ليبيا المستقبل - (وال): تمكن جهاز الأمن الوقائي ببنغازي، خلال الأيام الماضية من القبض على عدد من المهاجرين غير الشرعيين. مدير الشؤون الأمنية بجهاز الأمن الوقائي "عبد السلام البرغثي" ذكر أن أفراد الجهاز تمكنوا من القبض على أكثر من 100 مهاجر غير شرعي من جنسيات مختلفة في المدينة وضواحيها. وقال البرغثي: تم التحفظ علي هؤلاء المهاجرين الذين بحوزتهم أوراق مزورة وإحالتهم إلى الجهات الأمنية المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم. وفي هذا السياق، يفقد الكثير من المهاجرين حياتهم أثناء محاولة عبور البحر الأبيض المتوسط والوصول إلى الشاطي الشمالي، وهم على متن قوارب مكتظة وغير صالحة للإبحار، ونادراً ما كانت وفياتهم تتصدر الصحف الأوروبية، ولم يكن من السهل تجاهل الحجم الهائل للمآسي التي تعرض لها المهاجرون قبالة سواحل أوروبا.
وذكرت وزارة الداخلية الإيطالية، أنه منذ بداية السنة الحالية، وفي غضون عشرة أيام فقط من الشهر الاول من هذا العام وصل 1050 لاجئا إلى شبه الجزيرة الإيطالية. وجاء في بيان للبحرية العسكرية الإيطالية، أن سفينة حربية تمكنت، يوم السبت الماضي، من إغاثة مركب يقل نحو 200 شخص بينهم نساء وأطفال يبعد نحو 150 كلم جنوب الجزيرة الإيطالية. و تقول تقارير المنظمات الدولية والإنسانية: إن المآسي التي يتعرض لها المهاجرون نادراً ما تشير لها الصحف الأوروبية متجاهلة الحجم الهائل للمأساة التي تقع في عرض البحر الابيض المتوسط، خاصة تلك الحاثة المروعة التي وقعت قبالة سواحل جزيرة لامبيدوزا الإيطالية حيث كان القارب، الذي انطلق من السواحل الليبية، وهو يحمل على متنه ما يقرب من 500 مهاجر إريتري، على بعد نصف ميل فقط من ساحل لامبيدوزا عندما اشتعلت فيه النيران وغرق، وانتشلت السلطات الإيطالية أكثر من 350 جثة من المياه كما تزايد عدد القتلى في البحر الأبيض المتوسط، حيث لقي عشرات اللاجئين السوريين والفلسطينيين وغيرهم من المهاجرين حتفهم أمام سواحل مالطا ولامبيدوزا. وتشير تقديرات الموقع الإيطالي على الإنترنت المعروف باسم “حصن أوروبا”، الذي يتتبع حالات الوفاة في أوساط المهاجرين، إلى ما يقرب من 20,000 شخص حاولوا اختراق الحدود الأوروبية توفيت الغالبية العظمى منهم في عرض البحر المتوسط.
وتشير تقارير المنظمات المعنية بحقوق الإنسان، أن العام الماضي 2013 شهد زيادة كبيرة في أعداد المهاجرين الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط الى إيطاليا ومالطا. في حين وصل حوالي 15,000 مهاجر وطالب لجوء إلى الدول الواقعة جنوب البحر الأبيض المتوسط، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نجح أكثر من 32,000 في الوصول إليها ومع ذلك، فإن هذا الارتفاع في أعداد المهاجرين الذين يسلكون ما يسمى بطريق وسط البحر الأبيض المتوسط - الذي عادة ما تبدأ الرحلة فيه من ليبيا، ولكنها قد تشمل أيضاً أولئك القادمين من مصر والساحل التركي. ففي أعقاب انهيار الأنظمة الحاكمة في تونس وليبيا في عام 2011، لجأ 60,000 مهاجر إلى السفر عبر هذا الطريق - ووصل معظمهم إلى لامبيدوزا. وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "أنطونيو غوتيريس" في بيان أصدره: “من المخزي أن نشهد غرق المئات من المهاجرين واللاجئين الذين لا يدركون خطورة ما يفعلون على حدود أوروبا.” كما أعرب عن القلق بصفة خاصة من أن طالبي اللجوء السوريين كانوا من بين ضحايا مآسي القوارب الأخيرة، قائلاً: “لقد فروا من الرصاص والقنابل ليلقوا حتفهم قبل أن يتمكنوا من طلب اللجوء”.
وقد عجلت هذه الكوارث المأساوية التي يتعرض لها المهاجرون في عرض البحر إلى إجراء الكثير من النقاش بين عدد من دول الاتحاد الاوروبي حول ما ينبغي على الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه القيام بعمله لمنع المزيد من وقوع الخسائر في أرواح المهاجرين في عرض البحر، القادمين على قوارب متهالكة جدا، وقد تركزت معظم مناقشاتهم منذ وقوع هذه المآسي بين المهاجرين على زيادة قدرات البحث والإنقاذ. وقدمت "سيسيليا مالمستروم" مفوضة الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي، اقتراحا بشأن توسيع دور( وكالة فرونتكس) التي تتولى مراقبة حدود الاتحاد الأوروبي من تنسيق الدوريات قبالة السواحل الإيطالية، وتغطية منطقة البحر الأبيض المتوسط بالكامل، وتحديد البلدان التي تعتبر مسؤولة عن إنقاذ القوارب المعرضة للمحن والمناطق التي يجب أن ينزل إليها ركاب هذه القوارب. وقالت "إن الدول الست الأعضاء التي تمتلك سواحل على البحر الأبيض المتوسط، أبدت بالفعل معارضتها للائحة المقترحة التي ستحكم العمليات التي تتولى الوكالة الأوروبية لحماية الحدود (فرونتكس) تنسيقها، بحجة أن القوانين الدولية تحدد بالفعل طرق التعامل مع مثل هذه الأمور. ووافق البرلمان الأوروبي، على تنفيذ برنامج جديد يستخدم تقنية متطورة لمراقبة الحدود يسمى نظام مراقبة الحدود الأوروبية (إيروسور). وسيقوم هذا البرنامج بتنفيذ نظام لرصد الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وتقاسم المعلومات بين مختلف وكالات أمن الحدود الوطنية. ومن المقرر أن يتم إطلاق نظام مراقبة الحدود الأوروبية، الذي يمكن استخدامه أيضاً لتحديد قوارب المهاجرين التي تتعرض لمحنة بسرعة أكبر.
وتشير بيانات المنظمات والهيئات الإنسانية، إلى أن المهاجرين يتدفقون من دول سوريا والصومال وإريتريا وتشاد والنيجر ومصر ومالي قاطعين مئات الكيلومترات من أجل استقلال رحلة بالقارب من ليبيا إلى أوروبا. وغالباً ما تتم مثل هذه الرحلات في قوارب صغيرة، مُحمّلة بأعداد تفوق طاقتها، ومزودة بمحركات رديئة النوع، وقباطنة قليلي الخبرة.
وفي السياق ذاته، تشير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن عدد المهاجرين الذين يسافرون إلى أوروبا عبر ليبيا، قد ازداد بنحو ستة أضعاف مقارنة بالعام الماضي. وتفيد المفوضية أيضاً، بأن 4,619 شخصاً قد غادروا ليبيا في شهر سبتمبر الماضي مقارنة بنحو 775 خلال الشهر نفسه من قبل العام الماضي.
والجدير بالذكر، أن ليبيا طالبت دول أوروبا مساعدتها في وقف تدفق المهاجرين عبر أراضيها، حيث يتم احتجاز العديد من الذين يتم إلقاء القبض عليهم، في مراكز الاحتجاز. وطالب رئيس الوزراء الليبي "علي زيدان"، في حديث له في 13 أكتوبر الماضي، بإطلاع ليبيا على نظام الأقمار الصناعية للاتحاد الأوروبي لمساعدة السلطات الليبية في مراقبة المهاجرين الذين يسعون للوصول إلى أوروبا عبر الأراضي الليبية. ومن جهتها، قالت (فرونتكس): إن عدم وجود تعاون وضوابط، يجعل من ليبيا نقطة الانطلاق "المفضلة" للمهاجرين الراغبين في الوصول إلى أوروبا. من ناحية أخرى، يرى "جينياك" من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن ينظر إلى ما هو أبعد من ليبيا لكي يتمكن من التعامل بفعالية مع هذا الوضع: "سوف تقول أوروبا أن المشكلة الكبرى تكمن في الشمال، لأنها نقطة الانطلاق إلى المياه الأوروبية، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في جنوب ليبيا. ويشمل ذلك: مصر، والسودان، وتشاد، والنيجر، والجزائر وتونس".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق