ليبيا ليست حرة!!.. هواجس أمنية وأطماع دولية
لا يزال الهاجس الأمني في ليبيا ما بعد القذافي هو المتصدر
على الساحة السياسية, ففي كل يوم جديد تطالعنا الأخبار من هنا وهناك
بانفلات امني في منطقة او أخرى من الأرض الليبية! ورغم الوعود والتصريحات
التي تصل حد المبالغة من قبل المسئولين الليبيين بشأن تحسن الوضع ألامني
إلا أن الواقع دائما يأتي عكس ذلك, فسرعان ما تنجلي الحقيقة وتتكشف للعيان
مدى هشاشة الوضع الأمني في ليبيا الجديدة. هذا الأمر يدفع إلى تساؤل فحواه:
الى متى تستمر حالة التراخي وعدم الجدية حيال الوضع الأمني؟! ولماذا لا
تعترف الحكومة الليبية بعجزها ولو النسبي في السيطرة على الأوضاع وتتخلى
عن سياسة المجاملة والتمني بتحقيق النتائج لاحقا بل وحتى اتهام الآخرين
باستعجال النتائج التي ليس ممكنا تحقيقها في وقت قصير!
ليبيا بحكم موقعها الجغرافي أولا, وثروتها من النفط والغاز
ثانيا, ومشاركة آخرين في إنجاح التغيير الذي استهدف نظام القذافي ثالثا,
ليست بمعزل عن التأثيرات الخارجية بل أنها الآن رهينة وضع دولي لا فكاك
منه. ليبيا اليوم ليست شأنا محليا داخليا فحسب, فهي شأن دولي بامتياز,
كونها تحت مظلة الفصل السابع بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973 .
ليبيا اليوم عجينة دولية مشتركة بمواصفات صناعية محددة!. فهل يدرك الساسة
الليبيون ذلك ويعون خطورة المرحلة وليتعاملوا من ثم مع هذا الوضع بكل
واقعية ومصداقية لتحقيق الحد الأدنى من السيادة الوطنية! التي قد تفتقد
كليا في أي لحظة!؟
ليبيا اليوم وللأسف ليست حرة!, فهي مكبلة بقيود دولية ليس
بآخرها الفصل السابع وقرار مجلس الأمن, ومهما حاول الواهمون التائهون خلف
سراب الأحلام تصوير عكس ذلك فهم لا يملكون من الحقيقة إلا ترديد قولة
“ليبيا حرة” فهم المغيبون سياسيا وفكريا في دهاليز السياسة الدولية التي
أخذتهم على حين غرة ليجدوا أنفسهم في مراتب عليا وهم لا يفقهون ابسط
أبجديات الحكم والسياسة! الانتهازيون المتسلقون الذين أعلنوا عن أنفسهم
بعدما تأكدوا تماما من أن القذافي قد انتهى, أولئك المغمورون الذين كانوا
يعيشون على هامش الحياة سواء في داخل ليبيا او خارجها يتدافعون اليوم بقوة
ويتبوءون المناصب العليا يتقاسمونها كتركة هزيلة تبدو في نفوسهم وكأنها
الغنيمة! متى يستفيقون من غفلتهم ويعترفون بعجزهم على قيادة المرحلة
فيتنحون طواعية احتراما لذواتهم! أم أنهم سيتمادون في غيهم حتى يجرفهم سيل
الثورة ويلقي بهم في سحيق السحيق.!
ليبيا وللأسف صيَرها ضعاف النفوس من أشباه الثوار سلعة تباع
وتشترى, ليبيا التي تبدو في عقول مرضى المناصب والمصالح مجرد نفط و دولار!
هاهي اليوم تئن تحت وطأة الجشع والطمع من سماسرة الأوطان الذين لا وطن لهم
ولا عنوان فوطنهم الدرهم والدينار وعنوانهم الصفقات والقمار! ليبيا التي
انتفض شعبها على ظلم الحاكم وقدم الأرواح فداء للحرية والكرامة حينما لاحت
فرصة الانتفاضة في 17 فبراير هاهي الآن تصرخ وتئن تحت وطأة جور وظلم يشترك
فيه بعض أبنائها مع الغرباء دون رحمة أو حياء!. ليبيا هي الآن محط أنظار
وأطماع الكثيرمن الدول في الشرق والغرب وحتى من الجيران! فهل ينتبه
الساسة؟!.
ليبيا حين تصرخ تريد أن ينعكس صدى صراخها على المخلصين
الصادقين من أبنائها أولئك الرجال والحرائر الذين لا تلهيهم تجارة أو مال
عن حب الوطن, فيتنافسون على العطاء السخي بلا حدود وبلا قيود عشقا للوطن
حتى الموت! فهل يدرك الساسة اليوم ان ليبيا ليست حرة؟! وان حرية ليبيا تكمن
في أن يجلس الفرقاء على طاولة واحدة دون تهميش او إقصاء. لازلت اوكد بأن
ليبيا لن تقوم لها قائمة بدون توافق وطني ولو على الحد الأدنى من الثوابت
الوطنية المتمثلة في سيادة الوطن ووحدته الترابية, وان التفكير في غير ذلك
سيقودنا الى ما لا تحمد عقباه! ليبيا لن تقوم لها قائمة بدون تلاحم شعبها
وتأييده, فلا مجال اليوم لمناطق ثائرة وأخرى غير ثائرة, المرحلة حرجة ولا
مجال فيها لتقسيم الليبيين بين مؤيد او معارض! ليبيا في حاجة الى وقفة عز
وكرامة من كل ابنائها دون تمييز للذود عنها وصونها وتحقيق سيادتها وحريتها
عندئذ يكون لعبارة “ليبيا حرة” طعمها الحقيقي وبريقها الجذاب!
صحيفة عين ليبيا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق