الاثنين، 28 يناير 2013

الجماعات المسلحة في #ليبيا تهدد استــقرار شمال #إفريقيا

من الواضح أن المؤتمر الوطني العام قد عجز عن إدارة شؤون ليبيا بعد الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي، إذ تخضع معظم المناطق، خارج العاصمة طرابلس، لسيطرة مجموعات مسلحة رفضت تسليم سلاحها. في حين طفت النزعات القبلية إلى السطح وتحاول كل قبيلة فرض آرائها وشروطها على المجالس المحلية.
وتبدو المجموعات المسلحة في وضع يمكنها من رسم ملامح الدولة الجديدة في إطار المبادئ التي تراها مناسبة، في الوقت الذي يسعى المؤتمر الوطني لدمج تلك الجماعات في العمل السياسي. وفي حال فشل ليبيا في احتواء الثوار وضمهم إلى العائلة السياسية فمن المرجح أن يهمش هؤلاء، الأمر الذي يدفعهم إلى إفساد المسار السياسي، وتالياً بناء الدولة الليبية.
وينتظر حكام ليبيا الجدد مهمة صعبة في ظل تصاعد هجمات الجماعات المتشددة في مالي والجزائر، الأمر الذي قد يعرقل عملية البناء وجلب الاستثمارات الأجنبية التي من شأنها أن تنعش الاقتصاد الوطني. وعلى الرغم من دعم التيارات الإسلامية للثورة الليبية في 2011، فإنها تبقى مختلفة حول الطرق التي يجب استخدامها في العمل السياسي، إلا أن الأطياف الرئيسة، بما في ذلك جماعة الإخوان الليبية والجماعة الإسلامية المقاتلة وحركة المسيرة الإسلامية، أعلنت أنها لا تتبنى العنف وتقبل باللعبة الديمقراطية.
وشاركت أحزاب إسلامية في الانتخابات العامة في يونيو الماضي، وفازت بـ17 مقعداً من أصل 80، في حين عبرت الحركة الإسلامية للتغيير عن رغبتها في المشاركة السياسية والعمل مع المؤتمر الوطني. يذكر أن الحركة الجهادية تكونت في التسعينات، ويشكك محللون في نية التيارات الإسلامية، ويقولون إنها قبلت باللعبة الديمقراطية للوصول إلى السلطة ولتبديد الانتقادات الغربية حول المرحلة الانتقالية في ليبيا.
في المقابل، ترفض مجموعات أخرى في التيار الإسلامي الممارسات الديمقراطية وتدعو إلى الجهاد. وتعتبر «أنصار الشريعة»، وهي جماعة سلفية، من أقوى المجموعات تسليحاً، وتتبنى أيديولوجية راديكالية، وتتوعد الجماعة، التي نشأت خلال الثورة الليبية الأخيرة، بأنها لن تتخلى عن السلاح حتى يتم تطبيق الشريعة في كامل التراب الليبي.
وتعتقد الجماعة، التي تنشط في بنغازي ودرنة، أن لها الفضل في الإطاحة بالقذافي لأنها قاومت كتائب هذا الأخير قبل تدخل حلف شمال الأطلسي ليفرض منطقة حظر جوي. وفي يونيو حاول التنظيم اغتيال السفير البريطاني في ليبيا، وأثارت ضجة شعبية وإعلامية في أواخر أغسطس الماضي عندما دمرت أضرحة صوفية في طرابلس وزليطن. وحسب رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي محمد المقريف، فإن الجماعة هي المسؤولة عن الهجمات على القنصلية الأميركية في بنغازي.
وتعد «أنصار الشريعة» من أقوى التنظيمات، ولديها ترسانة من الأسلحة الأوتوماتيكية والمضادة للطائرات، ويقال إن عدد أفرادها تجاوز 5000. واكتسبت الجماعة شرعية عند الكثير من المدنيين، خصوصاً بعد تحملها مسؤولية حراسة مستشفى الجلاء بنغازي العام الماضي. وفي الوقت الذي تتزايد الضغوط على المجلس الوطني الانتقالي لإنهاء مظاهر التسلح، يتعين على الهيئة التعامل مع هذه التنظيمات والاستعانة بها لتأمين المنشآت الحساسة والمؤسسات العمومية، إلى أن يحين الوقت لنزع أسلحتها أو ضمها إلى المنظومة الأمنية الرسمية.
ويعارض معظم الليبيين التشدد الذي تحاول تنظيمات مثل «أنصار الشريعة» فرضه، وفي الانتخابات الأخيرة، بدا أن شريحة كبيرة من الناخبين يفضلون التيارات غير الدينية. وبينما فازت جماعة الإخوان وحركة النهضة بغالبية المقاعد في البرلمانين المصري والتونسي، حقق تحالف محمود جبريل تقدما كبيرا بفوزه بنصف المقاعد النيابية في البرلمان الليبي. وأعقبت هجمات التنظيم على بنغازي وتدمير الأضرحة الصوفية مسيرات واحتجاجات شعبية ضد نهج الجماعة المتشدد. وسيصبح منع هذه التنظيمات من فرض آرائها المتشددة على المجتمع مهمة في غاية الصعوبة نظراً للاحتقان السياسي الذي تعيشه البلاد منذ سقوط نظام القذافي. وتأمل دول كثيرة تتعامل مع طرابلس وتتطلع إلى الاستثمار بقوة فيها، أن يستقر الوضع في هذا البلد وأن تنجح فيها العملية الديمقراطية.
إن صعود الجماعات المسلحة في ليبيا قد يكون له تداعيات سلبية على شمال إفريقيا، إذ تحاول تونس إيجاد طريقة ناجحة للتعامل مع التيار السلفي المتشدد، وفي حال اشتدت شوكة أنصار الشريعة فإن ذلك سيشجع المتشددين في تونس على زيادة نشاطهم، وقد ينتهي الأمر دون شك بالعنف والمواجهة مع السلطة. وفي الجزائر، أكدت التقارير أن عناصر مسلحة من ليبيا شاركت في الهجوم الأخير على حقل الغاز في عين أمناس، وهذا يعني أن المنطقة بأكملها تأثرت بالفعل بالنشاط الراديكالي الليبي. ويأتي ذلك في الوقت الذي فشلت بلدان المنطقة في إنشاء اتحاد المغرب العربي وتشجيع الاستثمارات في ما بينها، وإنهاء الخلاف حول الصحراء الغربية. ويبدو أن العجلة في هذه المنطقة باتت تدور إلى الوراء ويتعين على صناع القرار وضع خطط عاجلة لتفادي المزيد من الانفلات الأمني الذي من شأنه أن يزعزع استقرار المنطقة.
تنظيمات راديكالية
يوجد في ليبيا العديد من الحركات والتنظيمات الإسلامية، إلا أن جماعتي «التوحيد والجهاد» و«أنصار الشريعة» من بين المجموعات الأكثر راديكالية، على الرغم من الدور الذي لعبتاه في الإطاحة بحكم القذافي، ويخشى البعض أن يؤدي تهميشهما وإبعادهما عن الساحة السياسية إلى جعلهما أكثر راديكالية وتبنياً للعنف.
وأشرف على تأسيس تنظيم أنصار الشريعة شباب عاد بعضهم من أفغانستان والعراق، وبعضهم خرج من سجون القذافي بعد أن قضوا سنوات طويلة. ويرى مراقبون أن التنظيم يشارك «القاعدة» أفكارا كثيرة. وقد نشأت الجماعة أثناء الثورة الليبية، حيث انفصل الكثير من عناصرها من تشكيلات عسكرية منها كتيبة 17 فبراير، وكتيبة عبيدة بن الجراح في بنغازي، وكتيبة شهداء أبوسليم في درنة، وذلك إثر خلافات فكرية بينهما تتعلق بالموقف من المجلس الانتقالي والمجتمع، وغيرها من المسائل. أما جماعة التوحيد والجهاد التي تأسست في مطلع الألفية، فهي غير معروفة لدى الكثيرين، ومعظم عناصرها من الشبان المتحمسين، وينشط هؤلاء بشكل خاص في المناطق الشرقية وتحديداً درنة وما حولها، وكانت لهم اتصالات ببعض الجماعات المتشددة في خارج البلاد.
شبكة الاخبار الليبية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق