السبت، 9 نوفمبر 2013

ليبيا _ليبيا.. فوق حقل ألغام&

ليبيا المستقبل
ما بين تصاعد دعاوي الفيدرالية والانفصال والاستقطاب الحاد بين التيارات الإسلامية والمدنية‏,‏ وتعثر المصالحة الوطنية وانتشار العنف وسيطرة المليشيات المسلحة علي الأرض‏,‏ تسير ليبيا منذ سقوط القذافي داخل حقل ألغام قابل للانفجار في أية لحظة‏.‏ فقد أعلنت مؤخرا ما تسمي بحكومة أقليم برقة عن تشكيل حكومة ظل في اتجاه تكريس حكم الاستقلال الذاتي للأقليم وأعلن رئيسها عبد ربه البرعصي أن الخطوة تمثل إحياءا لدستور1951 في عهد الملك السنوسي, وأن نظام المركزية الشديدة في عهد القذافي قد أدي إلي تهميش الأقليم والاستحواذ علي ثرواته النفطية, ورغم وجود تباينات داخل الشرق الليبي حول مفهوم الفيدرالية وإعلان إقليم برقة, إلا أن تصاعد هذا الاتجاه في ظل حالة التعثر والتحديات الكبيرة التي تواجهها الحكومة الليبية تمثل جرس إنذار واضح وتهدد بوحدة التراب الليبي, بل وتدخل البلاد لحالة الاقتتال الأهلي, خاصة أنها تعيش علي سطح صفيح ساخن مع تصاعد حالة الانفلات الأمني في الشارع وغياب تام لسيطرة الدولة والمؤسسات الأمنية, فالشهور الماضية شهدت أعمال عنف وتفجيرات واستهداف شخصيات وصلت إلي حد اختطاف رئيس الوزراء الليبي ذاته علي زيدان لساعات من قبل مجموعة ثوار ليبيا, كما تشهد بنغازي يوميا حالة من الاقتتال بين الجماعات الثورية المسلحة, وحالة عدم الاستقرار والانفلات الأمني فاقمت الصراع السياسي الحالي الدائر بين التيار الإسلامي الذي تمثله كتلة حزب العدالة والبناء الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين ومعها كتلة الوفاء, وبين تيار تحالف القوي الوطنية الذي يتزعمه محمود جبريل, وتسعي الكتلة الإسلامية داخل المؤتمر الوطني العام إلي إسقاط وسحب الثقة من علي زيدان وكلها أجواء تعكس التعثر الشديد الذي تعيشه ليبيا بعد الثورة.
بل إن الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الوزراء لمناقشة قضايا مهمة مثل المصالحة الوطنية ونزع أسلحة المليشيات يواجه تعثرا واضحا في ظل غياب إطار جامع لتحقيق التوافق بين جميع القوي والتيارات السياسية والمليشيات المسلحة, وهذا لب الأزمة الليبية, فالتناحر بين القوي السياسية والعسكرية كان أحد أسبابه الرئيسية تعثر تطبيق العدالة الانتقالية والمصالحة مع أعضاء نظام القذافي واستيعابهم في العملية السياسية ومحاكمة كل من تورط أو تلوثت يده بالدماء, هذا بدوره زاد من حدة الصراع بين مناطق ليبيا المختلفة, كما أن الحكومة الانتقالية لم تحقق إنجازات اقتصادية واضحة وتحقيق العدالة بين أجزاء ليبيا خاصة الشرق الذي استمر في حالة التهميش رغم أنه يمتلك أكثر من60% من النفط الليبي في أجدابيا وبن جواد وراس لانوف, وقد بدأت مطالب أبناء الشرق الليبي اقتصادية للحصول علي جزء من موارد النفط لكنها تطورت إلي مطالب سياسية لإعلان إقليم برقة, وهو ما انعكس في وقف تصدير جزء من النفط الليبي حاليا بسبب سيطرة بعض الجماعات المسلحة من حراس مصافي النفط عليها ومنع عملية التصدير وهو ما سبب خسائر بالمليارات للاقتصاد الليبي. وبالتالي فإن ليبيا تواجه نفس تحديات وتعثرات دول الربيع العربي والمخرج الوحيد لنزع فتيل الألغام الحالية هو تحقيق التوافق والمصالحة الوطنية سواء بين النظام الحالي وعناصر نظام القذافي أو بين التيارات الإسلامية والمدنية وتكريس الديمقراطية الحقيقية التي تسمح بتحقيق التعايش بين الجميع, كذلك تحقيق التنمية الشاملة والعادلة بين كل مناطق ليبيا وتوظيف موارد البلاد الغنية بالنفط صوب مواجهة البطالة والفقر وإعادة الأعمار للمدن المهدمة مثل مصراتة وبن الوليد وغيرها, والعمل بجدية لإقامة المؤسسات الأمنية ونزع أسلحة المليشيات المسلحة واستيعابها في جيش وطني موحد وشرطة فاعلة قادرة علي حفظ الأمن والاستقرار, ولذا فإن الحوار الوطني المرتقب يمثل نافذة أمل بين الفرقاء الليبيين لمراجعة أخطاء الفترة الماضية ومنع تصاعد الأمور وتفاقمها والاتفاق علي رؤية مشتركة وخريطة طريق شاملة تحدد مسار ليبيا المستقبل وبغير ذلك سوف تنفجر الألغام التي تسير عليها ليبيا الآن إن عاجلا أو أجلا.
المصدر: صحيفة الأهرام المصرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق