المنارة
هذه الورقة هي عبارة عن مقترح لرؤية
قانونية للمعايير والضوابط الواجب أن تتوفر في المرشح لعضوية اللجنة
التأسيسية لوضع وصياغة الدستور (لجنة الـ 60)، أضعها بين يدي الليبيين عامة
وصناع القرار منهم على وجه الخصوص، أهدف من خلالها إلى تجاوز العيوب
والإشكاليات التي صاحبت التجربة الانتخابية الأولى عند اختيار أعضاء
المؤتمر الوطني العام, منطلقا من القاعدة التي تقول: “لا تكتب الدساتير
عنوة من فريق دون آخر ولا في الظلام خدمة لمصلحة مؤسسة دون أخرى”؛ كيف وقد
خاض الشعب الليبي ثورة ضحى فيها بأبنائه وفلذة أكباده, وقدم فيها شباب
ليبيا مهجهم رخيصة، وضحوا بمستقبلهم الواعد، وكان باعث الجميع في كل ذلك
القضاء على الظلم والجور والطغيان والرشوة والمحسوبية وغيرها من أصناف
الفساد.
ولذلك يتفق جميع المتخصصين في صناعة
الدساتير بضرورة أن تعكس مسودة الدستور كافة التطلعات التي يسعى إليها كل
مجتمع يهدف لوضع عقد اجتماعي تحدد فيه صلاحيات الحاكم والمحكوم. ولهذا فإن
عملية صنع الدستور هي من الأهمية التاريخية بمكان؛ لأنها تتطلب إيجاد أعلى
مستويات التوافق الوطني، ولا بد أن تتميز بالحكمة والمسؤولية، بعيدا عن
الحسابات والمكاسب الوقتية الضيقة لأي عملية انتخابية.
وبناء على ما تقدم فإن مسألة كتابة مسودة
الدستور هي صناعة، يجب أن تتوفر لها أدواتها ومحترفوها من القادرين على صقل
هذا التوافق في قواعد دستورية، تحظى بقبول الشعب بكل فئاته وأعراقه
وأطيافه السياسية، بغض النظر عن وزنها الانتخابي أو الحزبي, وبعبارة أخرى
فإن المرشح لعضوية السلطة التأسيسية يجب أن يكون من المحترفين، وأن يعلم أن
مسألة صناعة الدستور يجب ألا تستند إلى الواقع الانتخابي الآني، وأنه يجب
الأخذ في الاعتبار التحولات المستقبلية المحتملة؛ ولهذا السبب تكتسب مسألة
وضع المعايير والضوابط لانتقاء المرشحين أهمية بالغة (عند الإعداد لقانون
انتخابات لجنة الـ60)؛ لما لها من تبعات هائلة على مستقبل الحياة في
المجتمع؛ باعتبار أن قواعد العقد الاجتماعي (الدستور) تميل نحو الاستقرار
والديمومة.
ونظرا لأن المادة 30 من الإعلان الدستوري
الليبي المؤقت اقتصرت على بيان الانتخاب كآلية قانونية لتشكيل السلطة
التأسيسية دون بيان طرق ممارسة هذه الآلية أو بيان المعايير والضوابط
الواجب توافرها في المرشحين (اكتفت فقط بالنص على أن يكون تشكيلهم من خارج
المؤتمر الوطني العام)، فإن ذلك سيفتح المجال أمام باب الاجتهاد – وربما
الخلاف – حول المعايير والضوابط الواجب توفرها في عضوية هذه السلطة، وفي
طرق ممارسة العلمية الانتخابية بشأنها.
وبناء على ما سبق فإننا نقدم هذا المقترح محاولة لسد الفراغ التشريعي الحاصل في المادة المشار إليها أعلاه.
وسيكون الحديث ذا شقين، الأول عن المعايير
والضوابط الواجب توفرها في عضوية لجنة الـ 60، والثاني عن آلية إجراء
انتخابات أعضاء هذه اللجنة.
أولا: المعايير والضوابط الواجب توفرها في عضوية لجنة الـ 60:
يقصد بالمعايير والضوابط الشروط الواجب
توفرها في المرشح لعضوية السلطة التأسيسية. وبادئ ذي بدء نقول: يتفق جميع
الخبراء من القانونيين والمحللين السياسيين بشكل عام على ضرورة أن يتحلى
أعضاء السلطة التأسيسية بالاستقلالية والحكمة والمسؤولية, وأن يتم اختيارهم
بعناية، وأن يمثلوا كل الأطياف حتى يخرج الدستور معبرا عن كافة فئات الشعب
وطوائفه. إلا أنه وبسبب أن لكل مجتمع خصائصه وظروفه التي يتميز بها عن
غيره من المجتمعات فإنه لا توجد معايير وضوابط عامة تصلح للتطبيق في كل
المجتمعات لتشكيل السلطات التأسيسية, وإنما يتوقف تحديدها تبعا للظروف
والخصائص المحيطة بكل مجتمع على حدة. وبنظرة متمعنة في التجربة الانتخابية
الأولى في ليبيا يمكن استخلاص بعض المعايير والضوابط التي تتناسب مع خصائص
وظروف الحالة الليبية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ودينيا وثقافيا, ولعل
أهمها ما يلي:
1- عدم الانتماء لأي كيان سياسي:
بالنظر إلى أن الشعب الليبي حديث عهد بالحياة السياسية القائمة على التعدد
الحزبي والكيانات السياسية, ولا توجد في ليبيا قوى سياسية تقف على أرضية
شعبية صلبة وواسعة تُؤخذ في الاعتبار عند كتابة الدستور الليبي, فإنه يفضل
أن يتم النص صراحة عند وضع معايير وضوابط الترشيح لعضوية السلطة التأسيسية
على استبعاد المنتمين للكيانات السياسية والحزبية والانتماءات
الآيديولوجية, إذ سيساعد ذلك السلطة التأسيسية على وضع دستور يعبر تعبيرا
صادقا عن تطلعات الشعب الليبي بعيدا عن كل هوى حزبي أو سياسي, لاسيما وأن
التجربة الانتخابية الأولى أثبتت أن السماح للكيانات السياسية – حديثة
العهد بالسياسة في ليبيا – بالمشاركة في عضوية المؤتمر الوطني العام قد
أفسد الحياة السياسية في ليبيا, حيث انتقلت بصراعها الآيديولوجي إلى
المؤتمر وغلبت بذلك مصالحها الحزبية على مصالح الشعب, الأمر الذي زعزع ثقة
الشعب الليبي بالمؤتمر.
فلكي تتم عملية صنع الدستور بنجاح يجب أن
تقوم على أساس من تعميق الثقة بين كل فئات وشرائح وطوائف الشعب الليبي وبين
أعضاء السلطة التأسيسية, ولتحقيق هذه الغاية لابد من استبعاد كل ما من
شأنه زعزعة هذه الثقة, وأهمها استبعاد الكيانات السياسية التي كانت سببا في
زعزعة ثقة الشعب بالمؤتمر في التجربة الانتخابية السياسية الأولى عقب
الثورة.
وبمعنى أخر يُفضل أن لا تبنى المعايير
والضوابط على خلفية تنافس سياسي يتسم بالشراسة والعداء والدعايات القاسية
المتبادلة, لأن ذلك سيفتح الباب لجملة من الاعتراضات والصراعات أثناء عمل
السلطة التأسيسية, وهو ما سيدفع بالسلطة للخروج عن المسار الصحيح لوضع
دستور توافقي وذلك بسيطرة اتجاه معين على صياغة مسودة الدستور.
كما أن فتح المجال أمام النقابات والروابط
المهنية وغيرها سيفتح المجال أيضا أمام الاعتراضات والصراعات على نحو
يعرقل عمل السلطة التأسيسية, لاسيما وأنه لا توجد في ليبيا نقابة أو رابطة
تمثل مهنة تلعب دورا أساسيا في الاقتصاد الليبي على شاكلة الاتحاد التونسي
للشعل في تونس أو نقابة الفلاحين في مصر؛ لاعتماد الاقتصاد الليبي كليا على
النفط الذي تتولاه شركات أجنبية عبر عقود امتياز نفطية.
والخلاصة, يستحسن للحالة
الليبية استبعاد ممثلي الكيانات السياسية والنقابات والروابط المهنية, بل
ينبغي أن يكون المرشحون ممثلين عن الشعب الليبي جميعا ككل واحد, وليس
ممثلين لحزب أو أيديولوجية، أو لحماية مصالح ضيقة لفئة مهنية معينة, لضمان
أن تتوفر الاستقلالية التامة لعضو السلطة التأسيسية.
2- التمتع بالمكوّن التقني والفني: سبقت
الإشارة إلى أن مسألة وضع الدستور هي في الحقيقة صناعة يجب أن يتوفر لها
أدواتها ومحترفوها, وهذا يعني أنه لابد أن تتوفر الخبرة الفنية والتقنية في
المرشح، التي تمكّنه من إتقان هذه الصناعة على أكمل وجه, فيجب أن يكون
المرشح على دراية كاملة بأن صناعة الدستور هي مسألة شرعية وقانونية وسياسية
واقتصادية واجتماعية، تتعلق برسم العلاقات بين الحاكم والمحكوم، وتهدف
لحماية حقوق الإنسان, ولذلك ينبغي أن يكون المرشحون متخصصين في علوم
القانون والشريعة والاقتصاد والعلوم السياسية والاجتماعية؛ فإن هؤلاء – في
تصوري – هم الأقدر على إقامة دراسة ورؤية معمقة لكل تطلعات الشعب الليبي,
وهم قادرون فنيا على استيعاب المطالب المتعارضة لكل فئات وأعراق وأطياف
الشعب الليبي, بسبب اتصال تخصصهم بمفهوم الدولة كظاهرة اجتماعية، وككيان
قانوني يتمتع بشخصية قانونية في القانونين الداخلي والدولي, وبسبب اتصالهم
بالفقه الدستوري والنظم السياسية وحقوق الإنسان.
ونظرا لأن تشكيل السلطة التأسيسية لا بد
أن تراعى فيه التركيبة السكانية للدولة والأقليات، وتراعى فيه الفئات
العمرية (كالشباب والشيوخ) وشرائح المجتمع (كالمرأة والمعاقين) -على النحو
الآتي ذكره عند الحديث عن ممارسة آلية الانتخاب – فإن هذه المكونات يجب أن
تؤخذ في الاعتبار في الحالة الليبية أيضا، فيجب – مثلا – أن يمثل الأمازيغ
والطوارق أفراد من أصحاب التخصصات السابقة, وكذا الحال فيما يتعلق بالمرأة
أو الشباب أو المعاقين.
والخلاصة، إن صناعة
الدستور تتطلب أن يقوم بها أفراد متخصصون في المجالات سالفة الذكر (القانون
والشريعة والاقتصاد وعلوم السياسة والاجتماع), وهذا لا يعني الانغلاق على
النفس، بل يجب سماع الجميع، والاستعانة بالمتخصصين في غير هذه المجالات عند
دراسة مسألة فنية تقنية بعيدة عن تخصصات هؤلاء, فمثلا عند مناقشة مسألة
تتعلق بالبيئة فعليهم الاستعانة بآراء المتخصصين في علم البيئة, وهكذا في
غيرها من الأمور.
3- شرط الكفاءة والخبرة والنزاهة والقدرة على الأداء:
لا يكفي لاختيار أعضاء السلطة التأسيسية توفر المكوّن التقني والفني, إذ
يجب بالإضافة إلى ذلك توفر شرط الكفاءة والخبرة والقدرة على الأداء المميز,
ولذا يعتبر هذا الشرط مكملا للشرط السابق، بمعنى أن توفر التخصص القانوني
أو الشرعي أو الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي، وتوفر الشهادات العلمية
على مختلف مستوياتها لهؤلاء لا يكفي للقول بأهلية حامل التخصص للقيام
بصناعة الدستور, لأنه يوجد بين حملة هذه التخصصات من هو جهوي أو قبلي أو
غير قادر على إقامة دراسة أو رؤية معمقة لكل تطلعات الشعب الليبي على نحو
لا يجعله قادرا فنيا أو تقنيا على استيعاب المتطلبات المتعارضة لفئات أو
مناطق الدولة الليبية.
فيجب – إذن -عدم الاكتفاء بالمكوّن الفني
والتقني, وإنما يجب تحديد الشخصيات المطروحة والمقبولة للترشيح, وفقا لمبدأ
“الكفاءة والخبرة والنزاهة والقدرة على الأداء المميز” أيا كان تخصص
المرشح. وحتى يتوفر هذا الشرط ينبغي أن تتم دراسة المرشحين بعناية من قبل
جهات لها علاقة وخبرة عملية بصناعة الدستور ولديها من الإمكانيات العلمية
والعملية ما يمكنها من تقييم المرشحين من حيث الكفاءة والنزاهة
والاستقلالية والقدرة على الأداء المميز. وفي اعتقادي أن السبيل العملي
لتحقيق ذلك هو ضرورة حصول المرشح على تزكية من الجهات التالية: أ- جامعتين
ليبيتين حكوميتين (كجامعتي طرابلس وبنغازي) وهنا طلب الحصول على التزكية
يجب أن يعرض على القسم المختص الذي يفترض أن يتبعه المرشح وفق تخصصه
العلمي, تم يحال للاعتماد من مجلس الكلية تم مجلس الجامعة (فمثلا إذا كان
المرشح حاصل على تخصص في القانون الجنائي يحال إلى قسم القانون الجنائي في
كلية القانون, أما إذا كان المرشح متحصل على تخصص في القانون الدستوري أو
الدولي العام فيحال عندئذ إلى قسم القانون العام, وهكذا بالنسبة لحملة
التخصصات في الاقتصاد أو الاجتماع إذ سيحال الأمر إلى القسم المختص في
الكلية المعنية ثم تعتمد التوصية وفق السياق السابق الذكر من قبل الكلية
والجامعة). ب- دار الإفتاء, حيث تتولى الدار تقييم المرشح طالب التزكية من
الناحية الشرعية, لاسيما فيما يتعلق بالمرشحين الحاملين لتخصصٍ في علوم
الشريعة, لأن مسألة الشريعة الإسلامية ستكون محل اهتمام عند صناعة الدستور.
ج- المجلس الأعلى للقضاء, وهو يتولى دراسة المرشح طالب التزكية من الناحية
القانونية, أي مدى انطباق الشروط والمعايير المنصوص عليها في التشريعات
الأخرى ذات الصلة بالترشيح على طالب التزكية, ولاسيما تلك المتعلقة بمعايير
النزاهة والوطنية أو العزل السياسي حال إقراره.
ثانيا: آلية انتخاب لجنة الـ 60:
سبق القول بأن المادة 30 من الإعلان
الدستوري اعتمدت الانتخاب كآلية قانونية لتشكيل السلطة التأسيسية, لكنها لم
تحدد طريقة إعمال هذه الآلية, مما يستلزم استصدار قانون خاص بانتخابات
السلطة التأسيسية (لجنة الـ60) يحدد من خلاله الدوائر الانتخابية وكيفية
عملية التصويت، لاسيما فيما يتعلق بالتركيبة الداخلية لعضوية السلطة
التأسيسية.
1- الدوائر الانتخابية:
لا شك أن مسألة تحديد الدوائر الانتخابية هي مسألة فنية إدارية صرفة لا
علاقة لعلم القانون بها, إلا أنه ومع ذلك يمكن المساهمة في وضع مقترح لها.
ولما كان الإعلان الدستوري فيما يتعلق بانتخاب السلطة التأسيسية (لجنة
الـ60) قد اعتمد المعيار الجغرافي أساسا له بواقع 20 عضوا لكل أقاليم ليبيا
الثلاثة (الشرقية والغربية والجنوبية), فإنه يجب أن تأخذ هذه الأقاليم
كوحدة واحدة, وبالتالي تقسم ليبيا إلى ثلاث دوائر انتخابية عن طريق نظام
القائمة المحتوية على 20 عضوا. والقصد من هذا الكلام أن لا ينشغل واضعوا
قانون انتخابات السلطة التأسيسية بالتقسيم الداخلي لكل دائرة من الدوائر
الثلاث لضمان التمثيل العادل لكل منطقة، بل ينبغي أن يترك أمر ذلك لأصحاب
كل قائمة, فإن معدي القوائم – كي يضمن كل منهم نجاح قائمته – سيعمل تلقائيا
على مراعاة تمثيل التوزيع الجغرافي في الإقليم ككل, كما سيعملون على
مراعاة اختلاف مكونات المجتمع (كالأقليات واختلاف الفئات العمرية، الخ) في
التركيبة الداخلية لعضوية السلطة التأسيسية على النحو الآتي بيانه.
2- التركيبة الداخلية لعضوية السلطة التأسيسية:
تعتبر مسألة مراعاة كافة الشرائح والفئات العمرية والعرقية في التركيبة
الداخلية لعضوية السلطة التأسيسية مسلّمة قانونية لا جدال فيها. وعليه فإنه
تجب مراعاة الآتي عند العمل على وضع التركيبة الداخلية لهذه السلطة: ضرورة
تمثيل الأقليات مثل الأمازيغ والطوارق والتبو, وكذلك ضرورة تمثيل شرائح
معينة من المجتمع كالمرأة والشباب (عصب الثورة) وذوي الاحتياجات الخاصة,
على أن تتوفر في هؤلاء الضوابط والمعايير المشار إليها أعلاه, وأن يضع
هؤلاء في اعتبارهم أنهم شخصيات ليبية عامة لا ممثلين عن فئات بعينها, فلا
يجب اقتصار دور الأمازيغي في الدفاع عن مصالح الأمازيغ فقط، بل يجب أن يكون
على قناعة بأنه – كليبي وعضو في هذه السلطة – يمكن الاستعانة به في مجالات
أخرى, وهكذا بالنسبة للمرأة والشاب والتبو, وهذا بالطبع يتوقف على مدى
توفر معيار الكفاءة والخبرة والنزاهة والقدرة على الأداء المميز في العضو
على النحو السابق بيانه أعلاه. ولا شك في أن ضمان توفر مثل هذه التركيبة في
عضوية السلطة التأسيسية يتوقف على تركيبة القوائم المقدمة من المرشحين, إذ
يفترض أن تراعي قوائم المرشحين المقدمة في كل دائرة وجود مثل هذه الفئات
والشرائح والعرقيات ضمن الأسماء المدرجة فيها. ويمكن في هذا الصدد تقديم
المقترح التالي:
ملاحظة: ممثلوا الشرائح
والفئات العمرية والعرقية يجب أن يكونوا من حملة التخصصات الوارد ذكرها في
معيار المكون الفني والتقني, كما أن الحصة المخصصة لحملة التخصصات يمكن أن
تضم عددا من أصحاب الشرائح والفئات العرقية والعمرية المشار إليها أعلاه,
وبالتالي فإن الحصص الواردة هنا هي فقط لبيان الحد الأدنى للتمثيل, ولذلك
فإن الواجب فقط عند إعداد القوائم هو مراعاة هذا الحد الأدنى. وبالتالي قد
تضم بعض القوائم نسبة تمثيل أكثر لعدد الأقليات, بسبب اختيار القائمة
لمتخصص في علم القانون من الطوارق أو الأمازيغ مثلا ليشغل أحد المقاعد
المخصصة للقانونيين, وهكذا بالنسبة للمرأة أو بالنسبة لتخصص معين من
التخصصات المحددة الذكر.
والخلاصة هي: إن عملية
انتقاء أعضاء السلطة التأسيسية ( لجنة الـ60) المكلفة بكتابة الدستور
الليبي الجديد, يعتبر عاملا أساسيا في التحول والانتقال بليبيا من مرحلة
الحكم الديكتاتوري الفردي الشمولي إلى مرحلة الحكم الديمقراطي التعددي,
وكذلك في عملية الإصلاح القانوني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي للمجتمع
الليبي، ولا يكون ذلك إلا من خلال اختيار هذه السلطة من كل فئات وأطياف
وشرائح الشعب الليبي، بعيدا عن التجاذبات والأجندات السياسية المتباينة
والمختلفة, وهذا يتطلب وضع معايير وضوابط تكفل تشكيل هذه السلطة على نحو
يعزز الثقة بين الشعب الليبي وأعضاء هذه السلطة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق