العرب اللندنية: تحركت جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا للضغط على فايز السراج رئيس حكومة الوفاق لتمكينها من حقائب وزارية في حكومة الوفاق المرتقب الإعلان عنها قبل نهاية الأسبوع الجاري، وأن راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية كان عنصرا فاعلا في الضغوط الإخوانية. وكشفت مصادر ليبية مُقربة من أعضاء المجلس الرئاسي الليبي لـ"العرب" النقاب عن أن تدخل الغنوشي قوبل باستهجان العديد من الفرقاء الليبيين الذين حذروا من تداعيات ذلك على العلاقات التونسية الليبية.
وقالت المصادر إن الغنوشي اجتمع في تونس مع محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء (الجناح السياسي لإخوان ليبيا)، وبعد ذلك تم ترتيب لقاء بين صوان وفايز السراج استمر لأكثر من ساعتين. وجاء هذا الاجتماع الذي أثار استياء العديد من الأطراف الليبية في الوقت الذي اشتكى فيه السراج لمقربين منه من تزايد الضغوط التي يتعرض لها من عدة أطراف ليبية وإقليمية ودولية وتدخلها في تشكيلة الحكومة الجديدة. ولم يكتف الغنوشي بالتوسط في ترتيب الاجتماع المذكور، وإنما عمد بعد ذلك إلى الاتصال هاتفيا بالسراج بعد الاجتماع.
وأكدت مصادر ليبية لـ”العرب” أن الغنوشي سعى خلال الاتصال الهاتفي إلى الضغط على السراج حتى يستجيب لمطالب جماعة الإخوان، التي تتمثل في تمكينها من حقائب سيادية في الحكومة الجديدة، وخاصة منها حقائب الداخلية والدفاع والخارجية. واعتبرت المصادر أن زيارة الغنوشي لتركيا مباشرة بعد ترتيبه الاجتماع بين صوان والسراج، تهدف بالأساس إلى "توفير حزام سياسي إقليمي ضاغط على السراج خدمة لجماعة الإخوان".
وأثار الكشف عن هذه الضغوط حفيظة الناشط السياسي الليبي كمال مرعاش، الذي حذر في اتصال هاتفي مع "العرب" من خطورة السماح للغنوشي بالتدخل في الشأن الليبي، وسعيه لفرض أجندات لا تخدم الوفاق”. واعتبر أن هذا التدخل الذي وصفه بـ"الفج" ستكون له تداعيات خطيرة على العلاقات الرسمية التونسية الليبية". ودعا في حديثه لـ"العرب" السلطات التونسية إلى اتخاذ موقف حاسم من هذا التدخل الذي جعل الغنوشي طرفا في النزاع الليبي، بما يوحي وكأن هناك حكومة ظل في تونس تُمارس الضغوط على السراج، وهذا "أمر لا يخدم صورة تونس لأنه ينزع عنها صفة الحياد، ويورطها في النزاع الليبي".
ويرى مراقبون أن تدخل الغنوشي في الشأن الليبي ليس مستغربا ولا جديدا، حيث سعى أكثر من مرة إلى الدفاع عن جماعة الإخوان، كما حاول في مناسبات عديدة التسويق لصورة مغايرة لحقيقة فجر ليبيا من خلال تقديمها على أنها "الدرع الحامي لتونس" رغم إقدامها على عمليات خطف لتونسيين في طرابلس، وصولا إلى اقتحام القنصلية التونسية، واحتجاز عدد من الدبلوماسيين التونسيين". غير أن تدخل الغنوشي بهذا الشكل للضغط على فايز السراج، تزامن مع ضغوط أخرى مارسها سفيرا تركيا بتونس عمر قوسوك، وبليبيا أحمد ياكيجي على أعضاء المجلس الرئاسي بشكل فردي وجماعي.
وأكدت مصادر ليبية لـ"العرب"، أن السفيرين التركيين تواجدا خلال الأيام الثلاثة الماضية بشكل لافت في فندق "ريزيدنس" حيث يُقيم أعضاء المجلس الرئاسي، وفي فندق "بلاص"، حيث تجري المشاورات والمحادثات حول تشكيلة الحكومة الليبية، ما يعني وجود تقاسم للأدوار في عملية الضغط هذه التي أخذت أبعادا إقليمية دفعت السراج وفريقه إلى مغادرة تونس في اتجاه الصخيرات المغربية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق