وكالات: تعمقت الخلافات التي تعصف بمفاوضات جنيف 3 حول الملف السوري بعودة التوتر بين موسكو وأنقرة إلى الواجهة بقوة، وذلك على خلفية تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي حذر فيها روسيا من "عواقب وخيمة" إن هي واصلت انتهاكها لأجواء بلاده. وألقت هذه التصريحات بظلال كثيفة على مجريات مفاوضات جنيف 3 التي مازلت تتلمس الطريق نحو البدء العملي في معالجة هذا الملف المُعقد، لا سيما وأنها ترافقت مع تقارير بريطانية لم تستبعد احتمال تدخل تركيا عسكريا في الأزمة السورية، لإنهاء الصراع، ومنع الرئيس بشار الأسد وحلفائه من النصر.
وقال أردوغان، الأحد، تعليقا على انتهاك مقاتلة روسية للمجال الجوي التركي، "إن روسيا إذا واصلت انتهاكاتها لسيادة تركيا فستكون مضطرة لتحمل العواقب". وشدد على أن انتهاك المقاتلة الروسية للمجال الجوي التركي، هو انتهاك لمجال حلف الشمال الأطلسي "الناتو"، مُعتبرا أن "مثل هذه الخطوات غير المسؤولة لن تعود بالنفع لا على روسيا، ولا على علاقاتها بالناتو، ولا حتى على السلام الإقليمي والعالمي، وإنما ستكون لها أضرار وتداعيات خطيرة”. واستدعت السلطات التركية التي تقول إن مقاتلة روسية من طراز "سو 34" انتهكت، الجمعة الماضي، المجال الجوي التركي، السفير الروسي لدى أنقرة، وقدمت له احتجاجا شديد اللهجة، في حين نفت موسكو ذلك ووصفت الاتهامات بأنها لا أساس لها من الصحة.
ويرى مراقبون أن من شأن هذا التوتر التركي-الروسي إرباك المسار التفاوضي في جنيف، التي شهدت، أول اجتماع للهيئة العليا للمفاوضات للمعارضة السورية التي تدعمها السعودية، مع المبعوث الأممي الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا. ورغم هذا التطور، يخشى محللون ارتداد التوتر بين أنقرة وموسكو على تلك المفاوضات، خاصة في ظل تقديرات غربية لا تستبعد اندفاع تركيا نحو التدخل العسكري في سوريا للحفاظ على مصالحها حتى لو تسبب ذلك في انهيار مفاوضات جنيف 3.
ونشرت صحيفة "اندبندنت أون صاندي" البريطانية، مقالا للكاتب باتريك كاكبيرن، وتوقعات لعدد من الخبراء والسياسيين حول إمكانية التدخل التركي في سوريا. واعتبر كاكبيرن في مقاله أن إسقاط تركيا لطائرة روسية "يُبين إلى أي مدى يمكن أن تذهب تركيا للحفاظ على مكانتها في المنطقة"، لافتا إلى أنه "ما لم يكن هناك تدخل تركي على نطاق كبير، سيفوز الأسد وحلفاؤه لأن التدخل المُعزز من جانب روسيا وإيران وحزب الله قد غير الميزان لصالحهم". وبالتوازي، توقع الخبير الفرنسي جيرار شايون، أن تتدخل تركيا عسكريا في سوريا لحل النزاع المسلح، رغم أن كاكبيرن يرى أن "الصراع في سوريا أصبح مدولا لدرجة أن واشنطن وموسكو فقط القادرتان على إنهائه".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق