DW عربية: أدان سياسيون ألمان تصريحات زعيمة حزب يميني شعبوي بشأن احتمال اللجوء إلى إطلاق النارعلى اللاجئين لمنعهم من اجتياز الحدود الألمانية. فهل تعكس هذه التصريحات تصاعد المواقف اليمينية في ألمانيا وحركاتها المناهضة للأجانب ؟ "لن يطلق أي شرطي النار على أناس يبحثون عن حماية عندنا، لن يتم ذلك قطعا ! إن استهداف الناس وإطلاق النار عليهم لمنعهم من اجتياز الحدود هو أمر مخالف للقانون، بدون أي شك". هكذا علق يوهانس ديمروت، المتحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية على تصريحات فراوكه بيتري، زعيمة "حزب البديل من أجل ألمانيا"(AFD)التي لا تستبعد احتمال إطلاق النار على اللاجئين، عند الضرورة، لمنعهم من دخول ألمانيا. إنها تصريحات تتزامن مع الجدل حول احتمال دخول مليون لاجئ إضافي إلى ألمانيا هذا العام. "حزب البديل من أجل ألمانيا"، والذي يعتبر حزبا يمينيا شعبويا في ألمانيا ما انفك يطالب المستشارة أنغيلا ميركل بتحديد سقف معين لاستقبال اللاجئين، كما انتقد سياسة ميركل في عملية حل أزمة اللاجئين، وطالب أكثر من مرة بإغلاق الحدود كاملا أمام اللاجئين القادمين عن طريق "البلقان".
أن يصل الموقف الرافض حد احتمال إطلاق النار على اللاجئين، لمنعهم من اجتياز الحدود، هو "جنون مطلق"، كما جاء في تصريحات وزير المالية البافاري ماركوس سودر. كما اعتبر رئيس كتلة الحزب المسيحي الديمقراطي في البرلمان، فولكر كراودر أن تلك "التصريحات كشفت موقف رئاسة الحزب الحقيقي، وازدراءها لأشخاص يبحثون عن الأمن واللجوء هربا من الحرب. وتأتي تصريحات بيتري في وقت تتزايد فيه شعبية حزبها، مما يطرح التساؤل عن الإيديولوجيا الحقيقية لهذا الحزب اليميني الجديد.
حزب "يميني متطرف" أم شعبوي؟
حزب "يميني متطرف" أم شعبوي؟
تأسس "حزب البديل من أجل ألمانيا" عام 2013، وكان ذلك بمثابة رد فعل على السياسة الأوروبية المنتهجة آنذاك لإنقاذ اليورو وعلى طريقة منح قروظ لليونان بمليارات اليوروهات للخروج من أزمتها المالية الصعبة. خطاب الحزب المناهض لليورو مكنه من الفوز بمقعدين في البرلمان الأوروبي. بيد أن شعبية هذا الحزب تزايدت مؤخرا، إذ تشير استطلاعات الرأي أن 10 إلى 13 بالمائة من الناخبين الألمان يساندون توجه هذا الحزب. وبذلك فقد يصبح القوة السياسية الثالثة بعد الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الاجتماعي الديمقراطي.
استطلاعات الرأي التي أجراها معهد "إنفراتاست" لاتسطلاعات الرأي، أشار أن، المشاركين في الاستطلاع أبدوا قلقهم من سياسة اللجوء التي تتبعها ميركل، كما يبدو وجود مخاوف بشأن التهديدات الإرهابية، وقد يكون ذلك ساهم في تزايد شعبية هذا الحزب. الباحث في الجماعات المتطرفة، هايو فونكه، يرى أن هذا الحزب اليميني نجح في استقطاب أوساط يمينية من الشعب، إلا أنه تحول إلى "حزب يميني متطرف"، حسب قوله، إذ يضيف في حديثه لصحيفة "نورد فاست تسايتونغ": "هناك مخاوف من أن تنزلق الأمور إلى العنف، وهذا التطور سيكون خطيرا على قيم الجمهورية". ويضيف الخبير أن بيتري تقوم بعملية استفزاز واضحة، حيث إنها تعمل على تسميم الأجواء ضد اللاجئين لأغراض حزبية داخلية. أما زعيمة الحزب فراوكه بيتريه، فإنها ترفض تهمة أن يكون حزبها يمينيا متطرفا، كما جاء في لقاء مع القناة الألمانية الأولى، معتبرة أن "جزءا مهما من الشعب يحترمنا، لأن خطابنا السياسي واضح".
الصحفي الألماني، المتخصص في الشؤون العربية، شتيفان بوخن يرى أيضا أن "حزب البديل من أجل ألمانيا" تحول إلى حزب متطرف، ويقول في مسائية DW: "يركز الحزب على موضوع اللاجئين، وسيقتطب بذلك ناخبين جددا، طالما لم يتم التوصل لحل أزمة اللاجئين. هناك جزء من المجتمع الألماني يساند توجهات هذا الحزب". بيد أن آراء الصحف الألمانية حول إديولوجيا حزب "البديل من أجل ألمانيا" منقسمة، إذ ذكرت صحيفة "جنرال أنزيكار" الألمانية، تعليقا على تصريحات بيتريه: "في أوروبا، هناك تيارات يمينية واخرى يمينية متطرفة، وقد تكون لها القدرة للوصول إلى الحكم، فهو يحاول كسب مزيد من الأنصار عبر الخطاب الشعبوي المتنامي". وسارع الحزب لتصحيح الوضع على لسان يورغ موتين، الرئيس الثاني للحزب، حيث وصف التصريحات ب"زلة لسان". كما اعتبر ألاكساندر كولاند، نائب رئيس الحزب اليميني، أن "إطلاق النار بطريقة مباشرة على الناس هو أمر غير مطروح لنا".
إخضاع الحزب لهيئة مراقبة الدستور
غير أن محاولة حزب "البديل من أجل ألمانيا" بالنأي بنفسه عن تصريحات زعيمته، لم يمنع نائب المستشارة سيغمار غابريل، للمطالبة بضرورة إخضاع هذا الحزب اليميني تحت مراقبة هيئة حماية الدستور، وذلك للتأكد من أن توجهه السياسي، لا يعارض أسس الدستور الألماني، المرتكزة على قيم الحرية والديمقراطية. لكن اقتراح غابرييل قد يصطدم بعدة عراقيل، فإخضاع حزب سياسي تحت هيئة مراقبة الدستور، لا يتم إلا عند وجود أدلة ملموسة و كافية تؤكدعلى أن الحزب المعني يحرض حقا على الكراهية وعلى ونبذ التعايش السلمي بين أطراف المجتمع.
هذا ما يؤكده الخبير في شؤون الأحزاب الألمانية، هندريك تريقر، إذ يرى أن حزب "البديل من أجل ألمانيا"، "لم يطالب بتغيير نظام الحكم في ألمانيا، رغم التصريحات الشعبوية"، حتى يمكن اتهامخ بالمس بأسس الدستور الألماني. اقتراح غابرييل لم يجد أيضا ترحيبا كبيرا من قبل غرمائه السياسيين خاصة من حزب ميركل، شريكته في الإئتلاف الحاكم. حزب ميركل أدان بدوره تصريحات زعيمة الحزب اليميني أيضا، حيث رفض فولفقانق بوزباخ، النائب في البرلمان، عن الحزب الديمقراطي المسيحي، الإقتراح قائلا: "إخضاع حزب سياسي لمراقبة هيئة حماية الدستور، هو أمر يقرره المكتب الفيدرالي لحماية الدستور، بناءا على قرارت يتخذها المكتب نفسه ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق