هيومن رايتس ووتش:
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم إن على المحكمة العليا في ليبيا تعليق
أحكام الإعدام الصادرة بحق مسؤول سابق من عهد القذافي ومقاتل موال له، تثير
محاكمتهما القلق من سلامة إجراءاتها. وكان قد أصدرت محاكم مدنية وعسكرية
ما لا يقل عن 16 حكماً بالإعدام في 2012 و2013، كما أصدرت 12 حكماً غيابياً
بالإعدام. ويتعين على الحكومة أن تعلن عن حظر فوري لعقوبة الإعدام وأن
تعمل على إلغائها. وفي 31 يوليو/تموز 2013، أدانت محكمة
الاستئناف بمصراتة أحمد إبراهيم ووليد دبنون على جرائم ارتكباها أثناء
الانتفاضة الليبية في 2011، تشمل القتل والخطف، وحكمت عليهما بالإعدام
رمياً بالرصاص. وقال محامو إبراهيم، وهو مسؤول سابق من عهد القذافي،
ودبنون، وهو مقاتل تطوع عام 2011 في صفوف القوات الموالية للقذافي، قالوا
لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لم يتمكنوا من مقابلة موكليهم على إنفراد أو
استجواب شهود رئيسيين. واستأنف إبراهيم ودبنون حكمي الإدانة في 22
سبتمبر/أيلول لتحريك عملية تتضمن مراجعة المحكمة العليا لعقوبة الإعدام.
من جانبه قال جو ستورك، القائم بأعمال المدير التنفيذي لقسم الشرق
الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تتناقض هذه الأحكام المشوبة
بالعوار مع تعهد ليبيا بتعزيز المعايير الدولية للمحاكمة العادلة. وبالنظر
إلى عدد الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام، وحالة الفوضى العامة التي تسود
نظام العدالة في ليبيا، فإن على ليبيا فرض حظر فوري على عقوبة الإعدام". وبموجب
قانون الإجراءات الجنائية الليبي، يتعين على المحكمة العليا تأييد أحكام
الإعدام، كما يلزم تصديق المجلس الأعلى للقضاء. وكانت قد أدانت
محكمة الاستئناف إبراهيم بتهمة "إثارة حرب أهلية والسعي للفرقة بين
المواطنين"، والتواطؤ على خطف وقتل أفراد من عائلة في سرت بوسط ليبيا، التي
كانت تعتبر مناوئة للقذافي، في 12 سبتمبر/أيلول 2011. كما اشتملت لائحة
الاتهام أيضاً على "بث شائعات كاذبة ومغرضة أثناء فترة الحرب بهدف بث الرعب
بين الناس" وارتكاب أفعال "تعرض الجمهور العام للخطر". وكان
القتال بين القوات المناوئة والموالية للقذافي مستعراً في سرت في
سبتمبر/أيلول 2011، ثم سيطرت القوات المناوئة للقذافي على سرت في 20
أكتوبر/تشرين الأول 2011، وقتلت معمر القذافي وبطانته في تلك المعركة.
بقدر ما وسع هيومن رايتس ووتش أن تتحقق، أصدرت محاكم عسكرية
ومدنية في مصراتة والزاوية وبنغازي وطرابلس 28 حكماً بالإعدام، منها 12
حكما غيابيا، منذ انتهاء نزاع 2011. وتشمل تلك الأحكام قضايا تتعلق بنزاع
2011، إضافة إلى قضايا جنائية عادية ـ معظمها على تهمة القتل. ومن
بين جميع المدانين يعد إبراهيم ودبنون وأربعة مقاتلين آخرين حكم عليهم
بالإعدام غيابياً معهما، هم أول مجموعة أشخاص لا ينتمون إلى الجيش رسمياً
ويُحكم عليهم بالإعدام لجرائم ارتكبت في سياق نزاع 2011 الذي أنهى حكم
القذافي بعد استمراره 42 عاماً. شملت القضية أربعة متهمين إضافيين، حكم
عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين 3 و5 سنوات. وفي 5
يونيو/حزيران حكمت محكمة مصراتة العسكرية بالإعدام على جنديين بتهمة القتل
وإطلاق النار العشوائي على مدنيين أثناء نزاع 2011. وفي 13 مارس/آذار أصدرت
محكمة الجنايات ببنغازي خمسة أحكام بالإعدام بحق أشخاص أدينوا بتهمة السطو
المسلح الذي أفضى إلى مقتل 5 أشخاص. وبين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب
أصدرت محكمة الجنايات بالزاوية أربعة أحكام بالإعدام في 3 قضايا منفصلة،
تنطوي كلها على القتل. وفي 26 سبتمبر/أيلول أصدرت محكمة الاستئناف بطرابلس 3
أحكام بالإعدام في قضية قتل واحدة. ولم تنفذ محاكم الدولة الرسمية أي أحكام بالإعدام منذ 2010.
يعزز قانون حقوق الإنسان الحق الأصيل لكل إنسان في الحياة، ويقصر
عقوبة الإعدام، في الدول التي لم توافق على حظرها، على أخطر الجرائم، وعادة
ما تكون الجرائم المؤدية إلى الوفاة. وفي ليبيا، يتواتر ظهور عقوبة
الإعدام في التشريعات كعقوبة مقترحة على جرائم متباينة، إذ يمكن إيجاد نصوص
تفرض عقوبة الإعدام في ما لا يقل عن 30 مادة من مواد قانون العقوبات
الليبي، بما في ذلك على أفعال ذات طبيعة سياسية، وعلى التخريب، وعلى إنشاء
أية منظمات أو "تشكيلات" لا يقرها القانون، دون أي توضيح إضافي لهذا الحظر.
وتعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في كافة الظروف
بسبب قسوتها الملازمة وطبيعتها اللاإنسانية والتي لا يمكن الرجوع عنها. إلا
أن قضيتي إبراهيم ودبنون تثيران بواعث قلق إضافية على حقوق الإنسان وعلى
سلامة الإجراءات، بحسب هيومن رايتس ووتش.
وقال محامو إبراهيم وأفراد عائلته، كما قال أشخاص مطلعون على
إجراءات محاكمة دبنون، لـ هيومن رايتس ووتش إن سلطات السجن لم تسمح إلا
ببعض الزيارات التي طلبها المحامون، كما تغاضت عن طلبات المحامين لمقابلة
موكليهم على إنفراد. وقالت المصادر إن أحد الحراس كان حاضراً أثناء مقابلات
في مقر الاحتجاز وفي المحكمة، مما أرهب المتهمين وجعلهما يترددان في
مناقشة القضية بحرية مع المحامين. ولم يحضر المحامون
استجوابات وكلاء النيابة للرجلين. وأثناء إجراءات المحاكمة رفض رئيس الجلسة
طلبات محامي الدفاع باستدعاء شهود أساسيين لاستجوابهم. واعتمدت المحكمة
حصرياً على اعترافات، يُزعم أن شركاء المتهمين في القضية أدلوا بها مكرهين،
وتدين إبراهيم ودبنون.
وفي البيئة الأمنية المتدهورة في ليبيا، ثمة حالات عديدة لقيام
المليشيات بالتحرش بمحامين وقضاة ووكلاء نيابة وشهود وأقارب لمتهمين،
وترهيبهم وتهديدهم. وهيومن رايتس ووتش على علم بتهديدات مزعومة بحق واحد
على الأقل من المحامين في قضية إبراهيم ودبنون. وقامت
هيومن رايتس ووتش بتوثيق مثل هذه الاعتداءات من المليشيات في بنغازي ودرنة
والزاوية ومصراتة طوال سنة 2013. وفي يونيو/حزيران تعرض قاض مرموق للاغتيال
على يد معتدين مجهولين في درنة بشرق ليبيا. وفي أغسطس/آب قام معتدون
مجهولون باغتيال رئيس النيابة العسكرية ببنغازي. ويتفاقم
ضعف الشرطة القضائية، وهي القوة المسؤولة عن الأمن أثناء إجراءات
المحاكمات، وعن إدارة مقرات الاحتجاز، بفعل نقص القدرات والتدريب. وقد
جاهدت السلطات، بنجاح محدود، للسيطرة على كافة مقرات الاحتجاز، بما فيها
تلك التي تديرها مليشيات. واشتكى محتجزون ومحامون وأقارب
متهمين، ممن أجرت معهم هيومن رايتس مقابلات في 2013 في مختلف أنحاء ليبيا،
من غياب المراجعة القضائية والوصول إلى التمثيل القانوني. وبموجب
المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن دور المحامين، تلتزم الدول بضمان
قدرة المحامين على أداء جميع وظائفهم المهنية بدون تخويف أو إعاقة أو
مضايقة أو تدخل غير لائق، وبألا يتعرض أمنهم للخطر من جراء تأدية وظائفهم.
وقد قالت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وهي هيئة من الخبراء
المستقلين تراجع مدى التزام البلدان بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية، إنه "في حالة المحاكمات المؤدية إلى فرض عقوبة الإعدام فإن
الاحترام المدقق لضمانات المحاكمة العادلة يتسم بأهمية خاصة" وإن أي حكم
بالإعدام يصدر عقب محاكمة غير عادلة يعد انتهاكاً للحق في محاكمة عادلة. ويتعين
على ليبيا الانضمام إلى البلدان العديدة التى التزمت بالفعل بقرار الجمعية
العامة للأمم المتحدة بتاريخ 18 ديسمبر/كانون الأول 2007، الداعي إلى فرض
حظر على تنفيذ أحكام الإعدام، كجزء من اتجاه عالمي نحو إلغائها، بحسب هيومن
رايتس ووتش. وقال جو ستورك: "يكتسي الالتزام بمعايير
المحاكمة العادلة أهمية تزيد عن أي وقت سبق في القضايا المنطوية على عقوبة
الإعدام، ولا ينبغي للمحاكم أن تستسلم لضغوط الشارع، كما يتعين على ليبيا
أن تنحاز إلى الإجماع الدولي المتنامي المناهض لعقوبة الإعدام".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق