ليبيا المستقبل
(CNN): عندما ألقت فرقة كوماندوس أمريكية القبض على القيادي في تنظيم القاعدة أبو أنس الليبي في العاصمة الليبية طرابلس قبل أسابيع، فإنه لم يكن يفصلها، مثلما كان مقررا، سوى ساعات قليلة على تنفيذ هجوم من أجل اعتقال زعيم ميليشيا أنصار الشريعة أحمد أبوختالة الذي يواجه تهما بكونه المشتبه الرئيس في تنفيذ الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي الذي راح ضحيته السفير كريستوفر ستيفنس، وفقا لما علمت CNN من مسؤولين أمريكيين. وكانت قوات من فرقة العمليات الخاصة الأمريكية على أهبة الاستعداد في انتظار أمر بالبدء بتنفيذ عملية تتضمن دخول بنغازي، لكن ذلك الأمر لم يصدر أو ربما وقع تجميده.
وسبق للرئيس الأمريكي باراك أوباما أن اعتبر القبض على المورطين في هجوم بنغازي أولوية من أجل جلبهم للعدالة، وعلمت CNN أن هناك لائحة إدانة فيدرالية جاهزة ضد أبوختالة. كما أن موظفي أجهزة الاستخبارات الأمريكية وأعضاء الجيش المكلفين بالعمليات الخاصة يتداولون على الدخول إلى ليبيا والخروج منها بإذن الحكومة الليبية، حيث أنهم يتحينون فرص اعتقال المشتبهين بالضلوع في هجوم بنغازي، ويعدون لائحة بالمشتبهين تضمّ حتى الآن ما يقارب 10. لكن أوائل أكتوبر/تشرين الأول، كانت تلك القوات أقرب ما يكون من تنفيذ المهمة التي كانوا يخططون لها منذ شهور، وفقا للمسؤولين، وهي اعتقال أبوختالة. كان أبو ختالة ينشط علانية في بنغازي لشهور بل إنه أجرى حوارا مفتوحا مع مراسلة CNN أروا دامون. لكن خلال هذا الشهر فقط، نجحت القوات الخاصة في الحصول على معلومات تحدّد مكان وجوده بدقة بما يسمح لأي مهمة بأن تكون ممكنة. ووفقا لعدد من المسؤولين فإنّ مهمة اعتقال أبوختالة كانت ستتم في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. لكن قبل ذلك بيوم واحد، كان أبو أنس الليبي صيدا سهلا لاسيما أنه كان يمارس حياته بصفة شبه طبيعية في العاصمة.
كان قد تقرر تنظيم اجتماع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول يكون على أرفع المستويات في البيت الأبيض ومفترضا أن يتولى أثناءه الرئيس باراك أوباما التوقيع على الإذن بالمهمة، غير أن ذلك لم يحصل جزئيا بسبب الضجة التي أحدثها اعتقال الليبي داخل ليبيا وفي الصحافة الدولية. وفي الوقت الذي كانت الحكومة الليبية تتعامل مع فورة الغضب التي أعقبت اعتقال الليبي، باتت لدى البيت الأبيض مخاوف من أن أي عملية في بنغازي يمكن أن تؤثر سلبا على الاستقرار الهش في ليبيا ويمكن أن تطيح نهائيا بحكومة علي زيدان الضعيفة.
ونددت الحكومة الليبية علنا بالعملية، لكن مسؤولين من ضمنها منحوا الضوء الأخضر للولايات المتحدة لدخول موظفي استخباراتها وأجهزتها الأراضي الليبية لتعقب كل من أبو أنس الليبي وأحمد أبوختالة، وفقا لمسؤول أمريكي رفيع المستوى. وما زاد الطين بلة وعزّز قناعة الولايات المتحدة بعدم محاولة اعتقال أبو ختالة، الاحتجاز الخاطف لرئيس الحكومة علي زيدان، وهو ما كان يعني أن عملية ثانية لواشنطن داخل ليبيا وفي بنغازي تحديدا، قد تفضي إلى مزيد من الفوضى هناك. ولم يرغب المسؤولون الأمريكيون في التحدث عن أي موعد مفترض مستقبلا لاعتقال المشتبهين بهجوم بنغازي، لكنهم نبهوا إلى أنّ سياسة أوباما تشير إلى أنه ستتم ملاحقتهم. وأحد أسباب جهود الولايات المتحدة من أجل اعتقال هؤلاء المشتبهين يكمن في كون الحكومة الليبية ضعيفة لدرجة أنه لا يمكنها ملاحقة المشتبهين. لكن عدم اعتقال أبو ختالة وظروف اعتقال الليبي تسببت في جدل داخل الإدارة الأمريكية حول الفرق بين أهميتي الرجلين والعمليتين. فإلقاء القبض على الليبي أثبتت أنه بإمكان فرق الكوماندوس أن تدخل ليبيا وتحصل على هدفها وتغادر.
لكن هناك، وفقا لعدد من المسؤولين، قناعة بأنّ الليبي كان صيدا أسهل من أبوختالة لكن الثاني كان أثمن "غير أن بنغازي هي عمليا في حكم المناطق الصعبة والتي ينطوي دخولها على مغامرة بسبب سيطرة ميليشات عديدة على أجزاء كثيرة منها" ومع صعوبة تنفيذ مهمتين غير بعيدتين زمنيا، يبدو أنه من المنطقي تفضيل "اصطياد الهدف الجاهز لأن يكون أول فريسة."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق