وكالات: صدر ببغداد عن مؤسسة المدى كتاب جديد، للشاعر العراقي المغترب، صلاح نيازي بعنوان "من تقنيات التأليف والترجمة"، ألمّ الكتاب بحوالي عشرين موضوعا متخصصا في أفانين الترجمة وفي تقنيات التأليف، استهلها المؤلف بموضوع "بعض وجوه استحالة الترجمة"، من حيث الخيال السمعي، فأعطى أمثلة من القرآن ومن أشعار المتنبي وأحمد شوقي، وهما من الشعراء الأقلّاء الذين تميزوا بتداعي المعاني عن طريق الإيقاعات، والاشتقاقات اللفظية. يكاد يتمحور الكتاب حول ترجمات شكسبير، ولا سيّما مكبث، وهاملت، والملك لير من جهة، وعلى ترجمة يوليسيس لجيمس جويس، والشاعر الألماني هيلدرلين. حاول المؤلف أن يجد العلة، أو العلل في بعض الترجمات الزائغة عن الأصل، زوغانا لا يمكن إساغته.
ملاحظة المؤلف الأولى هي أنّه لا بدّ للمترجم من أن يكون ناقدا في المقام الأول، أي لا بدّ له من معرفة تقنيات النص، والملاحظة الأخرى هي أن الرعيل الأوّل من المترجمين، كالمنفلوطي أو فيليكس فارس، أو أحمد رامي في العربية، وفيتزجيرالد في ترجمة رباعيات الخيام، أو ريتشارد بيرتون في ترجمة ألف ليلة وليلة في الإنكليزية، كانوا معنيين بنقل المعنى عن طريق القاموس، أو عن طريق من يفسر لهم النص.
المترجم الحديث خلاف ذلك، فهو لا يكتفي بنقل المعنى فقط، وإنما بالتقنية التي وضع بها المعنى. من هنا تتفاوت ترجمة عن أخرى، ويتفرد مترجم عن آخر، فلكل نص تقنية خاصة، أي تصبح الترجمة تجربة جديدة ونامية مرّة بعد أخرى. بهذا المعنى يقول المؤلف: لا أعتبر نفسي مترجما محترفا ولا حتى هاويا، أقف، أمام كلّ نص جديد، بنفس التهيّب الذي وقفته أمام أوّل نصّ ترجمته، وكأني أترجم للمرة الأولى، فالمرأة التي خبرت الآلام في الولادة الأولى لا تعفيها عن الآلام في الولادة الثانية؛ إنه طلق سواء بسواء.
وصلاح نيازي، شاعر وناقد ومسرحي عراقي، ولد عام 1935 في الناصرية. من بين أعماله الشعرية والنقدية نذكر "كابوس في فضة الشمس" و"المفكر" و"الهجرة إلى الداخل" و"الصهيل المعلب" و"ابن زريق وما شابه" و"الاغتراب والبطل القومي" و"نزار قباني رسام الشعراء". كما ترجم البعض من قصائده إلى الإنكليزية والفرنسية والأسبانية والإيرانية والألمانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق