجيز أن تنظيم القاعدة واصل أنشطته وتنسيقها من خلال تبادل الخبرات والموارد في جميع أنحاء تلك المنطقة. ويمتلك الآن هؤلاء المتشددين قاعدة بالقرب من طرابلس، فضلاً عن مجموعة من المعدات التكتيكية المتقدمة. وقال رودريجز أما لجنة مجلس الشيوخ:" إن التحدي الأكبر لدينا هو كل ذخائر الأسلحة والمتفجرات المنتشرة في ليبيا والتي لا تزال تتحرك في جميع أنحاء المنطقة نحو شمال غرب أفريقيا". وعندما سُئل إذا كانت هذه الأسلحة قد ساعدت تنظيم القاعدة في أفريقيا، أجاب رودريجيز قائلاً: "لاتزال هذه الأسلحة تدعم تنظيم القاعدة في جميع أنحاء شمال غرب أفريقيا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق