ينتاب سكان ايسين القلق، ويقول دليل الزوار أبيشيني عيسى: "انتشرت
مؤخراً بعض الشائعات بأن قافلة مدججة بالسلاح تابعة للقاعدة في طريقها إلى
الشمال، لكن التحريات أفادت بأنها كانت قوات حرس حدودي". ويضيف بالقول:
"ينتاب سكان المنطقة الخوف والقلق كلما شاهدوا الطوارق الملثمين". لكن
مشاكل سكان الجنوب الرئيسية لا تكمن في الإسلاميين، إنما في انتشار الجريمة
والصراعات الدائرة بين عصابات تجارة المخدرات. ويقول بعض سكان مدينة غات
التي يسكنها الطوارق: "يسيطر قانون بقاء الأقوى على الصحراء، لكن مدننا
آمنة في أغلب الأحيان لأننا نعرف بعضنا البعض".
توتر أمني
لا تتمتع الدولة بأي سلطة، فيما بقي المحاربون رغم الشعارات
والرموز الجديدة يلتزمون بأوامر قائدهم المباشر ويشعرون بانتماء لمصالح
عشيرتهم ومنطقتهم. ويقول رئيس المجلس العسكري لإقليم مرزوق في الجنوب
الغربي للبلاد، بركه وردوغو: "طريقة تأسيس الجيش كانت خطأ كبيراً"، مضيفاً:
"كان من الأجدر بهم أن يرسلوا 12 ألف شاب ليبي للتدريب في بريطانيا من أجل
توزيعهم في البلاد بعد ذلك، وهي الطريقة المثلى لبناء جيش نظامي، عوضاً عن
عملية الدمج الانتقائي التي قاموا بها". وفي سياق متصل أفادت مفوضية الأمم
المتحدة العليا لحقوق الإنسان وبعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا في تقاريرهما
بأن الحكومة كلفت مجموعات متمردة سابقة بإدارة بعض السجون وذلك دون أي
تدريب مسبق. حتى رئيس المجلس العسكري لإقليم مرزوق لا يمثل مصالح الدولة
فقط، إنما يمثل مصالح قبيلته كذلك، عشيرة التوبو المعروفة بامتداد جوانحها
العائلية إلى ما بعد الحدود، إذ يعيش أغلب أفراد القبيلة في تشاد، ولذلك
فإن أغلب الليبيين يعتبرهم دخلاء وينظرون إليهم كمصدر خطر، مما يؤدي إلى
التمييز الشديد ضدهم داخل البلاد. وحارب الكولونيل وردوغو لعقود عديدة في
صفوف المتمردين عند منطقة الساحل، ويعتبر أنه "دائماً في صفوف المستضعفين"
حسب قوله، حتى أنه كان قائداً لما يسمى بجيش تحرير الساحل في النيجر.
ويعتبر وردوغو الحكومة الليبية في طرابلس مهزلة ويرى بأن قوى متطرفة قريبة
من بنغازي هي التي تسيطر على البلاد.
وصله للتو خبر عن وصول قوات داعمة من الشمال، ويقول عن ذلك: "إنهم
يوفدون الإسلاميين إلينا"، مضيفاً: "يسعون دائماً إلى إقناعنا بأنهم قد
فرضوا سيطرتهم على مناطق الحدود مع تشاد والنيجر، لكننا وحدنا فقط من يساهم
في ترسيخ النظام وفي البحث عن مهربي المخدرات. لكنهم لن يبقوا لمدة طويلة
كالعادة لأن ظروف العمل في الصحراء في غاية القسوة". وفي ضوء ذلك يبقى
الإحباط ملموساً بشكل واضح لدى صناع القرار على المستوى المحلي، حيث أنهم
فقدوا الثقة في ما تصدره طرابلس من استراتيجيات وطنية للأمن.
المصدر: دويتشه فيليه الألمانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق