ليبيا المستقبل - جريدة الشرق الأوسط - «الحمد لله»، بهذه العبارة التي رددها مرتين في أول ظهور تلفزيوني له منذ إحالته للمحاكمة، رد سيف الإسلام، النجل الثاني للعقيد الراحل معمر القذافي، على أسئلة وجهت إليه حول وضعه الصحي وما إذا كان يتلقى زيارات من منظمات حقوقية في محبسه بمدينة الزنتان الجبلية (غرب ليبيا).
وبثت قناة «العاصمة» الليبية الخاصة مقابلة استغرقت أقل من ثلاث دقائق مع نجل القذافي في محاولة على ما يبدو للرد على الشائعات التي زعمت وجود خطة لتهريبه، وأيضا للرد على تشكيك بعض أعضاء المؤتمر الوطني (البرلمان) في قدرة حراسه من ثوار الزنتان التي تقع على بعد نحو 180 كيلومترا جنوب غربي العاصمة الليبية طرابلس، على تأمينه.
ووضع نجل القذافي إصبعه بعرض فمه للتغطية على كسر واضح في أسنانه، حيث ظهر على نحو مخالف تماما لمظهره قبل سقوط نظام أبيه الذي حكم البلاد 42 عاما ومقتله في أكتوبر (تشرين أول) عام 2011 إثر الانتفاضة الشعبية التي دعمها حلف شمال الأطلنطي (الناتو) في 17 فبراير (شباط).
خلال المقابلة، التي بدا أن السلطات الرسمية الليبية فوجئت بها ولم تكن على علم بها، بدا سيف الإسلام الذي ارتدى ملابس السجن الزرقاء وانتعل خفا في قدميه مرتبكا وزائغ العينين، حيث عكست لغة جسده عدم ارتياح لأجواء المقابلة التي اقتصرت فقط على توجيه ثلاثة أسئلة إليه. وبعبارة «الحمد لله».. رد سيف الإسلام بشكل مقتضب جدا على سؤالين حول ما إذا كان يتلقى زيارات أو ما إذا كان في صحة جيدة.
لكنه بدا في المقابل، هجوميا عندما وجه إليه سؤال بشأن إذا كان يريد محاكمته في الزنتان والانتقال إلى العاصمة طرابلس، حيث سأل سيف الإسلام محاوره هل لديك مشكلة؟ الزنتان تقع في ليبيا ولا فرق بين الزنتان وطرابلس. وظهر نجل القذافي في بعض اللقطات المصورة وهو يجلس أمام مكتب يتحدث إلى رجل وسيدة مجهولة، وفى لقطات أخرى جالسا على سرير في زنزانته، بينما كان معدو المقابلة يضعون لاقط الصوت الخاص بالقناة الفضائية في ملابسه.
وقالت القناة، إن «سيف الإسلام كان يمتنع في بادئ الأمر عبر محاميه عن لقاء الصحافيين، قبل أن يوافق أخيرا على الرد على ثلاثة أسئلة محددة». وبدا سيف الإسلام متوترا ومنزعجا أمام الكاميرا وحاول وضع إصبعه على شفتيه لإخفاء أنه فقد أحد أسنانه الأمامية.
من جهته، أعلن العقيد العجمي العتيري آمر كتيبة أبو بكر الصديق التي اعتقلت سيف الإسلام في نوفمبر (تشرين ثاني) عام 2011، والتي تحتجزه منذ ذلك الحين، أن ثوار الزنتان السابقين لا يعتزمون نقل سيف الإسلام إلى طرابلس لأسباب أمنية - على حد قوله. واتهم العجمي مندوب ليبيا لدى محكمة الجنايات الدولية أحمد الجهاني بتهمة تتعلق بالأمانة عندما رافق وفد المحكمة لزيارة نجل القذافي، وأنه ساعد الوفد في مهمة تجسسية بعلمه، معتبرا أن ما وصفه بـ«هشاشة الوضع الأمني وعدم استقلال القضاء»، لا يسمح بنقله إلى العاصمة طرابلس. وقال، إن «سيف الإسلام كشف بعض الأسماء التي كانت تقدم له الولاء سابقا، وهي الآن تتولى مناصب سيادية في الدولة»، مضيفا: «لذلك من مصلحة البعض ألا يبقى سيف على قيد الحياة».
وقالت قناة «العاصمة»، التي زعمت أن بثها تعرض للتشويش قبل بث المقابلة مع نجل القذافي مساء أول من أمس، إنه في محاولة للسعي وراء الحقيقة، فإن «طاقم القناة زار مدينة الزنتان وواجه القائمين على سجن نجل القذافي بالاتهامات، ولم يكتف بأجوبتهم حتى رأوه في محبسه ينتظر المحاكمة التي ستنصف الليبيين دون شك».
وأضافت القناة في بيان لها «تأكدنا كما تأكدتم بالصوت والصورة أن سيف في سجنه وبهذا سد باب آخر من أبواب فتن تتربص بالوطن»، ودعت الليبيين إلى الرد على تهديدات نجل القذافي ووعيده في خطابه المشئوم (قبل نحو عامين)، بتقسيم ليبيا وتبديد خيراتها بالعمل الجاد على إثبات العكس وأن الليبيين يد واحدة.
وسيف الإسلام الملاحق من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجهت إليه محكمة في طرابلس الاتهامات بشكل رسمي في أكتوبر (تشرين أول) الماضي، مع أكثر من 30 من كبار مسؤولي النظام السابق في قضية قمع الانتفاضة في 2011.
لكن ثوار الزنتان رفضوا تسليمه إلى طرابلس لكي يمثل أمام المحكمة؛ رغم طلب من المدعي العام، بينما تؤكد السلطات الليبية الانتقالية التي حاولت دون جدوى التفاوض حول نقله، أنه معتقل في سجن تحت سلطة الدولة. ويواجه نجل القذافي أيضا اتهامات في قضية الزنتان لمحاولته تبادل معلومات خلال زيارة وفد من المحكمة الجنائية الدولية في يونيو (حزيران) العام الماضي، في هذه المدينة.
وقدمت السلطات الليبية منتصف العام الحالي التماسا احتجت فيه على صلاحية المحكمة الجنائية الدولية في ملاحقة نجل القذافي وكذلك رئيس المخابرات في النظام السابق عبد الله السنوسي (63 عاما) المسجون في ليبيا أيضا، بعد أن أوقفته موريتانيا في منتصف مارس (آذار) الماضي وسلمته إلى ليبيا في سبتمبر (أيلول) الماضي. وفي أغسطس (آب)، سمحت المحكمة الجنائية الدولية لليبيا بمحاكمة السنوسي علي أراضيها.
إلى ذلك، قتل ضابط برتبة رائد من جهاز المخابرات العامة الليبية أمس، بعد استهداف السيارة التي كان يقودها بعبوة ناسفة في مدينة بنغازي (شرق)، وأعلنت السلطات الأمنية في بنغازي أيضا عن إبطال مفعول عبوة ناسفة جرى اكتشافها مساء أول من أمس، كانت موضوعة بالقرب من الأسوار الداخلية لمركز بنغازي الطبي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق