خالد المهير - طرابلس: يرى
مراقبون أن شهر العسل بين الليبيين وإعلامهم قد انقضى، وانتهت معه مرحلة
الإعجاب بالإعلام الثوري بعد اتهام الأخير بالتورط في إشعال نار الفتنة
الجهوية والقبلية والسياسية، خاصة بعد تغطيته للأحداث الدموية التي وقعت
قبل أيام في مدينة بنغازي. فقد سارعت قنوات فضائية
وإذاعات محلية -أثناء تغطيتها لتلك الأحداث- إلى نشر أسماء الضحايا صراحة
مذيلة بالقبائل، وهو ما اعتبره مراقبون "تأجيجا للفتنة وجرا للبلاد إلى حرب
أهلية".
وبذلك تغيرت نظرة كثيرين إلى قنوات عدة نشأت أيام الثورة، فتحولت
قناة "ليبيا الأحرار" إلى قناة "أشرار"، وصارت "العاصمة" قناة "أزلام"،
ووصفت "ليبيا الحرة" بأنها قناة "إخوانية" في إشارة إلى علاقتها بجماعة
الإخوان المسلمين، أما قناة "ليبيا الدولية" المحسوبة على تحالف القوى
الوطنية فسميت قناة "الطحالب".
ولم يقف الاحتقان عند حد وصف الإعلام بأنه "رأس الفتنة"، بل نال
نصيبه من الحرق والضرب والتدمير والتهديد، كما جرى أخيرا مع قنوات
"العاصمة" في طرابلس و"ليبيا الحرة".
صناعة العنف
وفي حين تجاهل وزير الإعلام يوسف الشريف اتصالات الجزيرة نت،
اعترف رئيس ملف الإعلام في المؤتمر الوطني العام محمد العريشية بأن الإعلام
الليبي "أصبح جزءا من آلة صناعة العنف". وقال إنه "خرج
عن مساره الحقيقي في توعية المواطن"، وبات "ترسانة دعاية" للقوى السياسية،
مشيرا إلى تورط "المال السياسي" في رسم سياسات الإعلام حاليا.
وأكد العريشية -في تصريحات للجزيرة نت- أن إعلام ليبيا "لا يعمل
بمنظومة مهنية محترفة"، وأنه مفتوح للجميع للعمل فيه "دون شروط"، مؤكدا أن
الإذاعات والفضائيات تنشر أخبار الشائعات والمصادر "المغلوطة". كما
يعترف نقيب الصحفيين الليبيين مصطفى فنوش صراحة بعمل بعض وسائل الإعلام
"وفق أجندة سياسية وأيديولوجية"، لكنه تساءل "كيف تطلب من دولة غير قادرة
على تحقيق الشرعية معالجة أخطاء الإعلام وإلزامه بالمصداقية والحيادية؟"،
رافضا -في الوقت ذاته- استخدام العنف المضاد ضد القنوات الفضائية
والإعلاميين.
وحاولت الجزيرة نت الحصول على آراء مديري قنوات "العاصمة"
و"الرؤية" لكنها لم تفلح في ذلك، حيث لم يشأ مدير القناة الأخيرة سراج
الحاسي الرد على اتهامات الشارع لهم بالضلوع في زعزعة الاستقرار عبر تبني
وطرح التوجهات الفدرالية. لكن رئيس مجلس إدارة قناة
"ليبيا الحرة" صالح المجدوب اعترف بدور قنوات -لم يذكرها بالاسم- في بث
"خطاب تحريضي"، قائلا إن جزءا من هذا الخطاب نابع من الأداء السياسي لهذه
القنوات.
وأضاف أن هناك قنوات عدة تحاول "إقصاء الثوار" من المشهد السياسي
عموما، وأنها "استغلت الأحداث" لصالح طرف سياسي على حساب طرف آخر، مشيرا
إلى أهمية إيجاد قوانين "صارمة لملاحقة وسائل الإعلام الكاذبة".
أعداء الثورة
كما اتهم المجدوب من وصفهم بــ"أعداء الثورة" بأنهم دخلوا الساحة
الإعلامية "للنيل من الشخصيات السياسية البارزة التي وقفت إلى جانب
الثورة"، والعمل على "حرق أوراقها" عبر استخدام وسائل إعلام "غير قانونية"،
مثل موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. وأرجع الباحث في
مركز ليبيا للدراسات الإستراتيجية والمستقبلية محمود أملودة "الخلل" في
الإعلام الجديد إلى انتقال "صغار الإعلاميين" من نشاطهم على فيسبوك إلى
"الإعلام الكبير".
وأكد أملودة -في حديث للجزيرة نت- أن من كانوا يخاطبون الجمهور
على مواقع التواصل الاجتماعي "هم ذاتهم إعلاميو المرحلة" الحالية، مشيرا
إلى أن هناك من دفع "هؤلاء الصغار" في سبيل استمرار الخطاب الثوري التعبوي
المتبع في تغطية أحداث الثورة التي أطاحت بمعمر القذافي.
وبينما تؤكد رئيسة تحرير صحيفة "صوت الشارع"، ابتسام أغفير،
للجزيرة نت "تورط هؤلاء بشكل كبير في بث الفتنة بالبلاد لأنه ما من مادة
تذاع أو تنشر إلا ومن ورائها هدف"، يشير عضو المكتب السياسي في حزب الوطن
جبريل الزوي -في تصريح للجزيرة نت- إلى "دور خطير" للإعلام بسبب غياب
الملاحقات القانونية، واصفا إياه بأنه "إعلام منحاز لأجندة وشخصيات سياسية
من ضمنها أعوان النظام السابق".
يشار إلى أنه توجد في ليبيا عشرات القنوات الفضائية والإذاعية، ويصل عدد الصحف إلى أكثر من ثلاثمائة صحيفة يومية وأسبوعية.
المصدر: الجزيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق