العرب اللندنية: فرضت التطورات السياسية والعسكرية المتصاعدة في ليبيا، على فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي الليبي، تكثيف تحركاته في اتجاهات متعددة، حتى بدا كأنه في سباق مع الزمن لتشكيل حكومة مصغرة" تستجيب للشروط التي وضعها البرلمان الليبي المُعترف به دوليا لمنحها الثقة. وقالت مصادر ليبية مقيمة في تونس لـ"العرب" إن السراج الذي لم يعد أمامه سوى ثلاثة أيام للإعلان عن تشكيلة حكومته المُصغرة، قرر نقل اجتماعات المجلس الرئاسي من فندق "ريزيدنس" بتونس العاصمة، إلى أحد الفنادق في مدينة الصخيرات المغربية. وأشارت إلى أن عددا من أعضاء المجلس الرئاسي الليبي، غادروا تونس المقر المؤقت للمجلس الرئاسي، إلى المغرب استعدادا للمشاركة في المشاورات المُرتقب أن تبدأ الثلاثاء في الصخيرات حول تشكيل الحكومة الليبية.
وتباينت التفسيرات حول هذا القرار الذي وُصف بـ"المفاجئ"، حيث عزا البعض أسبابه لدواع أمنية مُرتبطة بتواتر أنباء حول تهديدات جدية تُلاحق السراج وفريقه، فيما قلل مراقبون من أهمية تلك التهديدات، وأرجعوا ذلك إلى حجم الضغوط المتنوعة التي يتعرض لها المجلس الرئاسي، ومُخرجات الملف الأمني والعسكري التي تصطدم باعتراضات طالت اللجنة الأمنية ومصير الجنرال خليفة حفتر. وبحسب الخبير الأمني الليبي نايف الحاسي، فإن قرار نقل المشاورات من تونس إلى الصخيرات "أملته أسباب لها صلة بتزايد الضغوط التي يتعرض لها السراج من أطراف ليبية تسعى إلى انتزاع مناصب وزارية تحت مسميات متعددة".
وقال لـ"العرب"، إن الهدف الأساسي لهذا القرار هو "توفير المناخ المناسب لاستكمال المشاورات حول اختيار أعضاء حكومة الوفاق الوطني بعيدا عن الضغوط مهما كان مأتاها". ويواجه السراج ضغوطا متصاعدة من عدة أطراف ليبية ترفض تقليص عدد الحقائب الوزارية، وهي ضغوط وصلت خلال الفترة الماضية إلى حد اقتحام الفندق الذي يقيم فيه أعضاء المجلس الرئاسي بتونس العاصمة. وتمت عملية الاقتحام تلك في الثامن عشر من الشهر الماضي، وقام بها عدد من نواب المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، وأعضاء من البرلمان المُعترف به دوليا، إلى جانب البعض من رؤساء البلديات ووجوه قبلية معروفة، تسعى إلى توسيع تشكيلة الحكومة وتحويلها إلى عملية مُحاصصة سياسية ومناطقية. ونجحت تلك الضغوط في تشكيل حكومة وُصفت بـ"المُنتفخة"، حيث تضمنت 32 حقيبة وزارية، رفض البرلمان منحها الثقة، وطالب بتقليصها، وذلك خلال مهلة 10 أيام، تنتهي الأربعاء.
ويُشاطر المُحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل ما ذهب إليه الخبير الأمني الليبي نايف الحاسي، وقال لـ"العرب": إن اختيار السراج العودة إلى الصخيرات المغربية مرده إعطاء انطباع بأن الحكومة التي يعتزم تشكيلها تستمد شرعيتها من مُخرجات اتفاقية الصخيرات، وبالتالي فهي جزء من منظومة سياسية متكاملة لن يكون في وسع البرلمان رفضها مرة أخرى. وتقول مصادر ليبية إن السراج يتجه نحو تشكيل حكومة مُصغرة تتألف من نحو عشر حقائب وزارية فقط، ولكنه يواجه ضغوطا من داخل المجلس الرئاسي لتوسيع هذه الحكومة لتكون في حدود 17 حقيبة وزارية. ولا تتردد بعض الأوساط الليبية في اتهام أحمد معيتيق عضو المجلس الرئاسي الليبي بالوقوف وراء تلك الضغوط بهدف توسيع قاعدة الحكومة، مع إصراره على إبعاد الجنرال خليفة حفتر.
وكثف السراج من مشاوراته السياسية بالتزامن مع اتصالاته مع الجنرال خليفة حفتر بحثا عن تسوية لعقدة المادة الثامنة التي كان البرلمان الليبي قد رفضها. ووصف نايف الحاسي الإشارة إلى تهديدات أمنية تتربص بأعضاء المجلس الرئاسي بأنها "نوع من التشويش" لإرباك جهود فايز السراج، ولكنه كشف في المقابل عن اجتماعات عسكرية ليبية-ليبية عُقدت في تونس بمشاركة ضباط من القيادة العامة للجيش الليبي بقيادة الجنرال خليفة حفتر، وأعضاء من لجنة الترتيبات الأمنية. ولم يستبعد في هذا الصدد إمكانية إدخال تغييرات على تركيبة لجنة الترتيبات الأمنية التي أسندت رئاستها إلى العميد عبدالرحمن الطويل بما يتلاءم مع الملاحظات والانتقادات الموجهة لهذه اللجنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق