القاهرة، 25\3\2013 الاناضول : كشف سفير ليبيا الجديد في مصر
محمد فايز جبريل عن طموح بلاده لإنشاء منطقة تجارة حرة مع مصر تساهم في
تنمية البلدين.
وفي مقابلة خاصة مع مراسلة وكالة الأناضول للأنباء، تحدث
جبريل عن أهمية العلاقات “الإستراتيجية” بين مصر وليبيا و”دخولها منعطفًا
جديدًا”، مشددًا على أهمية “التعاون السياسي والاقتصادي مع مصر” و”الحفاظ
على أمن ليبيا” الذي يقتضي تسليم رموز نظام القذافي (الرئيس الليبي السابق
معمر القذافي) المتواجدين في القاهرة إلى طرابلس.
وكشف السفير الجديد أن ليبيا “ترتب لفتح قنصلية في مرسى مطروح
(أقصي شمال غربي مصر على الحدود مع ليبيا) تسهل منح تأشيرات الدخول
للمصريين الذين لهم أعمال تجارية يومية في ليبيا” ويدخلونها عن طريق البر.
وأكد حرص ليبيا على دعم مصر مثلما تفعل العديد من الدول
العربية وقيامها في هذا الصدد بإمداد القاهرة بالوقود، كما أشار إلى أن
الحكومة الليبية تعتزم ترميم الكنيسة المصرية القبطية بمصراته (شرقي
طرابلس) التي تعرضت لانفجار أواخر العام الماضي، ورد الاعتبار لكل مصري قد
يكون حدث معه تجاوز خلال التحقيق في أحداث بليبيا ومحاسبة المسؤولين عن
ذلك.
وإلى نص الحوار:
* نبدأ بالقضية التي تزامنت مع
توليكم المنصب الجديد، وهي القبض على أحمد قذاف الدم وآخرين، هل تعتبرون أن
تسليمه للسلطات الليبية تأخر؟
بداية
نحن طلبنا القبض على قذاف الدم من خلال مذكرة أرسلناها من قبل للبوليس
الدولي (الإنتربول)، الذي استجاب بالفعل، ووضعه على القائمة الخاصة بالنشرة
الدولية للمطلوبين، وعادة لا يستجيب البوليس الدولي لأي طلب إلا إذا
استوفى الشروط الدولية، وهذا يعني أن المذكرة القانونية قد استوفت الشروط
وبموجبها تحرك الإنتربول.
كما أننا نعرف أن التأخر وراءه محاولات لعرقلة التسليم من
خلال الدفع بمجموعة من الطعون حول سلامة الاجراءات لتأخير التسليم وإرباك
المشهد.
* وما هي الأطراف التي تقف وراء عرقلة تسليمه من وجهة نظركم؟
تلك الأطراف باختصار هي أحمد قذاف الدم نفسه والصلات الخاصة
به والتي تدير شبكة من الأعمال الضخمة الكبيرة، فكلنا يعلم أن قذاف الدم
استغل منصبه كمسؤول عن العلاقات الليبية المصرية سابقا وكون كثير من
العلاقات الخاصة.
* التهم الموجهة لأحمد قذاف الدم، هل هي سياسية أم جنائية بالأساس؟
لا يوجد خلاف سياسي مع قذاف الدم، وإنما هي ثورة ضد الطغيان والفساد في عهد النظام السابق.
* هل تتوقع الإفراج عن قذاف الدم قريبا؟
نحن نأمل تسليم قذاف الدم قريبا، وعلى مستوى الشعب الليبي
فإنه يطالب بتقديم كل من انتهك حقوقه وأضر بمصالحه ومسيرته الحضارية خلال
العقود الأربعة الأخيرة للمحاكمة، وأقول صادقاً إنني لا أتصور أن الأمر
سيطول كثيرا، فخارج الحسابات القانونية، الله الذي نزع السلطان من القذافي،
الطاووس الذي ظن أنه سيحكم ليبيا ومن بعده أبناؤه بجبروته وعلاقاته وكل
أمواله التي جندها لخدمته، هو سبحانه الذي سينزع كل حصانة يعتقد البعض أنها
تحميه من المساءلة.
* هل قدمتم تعهدات بمحاكمة عادلة لقذاف الدم؟
لابد من القصاص العادل وليس شهوة الانتقام ممن حكمنا أو أضر
بنا، إنما هي رسالة نرسخ فيها أن القانون فوق كل شيء، وأن من يسيء الى شعبه
وينهب امواله لن يفلت من العقاب، والمحاكمات العادلة هي الاساس في ذلك.
ووزارة العدل مشغولة الآن بترتيب الكثير من الامور المتعلقة
بالمحاكمات وتأمين السجون، خاصة أن سجون القذافي وجدناها غير صالحة لإيواء
السجناء، ونحن نجد أنه من المحرم وضع هؤلاء المساجين الذين كانوا السجانين
من قبل في هذه السجون غير الآدمية، إنسانيتنا ترفض ذلك.
ففي البداية قامت كتائب ثوار بتحويل مقرات حكومية مؤقتة لسجون
حتى يتم بناء غيرها، والآن تم تجهيز بعض المباني الاخرى التي استخدمتها
الدولة للمساجين وتخضع حالياً للمنظمات الدولية لحقوق الانسان وإشراف وزارة
العدل الليبية.
* هل طلبتم تجميد أموال قذاف الدم؟
نحن طلبنا تجميد جميع الاموال لكل المسئولين السابقين الذين
هربوا خارج البلاد، فعملية استرجاع الأموال وملاحقتها تقوم بها جهات متخصصة
ودولية لكي نضمن عودة تلك الحقوق عبر المهنية العالية وعبر التشريعات
الدولية للشعب الليبي.
* وماذا عن استثمارات قذاف الدم في مصر؟
نحن جادون في الحفاظ على الاستثمارات الليبية وتوظيفها للغرض
الذي يحقق النفع للشعبين الليبي والمصري، ولكن الأموال المهربة حتى وإن
وضعت تحت مسميات مختلفة وتم التلاعب فيها فهناك شركات كبيرة متخصصة سوف
تأتي إلى مصر وتتعقب كل فلس أو درهم أو سنت خرج من خزينة المال العام
الليبي.
* هل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وطرابلس مطروح في الفترة القادمة؟
بالتأكيد، ومطروح أكثر من ذلك حقيقة.. فحينما نتحدث عن مصر لا
نتحدث عنها بكونها دولة تقع جغرافيا شرق ليبيا، ولكن علاقتنا مع مصر علاقة
حيوية واستراتيجية ولا تقبل المساس ولا يقبل باي حال من الاحوال أن يشوب
هذه العلاقة اي عبث.
وأي مسؤول يعبث بهذه العلاقة أو يحاول التلاعب بها أو إخراجها
من السياق الاستراتيجي، سوف يتم اقصاءه وبسرعة، هذا ما استقر في ضمير
القادة السياسيين في ليبيا، وما استقر في ضمير صناع القرار.
* هناك تقارير إعلامية ولدى
أيضاً معلومات من مصادر حكومية ليبية ومصرية عن وديعة ليبية تتراوح بين2-3
مليار توضع في البنك المركزي المصري، ما مدى صحة هذه المعلومات؟
صحيح، هناك خطوات ومباحثات. وليبيا بصدد وضع وديعة تقدر ب 2
مليار دولار بفوائد بسيطة يتم نقلها من البنك المركزي الليبي لنظيره
المصري، بالإضافة إلى تدخل سريع لحلحلة قضية نقص الوقود في مصر.. والبقية
تأتي.
ورغم أننا حكومة مؤقتة،
ومن الناحية القانونية غير مخولة لاتخاذ مجموعة من الاجراءات وفتح سبل
التعاون، لكن نوايا المؤتمر الوطني (البرلمان الليبي) والحكومة تشير إلى
أنهم مستعدين يتخطوا ذلك ويتحملوا المسؤولية التاريخية، فنحن نريد ان نؤسس
العلاقات مع مصر من الآن بحيث تجد الحكومات المتعاقبة فيما بعد ركيزة
اساسية في التعاون المستدام بين الدولتين والمصالح المشتركة بعيداً عن ما
يسمى صفقات، فليبيا لا تقل في حرصها على مساعدة مصر عن دول عربية ودول اخرى
اتخذت خطوات فعلية في ذلك.
* جئت إلى القاهرة سفيرا، ولم نعلم بعد ما الرسالة التي حملتها معك؟
جئت أحمل ما قاله لي رئيس الحكومة المؤقتة علي زيدان، حيث
أشار إلى أننا نتحمل كل شيء ونضع على رقابنا مسؤوليات كثيرة من اجل مصر لكن
القضية الاخرى المهمة امن ليبيا ايضا، الامن والاستقرار مرتبط برابط
اساسي، فلابد للعلاقة ألا تكون من طرف واحد، وألا تكون فقط كلام، وإلا
سيكون الامر فض مجالس، ونحن نريد أن يتحول إلى إجراءات.
* وماذا عن تعزيز العلاقات في الوقت الذي رحلت فيه السلطات الليبية أكثر من 600 عامل مصري؟
لنكن صرحاء، توجه دائماً الاتهامات لليبيا عن تهريب السلاح،
وكتائب الثوار مهمتها مراقبة الطرق والصحاري والرغبة والحماسة الوطنية
تحركهم في بعض الاحيان، وهناك بلاغات من اللجنة الامنية العليا بالقبض على
اي شخص موجود لا يحمل تأشيرة دخول طالما دخل متسللا، إذ يتوقع أنه يعتزم
تهريب سلاح أو مخدرات، وترحيل هؤلاء العمال جاء في هذا السياق، وهو ليس
موجها لمصر، فهناك أيضا تشادين ونيجيريين تم ترحيلهم.
* نريد أن نطلع منك على تفاصيل ما حدث في كنيستي مصراتة وبني غازي؟
أولاً أحداث كنيسة مصراته لا علاقة لها بالأقباط، فالحادثة
سببها مجموعة من الصيادين الذين يقومون باستخراج مادة الـ”تي ان تي” من
القذائف المتناثرة هنا وهناك من بقايا الثورة والمواجهات، ليستخدموها فيما
بعد، وفي إحدى هذه المرات ما إن قاموا بفك المادة حدث الانفجار وأدى إلى
وفاة الحارس القبطي.
أما بالنسبة لبني غازي فالأمر متعلق بسيدة لديها ابنة شابة في
مقتبل العمر ظنت ان ابنتها اصابها جن وقالوا لها انه جن مسيحي لا يخرج إلا
بالذهاب لقس، وعندما ذهبت له اعتذر لها انه لا يعرف شيء عن هذه المسائل،
بعدها بأيام اختفت الفتاة، والتحقيقات وجدت رقم هاتف قس أخر رقم اتصل
عليها، فألقوا القبض عليه، لكنهم بالنهاية أفرجوا عنه في نفس اليوم.
من ناحية أخرى اكتشفنا مجموعة فيها كوريين جنوبيين ومصريين
يمارسون التبشير بالمسيحية، هكذا هي التهمة، رغم أني أعرف أن الأقباط لا
يمارسون التبشير خاصة في ليبيا، لكن الناس ربطت بين هذه المجموعة وحرق
كنيسة بني غازي، وأنا أقول أن مجموعة الأقباط التي ضبطت منفصلة تماماً عن
أحداث الكنيسة.
* هل تتوقعون الإفراج عن المصريين المتهمين بالتبشير قريبا؟
لا علم لي، لكن كما فهمت من سير التحقيقات أنه ليس هدفها
إدانة الأقباط المصريين وإنما البحث عن الكوريين بالدرجة الأولى، وما
علاقتهم بهم.
* هل تتعهد السلطات الليبية بترميم كنيسة مصراتة؟
نعم.. شيء طبيعي أن ترمم كنيسة مصراته وأن يرد الاعتبار لكل
شخص ربما حدث معه تجاوز في عملية التحقيق، ومحاسبة المسئولين عن ذلك ، وما
أريد أن اؤكده، أنه ليس هناك اتجاه في لبيا ضد الاقباط، بالعكس؛ هناك اتجاه
في المستقبل القريب لفتح المزارات المسيحية المعروفة لدينا مثل وادي مرقس،
ووادي الإنجيل أيضا، وهي أماكن مقدسة لدى الإخوة الأقباط.
* متى تفتحون تلك المزارات؟
حينما تستقر الامور قليلا في ليبيا وحين يكتمل بناء قوات الشرطة والجيش.
*ما طبيعة العلاقة مع قبائل
أولاد علي المصرية (يتمركز معظمهم في محافظة مطروح قرب الحدود مع ليبيا)
والتي ينتسب إليها قذاف الدم من جهة والدته، وهددت بإغلاق الحدود إذا لم
تحل أزمته؟
أولاد علي كانوا ومازالوا وسيبقوا إلى يوم الدين لا يتأثرون
بشخص، أما العناصر التي تتحرك الآن فقد دُفِعْ لها وكانت أبواق للقذافي،
ولدينا أشرطة وقوائم من كانوا يلتقون بالقذافي داخل خيمته ويلقون القصائد
العصماء في حضرته.
أما أولاد علي فنحن نعرفهم عبر مسيرة نضال كبيرة، ضد
الفرنسيين، أولاد علي قبائل مازالت وفية كما هي لحاضرها وتاريخها، أما
أولئك الذين يهددون، فهم بوقة مدفوعة الثمن لا قيمة لها ولا تؤثر على
العلاقات الليبية المصرية على الإطلاق.
*ما هي التسهيلات المقدمة لقبائل أولاد علي فيما يخص التأشيرات؟
كان هناك استثناء لأولاد علي، بموجبه يدخلون ويخرجون بدون
تأشيرة، لكن مع كثرة الاحتجاجات والمخالفات والتهريب عبر الحدود، وليس فقط
السلاح، ولكن ايضا المواد الغذائية المدعومة، تم إلغاء هذا الاستثناء.
وقامت السلطات بمجموعة من الاجراءات العاجلة بإعطاء تأشيرات
متعددة وصالحة لكن لا تزيد عن 10 أيام وكل 10 ايام لابد ان تجدد، بحيث لو
هناك مخالفات يمنع هذا الشخص من السفر، وإذا كانت اموره عادية تمدد
التأشيرة إلى 3 و6 أشهر.
الترتيب سيكون مريحا وسنراعي فيه طبيعة المنفذ الحدودي، وهناك
مصالح صغيرة ومهمة مشتركة للطرفين سنقدرها وسنعمل على وضع استثناء خاص
بها.
*هل هناك ترتيبات خاصة لهذا الوضع من الجانبين الليبي والمصري؟
نعمل لإقامة قنصلية في مرسى مطروح لتسهيل استخراج التأشيرات،
أما من الجانب المصري فالأمر متروك له، ولكن أعتقد أنه سيفتح قنصلية في
طبرق لأن هناك مواطنين مصريين سيحتاجون الى خدمات مماثلة.
*هل يعني هذا اننا سنشهد منطقة حرة بين البلدين قريبا؟
لدينا طموح بالفعل لإنشاء منطقة حرة بين ليبيا ومصر تبدأ من
العلمين (غرب مصر) إلى طبرق (شرق ليبيا)، تقدم مثلاً جيدًا للتعاون بين
البلدين، وهناك مشاريع كثيرة في الطريق وليس ذلك للدعاية والاعلان بل ذلك
من أولويات ركائز بناء علاقات صحيحة تحديدا في مناطق الحدود، حيث تتشابه
البيئة والانسان من حيث اللهجات والعادات والتقاليد والانتماء ايضا، فإذا
كانت الدولة الوطنية الحديثة قد فرقت بين مصر وليبيا لكن العلاقات والتعاون
ستعيد المياه إلى مجاريها.
هاجر الدسوقي
القاهرة – الأناضول
القاهرة – الأناضول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق