الأربعاء، 19 يونيو 2013

#طارق_متري: الأمن والعدالة أكبر مشاكل #ليبيا


الأخبار- نزار عبود- نيويورك- رسم ممثل الأمين العام الخاص للأمم المتحدة لدى ليبي، طارق متري، صورة قاتمة للوضع الأمني والسياسي والقضائي في ليبيا، منبهاً إلى أن العملية الديموقراطية لا تمضي كما كان الليبيون يتمنون، وأن المخاطر الأمنية والخلافات طغت على الحوار وبناء الدولة.
ودان متري في إحاطة قدمها أمام مجلس الأمن الدولي أمس الثلاثاء الصدامات المسلحة التي كثرت في الآونة الأخيرة، بين الفصائل المختلفة والقوى الأمنية في كل من مدينة بنغازي والعاصمة طرابلس، حيث طلب من الشعب الليبي الوقوف خلف مؤسساته الدستورية والتمسك بالعملية السياسية والحوار الوطني.
وأشار إلى إعلان ولاية برقة شرق ليبيا ولاية مستقلة ضمن دولة فيدرالية، لأنها تشعر أن الحكومة المركزية مقصرة من النواحي الأمنية والحكومية، كاشفاً أن هذا الأمر جعل رئيس الوزراء علي زيدان، ينقل مقار أربع شركات حكومية من طرابلس إلى بنغازي.
وكرر متري ما قاله في إحاطته الثانية من وجود استقطاب كبير في ليبيا جراء قانون العزل السياسي، الذي يستبعد من السلطة كل من كانت له صلة بالعهد السابق. فالخلاف كبير حول مدى تطبيق قانون العزل والمعايير التي ستتبع فيه.
وتوقع أن يترك قانون العزل آثاراً بعيدة المدى على الوضع في ليبيا، كونه يدخل في تفاصيل حول أهلية أي موظف حكومي لكي يكون مقبولاً في مركزه.
ورأى متري أن الكثير من المعايير يمكن وصفها بأنها «اعتباطية»، وأحياناً غامضة ويمكن أن تنتهك الحقوق الإنسانية والمدنية لشريحة واسعة من الأشخاص، وشدد على أن تطبيق القانون من شأنه أن يضعف وضع المؤسسات التي لا تزال قيد الإنشاء، وهذا ما جعل الكثير من القضاة ورجال القانون يعلنون الإضراب فور صدوره كونه سيطالهم.
وعن التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه البلاد، رأى متري انها عائدة إلى عقود من الحكم الاستبدادي وغياب المؤسسات والالتباس في المعايير السياسية القائمة، وأن الحل "يكون بالدعوة إلى حوار وطني جامع لمعالجة أمور المرحلة الانتقالية".
وفي هذا المجال تحدث متري عن تقديم بعثة الأمم المتحدة «يونسميل» للحكومة الليبية، وللقيادات الجماهيرية اقتراحات محددة حول كيفية عقد الحوار وأبدت استعداداً للتوسط من أجله متى طلبت السلطات الليبية ذلك.
وأضاف متري أن الكثير من الأطراف الليبية يسيئون الظن بالمجتمع الدولي ونواياه، مستندين إلى أن قرار مجلس الأمن الدولي 2095 اعتمد تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة.
وهؤلاء يودون خروج الأمم المتحدة من ليبيا، وهناك في الطرف المقابل أطراف تريد مضاعفة دور المجتمع الدولي، من أجل ضبط الأوضاع والنهوض بالبلاد، ورأى أن دور البعثة سيتمثل في توضيح حقيقة الدور الذي تؤديه من مساعدة على بناء المؤسسات ونهوض الدولة.
وعلى صعيد تطبيق العدالة تحدث متري عن بقاء ما بين 7 و8 آلاف مواطن ليبي رهن التوقيف من دون توجيه اتهامات لهم، وأوضح أن «هناك بطئاً شديداً في عملية تحويل الموقوفين من التنظيمات المسلحة إلى الدولة»، مشيراً إلى وجود حالات تعذيب في المعتقلات وصلت إلى حد الموت. وشدد متري على أن هذه الممارسات غير مقبولة ولا يمكن تحملها وهي تشكل انتهاكات صريحة لحقوق الإنسان والقانون الليبي الصادر عن البرلمان الذي حرّم التعذيب.
وأعرب الممثل الخاص عن قلقه على وضع العمالة الأجنبية في ليبيا وما تتعرض له في معتقلات من ممارسات مؤسفة حسب وصفه.
كما تناول مأساة 35 ألفاً من افراد قبائل الطوارق المهجرين قصراً، والآلاف من قبائل المشاشية وغيرهم من الأقليات التي تقطن ليبيا، وقال إنها قضية تبعث على القلق. أما قرار زعيم قبيلة تاورغاء بالعزم على العودة إلى بلدتهم في 25 يونيو الجاري فوصفه بأنه محفوف بالمخاطر، رغم دعم حقهم في العودة وصون كرامتهم وسلامتهم. وطالب بإيجاد ظروف مناسبة لعودتهم بأمن وسلام.
وبحسب تقرير متري، فإن أمن الحدود هو الأولوية بالنسبة لليبيا، التي لديها آلاف الكيلومترات من الحدود مع جاراتها. وما جرى في منطقة السهل (الميدان)، وفي مالي تحديداً يشكل أهمية خاصة تستدعي المزيد من التقدم على صعيد حماية الحدود. ولفت إلى أنه لم يتحقق تقدم فعلي في هذا المجال رغم الاهتمام الرسمي الكبير.
وأوضح متري أن أكبر العقبات تتمثل في عدم توحيد الفصائل المسلحة تحت لواء وزارة الدفاع، وفقدان إستراتيجية دفاعية وطنية شاملة، وغياب التدريب والفاعلية العملية، وغياب البنى الأساسية اللازمة لا سيما في المناطق الجنوبية المهملة.
وعزا متري كل هذا التأخير في حل الأمور العالقة إلى ضعف القطاعات الأمنية ومؤسساتها ونقص التنسيق الأمني وتسيبه. وأشار إلى أن مقررات مؤتمر باريس الدولي على مستوى وزاري التي اتخذت في شباط الماضي بقيت بعيدة عن التطبيق جراء الأزمة السياسية المستمرة.
وتحدث متري عن ورقة بيضاء قدمتها بعثة «يونسميل» لرئيس الأركان الليبي في نيسان الماضي من أجل النظر فيها وتضمنت 52 توصية و18 أولوية ملحّة لم يفصلها. لكن «الأخبار» علمت أن التوصيات تشمل تعاوناً مع أجهزة أجنبية وشركات دفاعية أميركية كبرى مثل «ريثون»، و«لوكهيد مارتن»، والاعتماد على طائرات بدون طيار تجول في المناطق الحدودية، وقد تم حتى الآن نشر قرابة عشر طائرات منها بإشراف الشركاء الدوليين. وقال متري في إحاطته إن نجاح الخطة يتوقف على دعم الشركاء الدوليين ودول الجوار في تغليب للخطر الخارجي على الخلافات والانقسامات الداخلية. وشدد على وجوب إيجاد حلول شاملة دفعة واحدة بدلاً من الحلول الجزئية في القضايا الدفاعية.
وختم بأن المخاطر في ليبيا ليست قليلة، لكن الفرص المتاحة كبيرة أيضاً. وفي تراجع عن تفاؤل أبداه في تقريره السابق قال إن «العملية الانتقالية رغم نجاح الانتخابات العام الماضي، محفوف بكل أشكال المخاطر والعقبات، وهذا ينعكس على الحالة النفسية للشارع الليبي الذي لم يفقد الأمل بعد في إقامة نظام ديموقراطي».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق