راديو سو- محمد زيد مستو- في
الوقت الذي يواجه فيه الليبيون وضعا أمنيا وسياسيا هشا، تتجه أنظارهم إلى
الصراع الدائر بين أحزابهم السياسية، وانعكاسه على الواقع الأمني الذي
يعزوه متخصصون إلى توظيف الأطراف السياسية لسلاح الميليشيات كي تضغط باتجاه اتخاذ قرارات سياسية معينة.
وبعد نحو عامين على الإطاحة بنظام معمر القذافي، فإن ليبيا تواجه أزمة سياسية حادة بين التيارات الرئيسية التي يطالب بعضها بتبني نظام فدرالي في البلاد، في وقت لا تضيع فيه هذه التيارات أي فرصة لاتهام منافسيها بالتعاون مع نظام القذافي، فضلا عن تغليب الأجندات الحزبية على المصالح الوطنية.
وعبر عضو التجمع الفيدرالي وأحد القادة العسكريين في الثورة الليبية عبد الجواد البدين، عن تلك الأزمة، بالقول إن "الأحزاب التي لا يوجد قانون ينظمها خلال المرحلة الحالية، تبتعد كثيرا عن المطالب الأساسية للشعب الليبي وتفتقر للقاعدة الشعبية، وهو ما عزز حالة الانفلات الأمني"، متهما الأحزاب بتغليب أجندات سياسية على حساب المصالح الوطنية.
وعزا البدين في تصريحات لموقع "راديو سوا" الوضع الأمني الحالي في بلاده إلى سعي الأحزاب السياسية لسد الفراغ الذي خلفه إسقاط النظام، عبر الاستحواذ على مؤسسات الدولة وتعزيز قوتها بميليشيات موالية يطلق عليها الدروع، وهو جاء على حساب "دولة تنحاز للقانون والدستور وتقف على مسافة واحدة من جميع الليبيين".
وأيده في ذلك المحلل السياسي الليبي فضيل الأمين، الذي وصف الأحزاب السياسية الليبية بأنها "غير ناضجة" جراء عدم وجود تجارب حزبية ناجحة في ظل النظام الليبي السابق، وهو ما برز في الصراعات داخل المؤتمر الوطني وخارجه، مما استدعى بعض تلك الأطراف للاستعانة بمسلحين والدفع باتجاه سن قوانين على المستوى الوطني تتفق مع أجندتها.
وبدوره، قال الناطق الرسمي باسم رئاسة الأركان في الجيش الليبي العقيد علي الشيخي، في مقابلة مع موقع "راديو سوا" إن "التجاذبات السياسية دفعت التشكيلات التي لها طابع جهوي أو عقائدي أو تلك التي تحمل سلاحا غير شرعي إلى التحرك للاستفادة من هذا الوضع والدفع باتجاه مصالحها".
قانون مثير للجدل
يرى محللون أن تدخل المسلحين للضغط باتجاه التعجيل في إقرار قانون العزل السياسي الذي أصدره المؤتمر الوطني العام في ليبيا يوم الخامس من مايو/ أيار الجاري، شكل عاملا كبيرا في زيادة تعقيد الأزمة التي تشهدها ليبيا.
وقال فضيل الأمين، الباحث في معهد "أتلانتك كاونسل" الأميركي للدراسات، إن قانون العزل السياسي كان من أهم المواضيع التي أثارت جدلا في الوسط السياسي الليبي، قبل أن تصل إلى حد تدخل مسلحين حاصروا وزارات الخارجية والداخلية والعدل.
وأضاف أن تدخل المسلحين كان بإيعاز من جهات محسوبة على الإخوان المسلمين الذين يحاولون السيطرة على مؤسسات الدولة عبر عزل منافسيهم بتهمة صلتهم بالنظام الليبي السابق، على حد قوله.
ومضى يقول إنه في حين كان العزل السياسي مطلبا طبيعيا بعد سقوط النظام السابق من حيث المبدأ فإنه كذلك "كان ينبغي على الأطراف الاستعانة ببدائل أخرى بدلا من أن يتم سن القانون بهذه الطريقة حين شرعت الأطراف السياسية في صراعات حول من يستثني الآخر"، لينتهي المطاف بانتصار الطرف الذي استطاع استقطاب مسلحين أجبروا المؤتمر العام على سن القانون.
وقد جاءت الموافقة على إصدار القانون بعد ماراثون طويل للقانون المثير للجدل داخل أروقة المؤتمر الوطني العام وكذلك الشارع الليبي بين المؤيدين والمعارضين له.
ويقضي القانون بعزل كل من عمل مع النظام الليبي السابق منذ أول سبتمبر/ أيلول 1969 إلى 23 أكتوبر/ تشرين الثاني 2011، ومنعهم من تولي أي مناصب قيادية في الإدارة الجديدة للبلاد.
وينص قانون العزل السياسي الذي قد يقصي حوالي نصف مليون ليبي عن العمل في الإدارات والمؤسسات الحكومية على "عزل كل من أفسد حياة الليبيين السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وتولى مناصب قيادية إبان حكم العقيد الراحل معمر القذافي".
وأدى صدور القانون إلى خروج تظاهرات نددت به ووقعت اشتباكات في محيط وزارة الخارجية بين متظاهرين رافضين لقانون العزل السياسي ومسلحين مؤيدين له.
وبرغم أن إقرار السلطات قانون العزل السياسي جاء ملبيا لمطالب المسلحين، فإنهم لم ينهوا حصارهم للمؤسسات الحكومية، وارتفع سقف مطالبهم السياسية إلى حد المطالبة بإسقاط رئيس الحكومة علي زيدان.
جدل الفيدرالية
كذلك فإن الجدل حول الفدرالية بين مؤيد ومعارض لها في الأروقة السياسية وعلى مستوى المسلحين والشارع، اعتبر محركا رئيسيا في تعقيد المسألة الأمنية بليبيا، وانعكس بالتالي على الوضع الأمني في المناطق المختلفة.
ويبرر عبد الجواد البدين موقف مؤيدي الفدرالية، قائلا إنه "استحقاق دستوري قديم منذ دستور عام 51"، الذي نص على أن ليبيا دولة فدرالية.
وأضاف البدين أن المساحة الكبيرة للأرض الليبية وتركز سكانها في ثلاث كتل سكانية رئيسية في الشمال الغربي والجنوب الغربي والشرق، هي مبرر رئيسي للمطالبة بالفدرالية، معتبرا أنها "مطلب شعبي لليبيين سيما في إقليم بنغازي وبرقة".
ويتهم الداعمون لمبدأ الفيدرالية في هذا الإطار، التيارات الإسلامية بمحاولة تكريس سلطة المركز، وتوظيف الميليشيات المسلحة لتحقيق هذا الغرض، وهو ما أكده الناطق باسم رئاسة الأركان في الجيش الليبي، قائلا إن "الجيش يلاحظ دعوات متزايدة للجهوية في شرق ليبيا ومختلف المناطق وهو ما سيزيد من تفاقم الأزمة الأمنية"، كما قال.
واعتبر فضيل الأمين أن وجود أزمة سياسية بين المركز في العاصمة طرابلس، وبين الأطراف في الأقاليم الأخرى، فاقم من المشكلات الأمنية بمستويات مختلفة في تلك المناطق.
لكن أنصار الفدرالية يعتبرون أن نجاحها سيكون نهاية للوضع الأمني المتردي، سيما وأن الشعور النابع من "المناطقية" عزز الصراع الدائر بين الكتل السياسية في هذه الأزمة ودفع أطرافا مسلحة للسيطرة على مناطق بعينها.
وتزداد المخاوف من تفاقم المشكلة الأمنية عشية إعلان مجلس إقليم برقة الانتقالي، برئاسة الشيخ أحمد الزبير أحمد الشريف السنوسي في الأول من يونيو/ حزيران القادم انفصاله عن دولة المركز، وتأسيس إقليم فيدرالي اتحادي في منطقة برقة شرقي ليبيا، خصوصا وأن المجلس يحظى بشعبية كبيرة ودروع مسلحة تابعة له.
وبحسب مصادر رسمية، فقد أضحى الملف الأمني من أبرز التحديات أمام عملية الانتقال وبناء الدولة في ليبيا، وذلك بعد فشل الخطط والبرامج التي تم اعتمادها منذ تأسيس المجلس الانتقالي في 27 فبراير/ شباط 2011.
ويبدو أن المشاكل الأمنية تزداد تعقيدا مع استمرار الفشل والعجز الحكوميين جراء الخلافات السياسية، في وقت زاد فيه عدد المجموعات المسلحة والمسجلين كثوار، إذ تضاعف عدد المجموعات المسلحة عدة مرات منذ الإعلان رسميا عن تحرير البلاد وتوقف القتال في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، وفق تصريحات لوكيل وزير الداخلية عمر الخضراوي.
إذ بلغ عدد المقيدين لدى اللجنة الأمنية العليا التابعة لوزارة الداخلية نحو 143 ألفا، فيما لم تتعد التقديرات الرسمية لأعداد من حملوا السلاح ضد القذافي وخاضوا المعارك ضد كتائبه 30 ألف مقاتل، وهو ما أبرز الخلاف السياسي الذي أثر على خطط حكومة عبد الرحمن الكيب الانتقالية، والحكومة المؤقتة برئاسة علي زيدان التي أضعف الجدل السياسي من قدرتها على تطوير العملية السياسية.
وبعد نحو عامين على الإطاحة بنظام معمر القذافي، فإن ليبيا تواجه أزمة سياسية حادة بين التيارات الرئيسية التي يطالب بعضها بتبني نظام فدرالي في البلاد، في وقت لا تضيع فيه هذه التيارات أي فرصة لاتهام منافسيها بالتعاون مع نظام القذافي، فضلا عن تغليب الأجندات الحزبية على المصالح الوطنية.
وعبر عضو التجمع الفيدرالي وأحد القادة العسكريين في الثورة الليبية عبد الجواد البدين، عن تلك الأزمة، بالقول إن "الأحزاب التي لا يوجد قانون ينظمها خلال المرحلة الحالية، تبتعد كثيرا عن المطالب الأساسية للشعب الليبي وتفتقر للقاعدة الشعبية، وهو ما عزز حالة الانفلات الأمني"، متهما الأحزاب بتغليب أجندات سياسية على حساب المصالح الوطنية.
وعزا البدين في تصريحات لموقع "راديو سوا" الوضع الأمني الحالي في بلاده إلى سعي الأحزاب السياسية لسد الفراغ الذي خلفه إسقاط النظام، عبر الاستحواذ على مؤسسات الدولة وتعزيز قوتها بميليشيات موالية يطلق عليها الدروع، وهو جاء على حساب "دولة تنحاز للقانون والدستور وتقف على مسافة واحدة من جميع الليبيين".
وأيده في ذلك المحلل السياسي الليبي فضيل الأمين، الذي وصف الأحزاب السياسية الليبية بأنها "غير ناضجة" جراء عدم وجود تجارب حزبية ناجحة في ظل النظام الليبي السابق، وهو ما برز في الصراعات داخل المؤتمر الوطني وخارجه، مما استدعى بعض تلك الأطراف للاستعانة بمسلحين والدفع باتجاه سن قوانين على المستوى الوطني تتفق مع أجندتها.
وبدوره، قال الناطق الرسمي باسم رئاسة الأركان في الجيش الليبي العقيد علي الشيخي، في مقابلة مع موقع "راديو سوا" إن "التجاذبات السياسية دفعت التشكيلات التي لها طابع جهوي أو عقائدي أو تلك التي تحمل سلاحا غير شرعي إلى التحرك للاستفادة من هذا الوضع والدفع باتجاه مصالحها".
قانون مثير للجدل
يرى محللون أن تدخل المسلحين للضغط باتجاه التعجيل في إقرار قانون العزل السياسي الذي أصدره المؤتمر الوطني العام في ليبيا يوم الخامس من مايو/ أيار الجاري، شكل عاملا كبيرا في زيادة تعقيد الأزمة التي تشهدها ليبيا.
وقال فضيل الأمين، الباحث في معهد "أتلانتك كاونسل" الأميركي للدراسات، إن قانون العزل السياسي كان من أهم المواضيع التي أثارت جدلا في الوسط السياسي الليبي، قبل أن تصل إلى حد تدخل مسلحين حاصروا وزارات الخارجية والداخلية والعدل.
وأضاف أن تدخل المسلحين كان بإيعاز من جهات محسوبة على الإخوان المسلمين الذين يحاولون السيطرة على مؤسسات الدولة عبر عزل منافسيهم بتهمة صلتهم بالنظام الليبي السابق، على حد قوله.
ومضى يقول إنه في حين كان العزل السياسي مطلبا طبيعيا بعد سقوط النظام السابق من حيث المبدأ فإنه كذلك "كان ينبغي على الأطراف الاستعانة ببدائل أخرى بدلا من أن يتم سن القانون بهذه الطريقة حين شرعت الأطراف السياسية في صراعات حول من يستثني الآخر"، لينتهي المطاف بانتصار الطرف الذي استطاع استقطاب مسلحين أجبروا المؤتمر العام على سن القانون.
وقد جاءت الموافقة على إصدار القانون بعد ماراثون طويل للقانون المثير للجدل داخل أروقة المؤتمر الوطني العام وكذلك الشارع الليبي بين المؤيدين والمعارضين له.
ويقضي القانون بعزل كل من عمل مع النظام الليبي السابق منذ أول سبتمبر/ أيلول 1969 إلى 23 أكتوبر/ تشرين الثاني 2011، ومنعهم من تولي أي مناصب قيادية في الإدارة الجديدة للبلاد.
وينص قانون العزل السياسي الذي قد يقصي حوالي نصف مليون ليبي عن العمل في الإدارات والمؤسسات الحكومية على "عزل كل من أفسد حياة الليبيين السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وتولى مناصب قيادية إبان حكم العقيد الراحل معمر القذافي".
وأدى صدور القانون إلى خروج تظاهرات نددت به ووقعت اشتباكات في محيط وزارة الخارجية بين متظاهرين رافضين لقانون العزل السياسي ومسلحين مؤيدين له.
وبرغم أن إقرار السلطات قانون العزل السياسي جاء ملبيا لمطالب المسلحين، فإنهم لم ينهوا حصارهم للمؤسسات الحكومية، وارتفع سقف مطالبهم السياسية إلى حد المطالبة بإسقاط رئيس الحكومة علي زيدان.
جدل الفيدرالية
كذلك فإن الجدل حول الفدرالية بين مؤيد ومعارض لها في الأروقة السياسية وعلى مستوى المسلحين والشارع، اعتبر محركا رئيسيا في تعقيد المسألة الأمنية بليبيا، وانعكس بالتالي على الوضع الأمني في المناطق المختلفة.
ويبرر عبد الجواد البدين موقف مؤيدي الفدرالية، قائلا إنه "استحقاق دستوري قديم منذ دستور عام 51"، الذي نص على أن ليبيا دولة فدرالية.
وأضاف البدين أن المساحة الكبيرة للأرض الليبية وتركز سكانها في ثلاث كتل سكانية رئيسية في الشمال الغربي والجنوب الغربي والشرق، هي مبرر رئيسي للمطالبة بالفدرالية، معتبرا أنها "مطلب شعبي لليبيين سيما في إقليم بنغازي وبرقة".
ويتهم الداعمون لمبدأ الفيدرالية في هذا الإطار، التيارات الإسلامية بمحاولة تكريس سلطة المركز، وتوظيف الميليشيات المسلحة لتحقيق هذا الغرض، وهو ما أكده الناطق باسم رئاسة الأركان في الجيش الليبي، قائلا إن "الجيش يلاحظ دعوات متزايدة للجهوية في شرق ليبيا ومختلف المناطق وهو ما سيزيد من تفاقم الأزمة الأمنية"، كما قال.
واعتبر فضيل الأمين أن وجود أزمة سياسية بين المركز في العاصمة طرابلس، وبين الأطراف في الأقاليم الأخرى، فاقم من المشكلات الأمنية بمستويات مختلفة في تلك المناطق.
لكن أنصار الفدرالية يعتبرون أن نجاحها سيكون نهاية للوضع الأمني المتردي، سيما وأن الشعور النابع من "المناطقية" عزز الصراع الدائر بين الكتل السياسية في هذه الأزمة ودفع أطرافا مسلحة للسيطرة على مناطق بعينها.
وتزداد المخاوف من تفاقم المشكلة الأمنية عشية إعلان مجلس إقليم برقة الانتقالي، برئاسة الشيخ أحمد الزبير أحمد الشريف السنوسي في الأول من يونيو/ حزيران القادم انفصاله عن دولة المركز، وتأسيس إقليم فيدرالي اتحادي في منطقة برقة شرقي ليبيا، خصوصا وأن المجلس يحظى بشعبية كبيرة ودروع مسلحة تابعة له.
وبحسب مصادر رسمية، فقد أضحى الملف الأمني من أبرز التحديات أمام عملية الانتقال وبناء الدولة في ليبيا، وذلك بعد فشل الخطط والبرامج التي تم اعتمادها منذ تأسيس المجلس الانتقالي في 27 فبراير/ شباط 2011.
ويبدو أن المشاكل الأمنية تزداد تعقيدا مع استمرار الفشل والعجز الحكوميين جراء الخلافات السياسية، في وقت زاد فيه عدد المجموعات المسلحة والمسجلين كثوار، إذ تضاعف عدد المجموعات المسلحة عدة مرات منذ الإعلان رسميا عن تحرير البلاد وتوقف القتال في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، وفق تصريحات لوكيل وزير الداخلية عمر الخضراوي.
إذ بلغ عدد المقيدين لدى اللجنة الأمنية العليا التابعة لوزارة الداخلية نحو 143 ألفا، فيما لم تتعد التقديرات الرسمية لأعداد من حملوا السلاح ضد القذافي وخاضوا المعارك ضد كتائبه 30 ألف مقاتل، وهو ما أبرز الخلاف السياسي الذي أثر على خطط حكومة عبد الرحمن الكيب الانتقالية، والحكومة المؤقتة برئاسة علي زيدان التي أضعف الجدل السياسي من قدرتها على تطوير العملية السياسية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق