وصفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، في تقرير لها نشرته أمس الأحد، التيارات السلفية في دول شمال أفريقيا بأنها صداع في رؤوس حكومات دول الربيع العربي.
ورأت الصحيفة، أن التيارات السلفية في دول شمال أفريقيا اكتسبت قوة من خلال أجواء الحرية التي تعيشها البلاد، بعد ثورات الربيع العربي، وأنهم أصبحوا أحد أصعب التحديات التي تواجه الحكومات في تلك الدول بعد سقوط الأنظمة الدكتاتورية.
وأشارت إلى أن التيارات السلفية في مصر استطاعت فرض نفسها وبقوة من خلال تأييدها للرئيس محمد مرسي، وجماعة الإخوان المسلمين، ونجحت في تكوين الكثير من الأحزاب السياسية التي تتمتع بثقل سياسي كبير.
أما في ليبيا، فباتت الجماعات السلفية جزءا من المليشيات المسلحة، التي تمثل تهديدًا للحكومة من خلال محاولتها فرض آرائها عليها، وارتبطت الجماعات السلفية بالعديد من أعمال العنف، بما في ذلك اغتيال السفير الأمريكي في بنغازي العام الماضي.
وفي تونس، فجماعة أنصار الشريعة وجماعات إسلامية أخرى، كانت كالشوكة في خاصرة حكومة حزب النهضة المعتدل، الذي تولى السلطة بعد انتخابات أكتوبر 2012، ليحل محل النظام العلماني الذي رسخه زين العابدين بن علي.
وأوضحت الصحيفة أنه منذ اندلاع ثورة "الياسمين" شهدت العديد من المناسبات الثقافية تدخلات من قبل السلفيين، إضافة إلى تدمير بعض المواقع الأثرية لاعتبار إياها آثارا وثنية، كما قاموا بالدخول في اعتصامات بالجامعات والتورط في أحداث عنف متفرقة.
وعلى خلفية الاشتباكات التي وقعت أمس، الأحد، رأت الصحيفة أن الحكومة التونسية عازمة على التصدي لنفوذ التيارات السلفية المتنامي، حيث اتضح ذلك من خلال تعامل الشرطة مع السلفيين، وإطلاقها أعيرة نارية في الهواء والغاز المسيل للدموع.
وكان أتباع جماعة أنصار الشريعة قد خرجوا في احتجاجات أمس الأحد، في العاصمة بعدما منعتهم السلطات التونسية من إقامة مؤتمرهم السنوي في مدينة القيروان، ودفعت السلطات بقوات من الشرطة والجيش داخل المدينة وخارجها لمنع إقامة المؤتمر الذي يحضره الآلاف من أنصار التيار السلفي.
وكانت الجماعة قد حذرت الحكومة من عواقب منع إقامة المؤتمر، وأعلن المتحدث باسم الجماعة صفي الدين ريس، أن الحكومة ستتحمل مسئولية أي دماء ستراق لو منعت إقامة المؤتمر، وتم بعدها إلقاء القبض عليه.
ومع تكرر تجاوزات التيارات السلفية وعدم تصدي الحكومة لها، اتهمت التيارات الليبرالية حزب النهضة باللعب على الحبلين، حيث تترك الجماعات الإسلامية تفعل ما يحلو لها لتعادل كفة الميزان السياسي في مواجهة التيارات العلمانية، وتغيير الأجواء الثقافية في البلاد ليظهروا بمظهر التيار المعتدل قبل الانتخابات.
وبحسب الصحيفة، فإن الرياح جاءت بما لا تشتهي سفن حزب النهضة، حيث إن أعمال العنف المتورط بها السلفيون غيرت حسابات الحكومة، واتهمت جماعة أنصار الشريعة وزعيمها الداعية "أبو عياض" بالوقوف وراء الهجوم على السفارة الأمريكية في سبتمبر الماضي والذي تسبب في توتر العلاقات مع واشنطن.
كما اتهمت الحكومة السلفيين باغتيال زعيم حزب العمل شكري بلعيد، وهو ما أدى إلى استقالة رئيس الوزراء حمادي الجبالي، وفي الآونة الأخيرة، تم اتهام الجماعة السلفية بوضع ألغام على طول حدود البلاد مع الجزائر ما تسبب في إصابة أكثر من 10 جنود.
وفي المقابل، اتخذت الحكومة إجراءات ضد التيارات السلفية ردًا على ذلك، فشنت حملة على الدعاة المتشددين الذين يجندون التوانسة للقتال في سوريا، كما ألقت القبض على عدد من السلفيين، ومنعتهم من إقامة تجمعات ومؤتمرات، فضلا عن تجريم رفع أعلام سوداء كتلك المشابهة لتنظيم القاعدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق