الأربعاء، 10 أبريل 2013

#ليبيا قانون رقم (35 ) بشأن العفو عن بعض الجرائم : بين ميـزان القانـون و الإفـلات من العقاب !

2013/04/10
ومن بين هذه القوانين التي أثارت جدلاً في الأوساط القانونية و الفقيه و اعتراض البعض على نصوصها على حد تعبيرهم و ما قدموه من مبررات القانون رقم (35) لسنة 2012 بشأن العفو عن بعض الجرائم و الصادر عن المجلس  الوطني الانتقالي المؤقت في 2012/5/2
والذي  نصت المادة الأولى منه على أنه
( لا تسري أحكام هذا القانون على الحالات الآتية :
1 – الجرائم المرتكبة من زوج القذافي و أبنائه وبناته أصالة أو بالتبني و أصهاره و أعوانه.
2 – جرائم الحدود متى رفعت إلى القضاء.
3 – جرائم الخطف و التعذيب و المواقعة بالقوة.
4 – جرائم جلب المخدرات و المؤثرات العقلية والاتجار بها.
 5 – جرائم تسميم المياه أو المواد الغذائية والاتجار بالأغذية والأدوية الفاسدة).
و نصت المادة الثانية على أنه ( يعفى عن الجرائم المرتكبة قبل نفاذ هذا القانون و تنقضي الدعوى الجنائية بشأنها و تسقط العقوبات المحكوم بها و الآثار الجنائية المترتبة عليها و تمحى من سجل سوابق المشمولين بهذا العفو متى توافرت الشروط التالية :
1 – في جرائم اختلاس المال العام يشترط رد الأموال المختلسة.
2 – التصالح مع المجني عليه أو وليه أو عفو ولي الدم حسب الأحوال.
3 – تسليم المحكوم عليه أو المتهم الأشياء والأسلحة و الأدوات المستعملة في ارتكاب الجريمة.
4 – إعلان التوبة أمام دائرة الجنايات المختصة).
أما المادة الثالثة منه  فقد نصت على أنه  (يلغى العفو المقرر بموجب أحكام هذا القانون إذا عاد الأشخاص المشمولين به إلى ارتكاب جناية عمدية خلال خمس سنوات من تاريخ نفاذ هذا القانون ، ويعادون للسجن لتنفيذ العقوبات المحكوم بها أو ما تبقى منها بالنسبة للمحكومين منهم ، و تستأنف الإجراءات الجنائية ضد من انقضت الدعاوى الجنائية بشأنهم طبقا ً لأحكام هذا القانون ، على أن يعلن ذلك في وسائل الإعلام المختلفة ).
بينما جاءت المادة الرابعة وحددت بأنه ( تتولى دوائر الجنايات – كل حسب دائرة اختصاصها – البت في المسائل التي تثار بصدد تطبيق أحكام هذا القانون وفقاً للقواعد العامة ) .
و أشارت المادة الخامسة إلى أنه ( لا تخل وأحكام هذا القانون بحق المتضرر في الرد والتعويض) و نصت المادة السادسة بأنه (يعمل بهذا القانون من تاريخ صدوره وينشر في الجريدة الرسمية ).
ولكن السؤال المطروح في هذا الصدد ماهي الغاية الحقيقية من صدور هذا القانون ؟و هل استفادة البعض منه ستكون على حساب الإدارات الليبية ؟ و هي سيسهم هذا القانون في مكافحة الفساد أو العكس؟ و هل من الناحية العملية يمكن تطبيقه؟ وهل هذا القانون منحة للبعض أم أنه يهدف لتحقيق الصالح العام ؟ وماهي أبعاد هذا القانون؟
هذه التساؤلات و غيرها وجدت  صحيفة لبيبا الجديدة  الضرورة الملحة لعرضها ومعرفة المزيد عنها وعن كثب فكانت لنا اللقاءات مع المختصين والقانونيين في هذا المجال .
و كانت بداية لقائنا مع مدير نيابة المدينة “عبدالباسط مرغم “ و الذي قال:  بأنه بناءً على  المادة الأولى من هذا القانون قد استثنى المشرع حالات معينة لا تسري أحكام هذا القانون عليها وقد حددت في خمسةفقرات على سبيل الحصر بحيث كان  الهدف الكامن وراء هذا القانون هو فتح صفحة جديدة أمام كل من ارتكب جريمة في السابق بأن يتخلص من آثارها الجنائية  و تمحى من سجل سوابقه متى توافرت فيهم الشروط المحدد في المادة الثانية منه .
ووضح بأنه يستفاد من أحكام هذا القانون فقط من هم ارتكبوا جرائم قبل نفاذ هذا القانون وتنقضي الآثار الجنائية المترتبة عليها إلا  أن الإشكالية  التي تبدو في هذا السياق بأنه هناك العديد من القضايا المطروحة أمام النيابة العامة أو المعروضة أمام المحاكم و التي يكون قد تحقق فيها الشرط الوارد في الفقرة الثانية من المادة الثانية إلا أنه يتعذر من الناحية العملية  تحقق الشرط الرابع وقد قمنا بتقديم مذكرة بالخصوص و اقترحنا بأن يكون إعلان التوبة أمام الجهة المختصة  .
وأضاف (مرغم) بأن المادة الرابعة لم تكون المقصودة من المذكرة التي قدمت بشأن التعديل التشريعي الذي حصل فالإشكالية المتعلقة بإعلان التوبة  تبدو بأنها تتعارض مع مبادئ العدالة والإنصاف حيث أنه من الأجدى أن يكون إعلان التوبة محدداً في القضايا المحكوم فيها
بالإدانة .
و يعتقد بأن القضايا التي لا زالت رهن التحقيق أمام النيابة العامة أو أمام دوائر الجنايات والتي لم تصدر بشأنها أحكام نهائية  بالإدانة فإن إعلان التوبة فيها ينافي قواعد العدالة باعتبار (أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي) .
أما في هذه الحالة يظهر بأن المشرع قد شمل في أحكام هذا القانون  الأشخاص  الذين لا يزالون رهن التحقيق من أن يعلنوا التوبة وأن يقروا بذنبهم و من المعلوم بأن المتهم بريء فكيف نطلب منه إعلان التوبة عن فعل قد يكون هو برئ منه .
وأشار بأن هذا القانون قد راعى في مادته الثانية الفقرة الأولى منه مصلحة المجتمع و تحقيق الاستقرار الاجتماعي و المالي  حيث اشترط للإعفاء من هذا القانون رد الأموال المختلسة و غير ذلك من الشروط التي وردت في المادة الثانية .
من جهة أخرى رأى (مرغم) أن هذه الشروط عقدت من تطبيق هذا القانون باعتبار أن إعلان التوبة أمام دائرة الجنايات المختصة جعل الكثير من القضايا المعروضة أمام النيابة العامة لا تتحرك لعدم استجابة المتهمين أو عدم علمهم  بهذا القانون وشروطه و أحكامه .
و أكد الدكتور “محمد رمضان بارة ” عضو هيئة تدريس بكلية القانون بجامعة طرابلس ـ بأن هذا القانون يعتريه  قصور، خاصة  في نص المادة الثانية منه و التي نصت على أنه (تسقط العقوبات المحكوم بهاو الآثار الجنائية المترتبة عليها وتمحى من سجل سوابق ….)  وواضح من نصوص هذا القانون أنه  ينص على الإعفاء عن الجريمة ولكن من الخطأ  أن ينص على أن تمحى كل آثارها القانونية عنه بمعنى أن يسمح له بالعودة إلى سابق عمله .
و يعتبر (بارة) بأن مسألة رد الأموال المختلسة هو من الأشياء الإيجابية التي جاءت في نصوص هذا القانون  حيث أن هذا القانون  يفتح مجالاً للتوبة ورد الأموال المنهوبة إلى الدولة .
وأشار في معرض حديثه إلى  القانون (38) الخاص ببعض الإجراءات الخاصة بالمرحلة الانتقالية و التي نصت  في المادة (4) على أنه ( لا عقاب على ما استلزمته ثورة السابع عشر من فبراير من تصرفات عسكرية أو أمنية أو مدنية قام بها الثوار بهدف إنجاح الثورة أو حمايتها ) ورأى أن هذا القانون ظهر لحماية الثورة و محاولة حماية تصرفات الثوار من العقاب و اعتبر محاضرهم بشأن الوقائع و سماع شهادة الشهود و أقوال المحتجزين من أعوان النظام السابق حجية محاضر جمع الاستدلالال التي يجريها مأمور الضبط القضائي .
و اعتبر عضو المؤتمر الوطني عن اللجنة القانونية “عبدالحفيظ محمد الدائخ” أن هذا القانون من استحقاقات المرحلة الانتقالية التي مرت بها ليبيا قبيل الثورة .
ونوه  بأن هذا القانون يؤخذ عليه العديد من المآخذ و من بينها أنه نص على أنه يعفى عن الجرائم المرتكبة قبل نفاذ هذا القانون و لم يوضح بشكل دقيق حدود الفترة الزمنية السابقة على هذا القانون و بالتالي يفهم من نصوصه أنه يستفاد منه بشكل عام كل من ارتكب جريمة قبل هذا القانون ما لم يكن ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة الأولى منه .. كما أضاف بأنه أورد  في المادة الثانية منه العديد من الشروط و لكن من وجهة نظري القانونية نلاحظ بأن الفقرة الأولى من المادة تعتبر حالة وليس شرطاً  وفقاً للمفهوم القانوني .
وأشار (الدائخ)  بأن هذا القانون كان من الأجدى به في البداية أن يحدد في نصوصه الفئة المستفادة من هذا القانون و أن تحدد فيه الفترة الزمنية وأن يكون هناك تنسيق مع قانون الخدمة المدنية لتلافي أي تعارض .
وأكد “محمد الهادي الحراري “رئيس اللجنة العليا لإدارة بني وليد بأن هناك العديد من الإشكاليات التي تعتري قانون رقم (35) و تتمثل هذه الإشكاليات إذا ما تم تحليل نصوص هذا القانون و في البداية نبدأ بالمادة الثانية من هذا القانون  و التي نص في فحواها ( يعفى عن الجرائم المرتكبة قبل نفاذ هذا القانون ….) و ما يعتريها من قصور تشريعي ، حيث يتضح من خلال هذه المادة أنها ظهرت لفتح صفحة جديدة أمام كل من ارتكب جريمة قبل نفاذ هذا القانون .
ونوه (الحراري)  بأن هذا القانون يعتريه الكثير من الأخطاء التشريعية والقانونية و قد كان ذلك جلياً من خلال نصوص مواده و التي لم يسهم في وضعها فقهاء القانون ممن هم على خبرة و دراية بصياغة النصوص القانونية الدقيقة و الخالية من العيوب التشريعية و الإجرائية .
و أجاب على تساؤلنا حول هل يحتاج هذا القانون لأي تعديل في نصوصه ؟ بأنه يجب على كل الفقهاء و القانونيين بأن يقدموا مذكرات واضحة حول هذا القانون و ما يعتريه من قصور و خلل تشريعي للمؤتمر الوطني لتلافي أية أخطاء أو آثار  تنتج عن هذا القانون .
و أشار “عبدالوارث محمد المسوري” عضو هيئة التدريس بكلية القانون درنة إلى أن هذا القانون قد ظهر نتيجة لظروف معينة مرت بها ليبيا ولهذا ارتأى المجلس إصدار مثل هذا القانون للإعفاء عن بعض الجرائم المرتكبة قبل نفاذه .
و يعتبر (المسوري) أن هذا القانون  و إن حقق بعض النتائج الإيجابية في الإعفاء عن بعض الجرائم و التي كانت مشروطة وفقاً لنص المادة الثانية منه إلا أن ما يعتري نصوصه  من قصور أصبح يشكل ثغرات قانونية استغلها البعض للتحايل على القانون و الاستفادة منه مما يجعله بعيداً كل البعد عن الهدف الحقيقي من إصداره .
ويري أنه لابد من تدخل تشريعي جديد لدراسة هذا القانون و العمل على إعادة صياغة و تقنين نصوصه لتلافي أي قصور في هذا القانون .
رصد وتصوير : أمل نورالدين 
ليبيا الجديدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق