ربما
لم يؤاخذ رئيس المخابرات الروسية السابق، الرئيس الروسي فلادمير بوتين،
المتعاقد السابق مع المخابرات الأمريكية ادوارد سنودن، على تقدم الأخير في
البداية بطلب للجوء السياسي إلى روسيا ثم رفضه العرض الذي تقدم به بوتين
إليه. لقد فضل سنودن/30 عاما/ الكشف عن التنصت الذي
مارسته الولايات المتحدة على ملايين الناس في جميع أنحاء العالم على البقاء
في أحضان بوتين، لذلك رفض سنودن التوقف عن أنشطته "المناوئة لأمريكا". لا
تخفى دسائس المخابرات العالمية على بوتين/60 عاما/ بصفته رئيسا سابقا
لجهاز المخابرات الروسي، لذلك فربما كان يعلم أيضا أن سنودن لن يقبل هذا
العرض غير الأخلاقي والذي يقضي بمنحه اللجوء في روسيا مقابل صمته وتوقفه عن
إفشاء أسرار عن المخابرات الأمريكية. يبدو أن بوتين تقدم
بهذا العرض فقط كـ"حل وسط" يهدف إلى عدم إثارة غضب الولايات المتحدة،
حسبما رأى خبير السياسة الروسي ليونيد بولياكوف. يأتي رفض
سنودن لهذا العرض رغم أنه كان بوسعه أن يراهن على روسيا كملاذ آمن له لأن
الكرملين لا يتورع عن الدخول في صراعات مع الولايات المتحدة حسبا علقت
صحيفة "كوميرسانت" الروسية اليوم الثلاثاء. أما الآن وبعد رفض سنودن هذا العرض فإنه قد كفى موسكو الدخول في صدام واسع مع أمريكا وزيادة تأزم علاقات البلدين.
يبدو أن مصير سنودن الذي يجلس بدون جواز سفر صالح منذ
عشرة أيام في منطقة الترانزيت في مطار شيرميتيوفو في موسكو سيظل مفتوحا،
فعلى الرغم من أنه لا يزال يستطيع المراهنة على الحماية الروسية وذلك بعد
قول بوتين على لسان المتحدث باسمه، دميتري بيسكوف إنه لن يسلم أحدا لبلد
ينفذ عقوبة الاعدام. ولكن سنودن يبحث وبشكل ملح عن مكان إقامة دائم، عن دولة ذات سيادة مستقلة لا تخاف من أمريكا. وليست الفرص السانحة لذلك وردية. تقدم
سنودن بطلب لجوء إلى 19 بلدا أخرى من بينها إلى جانب روسيا، وكانت ألمانيا
من بين هذه الدول حيث تلقت السفارة الألمانية في موسكو طلب لجوء من سنودن،
ورفضت الكثير من هذه الدول طلب سنودن. ورغم أن سنودن
الذي تعتبره بلاده خائنا لا يزال يحظى بثناء الكثير من الحقوقيين
والمناضلين من أجل الحرية والعدالة إلا أنه لا تبدو في الأفق نهاية لهذه
القضية المعلقة التي وصلت إلى طريق مسدود. يرى الكثيرون
أنه ليس هناك لروسيا مكاسب من وراء عرض اللجوء على سنودن سوى تقديم نفسها
كدولة ذات سيادة مستقلة على مسرح الأحداث العالمي وتوظيف ذلك على مستوى
السياسة الداخلية. وليس هناك من يعتقد بأن روسيا تعني حقا من وراء ذلك الظهور كحامية لحقوق الإنسان وراعية لها، بما في ذلك مؤيدون للسلطة في روسيا. وترى
صحيفة "نيسافيسيمايا جازيتا" الصادرة في روسيا أن الخصوصية التي يرفعها
سنودن ويقول إنه يدافع عنها لا تحظى بنفس هذا الاهتمام في روسيا وأنه من
الصعب تذكر وجود قانون واحد فقط يحد من سلطات المخابرات والهياكل الأمنية
في روسيا لصالح حماية خصوصية الأفراد. يتهم خصوم بوتين
وناشطو حقوق الإنسان الكرملين منذ وقت طويل بأنه قد خلق دولة تعتمد على
التجسس على مواطنيها على غرار ما فعله الاتحاد السوفيتي سابقا، وربما كان
هذا هو السبب وراء تردد سنودن منذ البداية في التقدم بطلب اللجوء السياسي
إلى روسيا. ولكن مصير سنودن سيظل حتى إشعار آخر في أيدي روسيا التي تسيطر على صالة العبور / الترانزيت / في مطار شيرميتيفو في موسكو.
المصدر: أولف ماودر-د ب أ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق