مع توالي الذكرى
الثانية لثورات الربيع العربي في تونس ثم مصر، مرورًا بليبيا يوم 17 فبراير
الجاري، تستضيف باريس مؤتمرا دوليا يبحث في صلبه مسألة دعم الجماهيرية
السابقة في بناء مؤسساتها الأمنية والقضائية.
ويأتي المؤتمر أيضا
كإحدى تداعيات قضية مالي، التي جاءت الحرب عليها في مصلحة دول أفريقيا
الشمالية، ومن بينها ليبيا التي بدأت جديًا التعاون مع المجتمع الدولي في
مجال ضبط حدودها ومراقبتها.
يعقد المؤتمر،
الثلاثاء، ولمدة يومين، على مستوى وزراء الخارجية، قبل يومين من إحياء
الليبيين للذكرى الثانية لانطلاق ثورتهم. مناسبة تخشاها السلطات الليبية،
حيث تسود المخاوف من اندلاع مظاهرات تُحضر لها مجموعات مسلحة. من هنا تأتي
أهمية المؤتمر الذي يسعى – تحديدا - لمساعدة المؤسستين الأمنية والقضائية،
بحسب عنوان المؤتمر.
ويواجه بناء مؤسستي
الجيش والأمن صعوبات كبيرة في ليبيا مع استمرار بعض التشكيلات المسلحة،
وبقاء السلاح منتشرًا، كما أن ليبيا لم تتقدم في مسيرة إعادة الإعمار وهي
تحتاج لبناء كل مؤسسات الدولة.
الشق الأمني من المؤتمر
سيتناول، بحسب مصدر دبلوماسي مطلع، «تدريب عناصر الشرطة ورجال الأمن
ومساعدة الجيش في تحمل مهمة حفظ أمن الحدود، ومراقبتها». وقال المصدر
الفرنسي لـ«المصري اليوم» إن هذا الأمر يهم العديد من الدول، خاصة بعد
أحداث مالي وتدفق السلاح والمسلحين من ليبيا إلى مالي. وأوضح أن «الشق
الآخر سيتناول المساعدة في ميداني العدل والقضاء».
ومن الدول المشاركة في
المؤتمر: بريطانيا، الولايات المتحدة، الدنمارك، إيطاليا، إسبانيا، الاتحاد
الأوروبي، الاتحاد الأفريقي، تركيا، مالطا، مع احتمال مشاركة ألمانيا،
الأمم المتحدة، الإمارات العربية المتحدة، قطر، واتحاد المغرب العربي
والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي.
ومن المتوقع أن يتم
التوقيع على عدد من مشاريع التعاون الأمني والاقتصادي في ميادين التدريب
والتجهيز وقطاعات الصحة والنقل والاتصالات. ويضم الوفد الليبي المشارك
وزراء ونواب وزراء الخارجية والدفاع والداخلية والنفط.
وذكر المصدر أن «ليبيا
هي التي طلبت من العاصمة الفرنسية استقبال وتنظيم هذا المؤتمر، ما سيشكل
انطلاقة سياسية تنبثق عنها مجموعات عمل تقنية»، على حد قوله. ولفت المصدر
إلى أن ليبيا «وصلت إلى مرحلة مهمة، إذ يتعين على الحكومة مواجهة تحديات
صعبة، تتطلب منها البرهان على قدرتها على تحمل مسؤولياتها الأمنية، خاصة في
ظل الأوضاع في المنطقة وتداعيات الوضع في مالي».
وستعقد، على هامش
المؤتمر، لقاءات عمل جانبية لبحث ملفات التعاون في مجال الاتصالات، والصحة،
والنفط. ويندرج ذلك في إطار سعي فرنسا لتنشيط «دبلوماسيتها الاقتصادية».
وسيكون لنائب وزير الداخلية لقاءات مع وزارتي الداخلية والدفاع «في إطار
برنامج قيد التحضير، يسمح للأطراف بتبادل وجهات النظر حول الأمن الإقليمي
لمساعدة ليبيا في تحسين وضعها وبدء مسيرة إعادة إعمار البلاد. فورشة البناء
لم تتقدم، على عكس المسيرة السياسية».
وتعتبر فرنسا أن ليبيا
بحاجة لوضع أسس ومقومات دولة القانون عبر بناء كل المؤسسات، فحتى الآن،
الميليشيات هي التي تتولى الأمن في العديد من القطاعات، إضافة إلى تدهور
الوضع في بنغازي، ما استدعى سحب التواجد الفرنسي في المدينة. كما ظهرت
الكثير من المخاطر خلال الخريف، إذ لم يتمكن المجلس الانتقالي، عقب سقوط
نظام معمر القذافي، من جمع السلاح الذي انتشر أثناء الثورة، وهو ما تأخذه
فرنسا في عين الاعتبار.
وأضاف المصدر أن اغتيال
السفير الأمريكي في بنغازي «عكس هموم المجتمع الدولي»، وهو ما جعل ليبيا
تتجاوب مع تلك الهموم وتقر بصعوبة الوضع وتعتزم تحمل مسؤولية الأمن من خلال
التعاون الجاد مع المجتمع الدولي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق