تشير
أدلة جديدة حصلت عليها شبكة إيه بي سي الأمريكية إلى أن إدارة الرئيس
باراك أوباما لجأت عمداً إلى إزالة أي إشارة إلى "الإرهاب" من تقارير
الهجوم على البعثة الدبلوماسية الأمريكية في بنغازي، الذي أسفر عن مقتل
أربعة أشخاص بينهم سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا كريستوفر ستيفينز.
ودأب المحافظون لفترة طويلة على اتهام الإدارة الأمريكية بحجب الحقائق المحيطة بالهجوم عمدا. ويمثل هذا أول دليل دامغ على أن وزارة الخارجية طلبت تعديل التقرير الأصلي لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. وطلبت
الإدارة الأمريكية على وجه التحديد حذف التحذيرات السابقة وإزالة الجملة
التالية "إننا نعلم أن متشددين إسلاميين ذوي علاقة بالقاعدة شاركوا في
الهجوم".
وهناك احتمالات قوية بأن تطارد هذه المشكلة وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون حال اتخاذها قرارا بالترشح للرئاسة. ومن
الأسماء التي تبدو متورطة بصورة مباشرة في هذه القضية فيكتوريا نولاند
المتحدثة باسم البيت الأبيض كما أن هناك دور بارز لكل من بن رودس وجاي
كارني كبار مساعدي البيت الأبيض.
أبيض وأسود..
ولا بد من الإشارة هنا إلى أنه بالنسبة لي لم تكن مزاعم التعتيم
من الفضائح السياسية التي تستحق المتابعة الإعلامية الكبرى، وكانت تبدو لي
في أوقات كثيرة بأنها نوع من التناحر الحزبي القائم على أسس ضعيفة. وكانت
التقارير الإخبارية التي بثتها بي بي سي وغيرها من الشبكات الإخبارية قد
أشارت في ذلك الوقت إلى أن هجوم بنغازي لم يكن سوى رد فعل تلقائي على فيلم
رديء مناهض للإسلام.
ومن المعروف أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما شديد الحرص في
استخدام مصطلح "الإرهاب" ولا يلجأ إلى إطلاقه على أي نوع من أنواع العنف من
قبل الأجانب ضد أمريكيين كما كان يجري في السابق غالبا لتبرير الحرب ضد
الإرهاب. ولكن الأدلة هنا حاسمة، إلا إذا شككنا في الوثائق التي حصلت عليها ايه بي سي، وهو ما استبعده.
لا يمكن لمعارضي الرئيس أوباما غالبا تحديد الأسس وراء ادعاءاتهم. وهناك
افتراض بأنهم يعتقدون أن البيت الأبيض يريد تجنب ربط قتل السفير بالإرهاب
لأن هذا من شأنه أن يقوض المزاعم التي تشير أن تنظيم القاعدة يعاني تدهورا.
كما أنه يؤجج الاتهامات للإدارة الأمريكية بأنها أصبحت "ناعمة" في مواجهة
الإرهاب.
ويمكن القول بأن هناك تفسيرين للأمر بإدخال تلك التعديلات على تقرير المخابرات المركزية الأمريكية. يتمثل التفسير الأول في التأثير على مسار تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي "اف بي اي". قد يكون هذا صحيحا ولكنه ليس بالأمر المرجح.
أما التفسير الثاني فهو أن يكون هذا الإجراء محاولة لتفادي الانتقادات من قبل المعارضين، وأرى أن هذا هو السبب الأقرب للتصديق. وكما
أوضحت نولاند بصراحة فإن تقريرا كهذا "من الممكن أن يساء استعماله من جانب
أعضاء (في الكونغرس) لانتقاد وزارة الخارجية والقول إنها لم تلتفت
للتحذيرات، فلماذا نزودهم بدليل على هذا الاتهام؟".
ومهما كانت التفسيرات التي يراها المحللون للإقدام على هذه
الخطوة، فإن وزارة الخارجية وكذلك البيت الأبيض طلبا بالفعل من المخابرات
المركزية الأمريكية تعديل التقرير. الموقف الآن حرج للغاية ومن شأن هذه الأنباء أن تضع البيت الأبيض في موقف دفاعي لبعض الوقت.
مارك مارديل
محرر شؤون أمريكا الشمالية BBC
محرر شؤون أمريكا الشمالية BBC
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق