وكالات: أعلنت وزارة الداخلية التونسية الجمعة فرض حظر تجول ليلي في كافة انحاء البلاد بعد ايام من احتجاجات على الاوضاع الاجتماعية والمعيشية اندلعت اثر وفاة شاب خلال تحرك احتجاجي في ولاية القصرين الفقيرة امتد الى مدن عدة. وقالت الوزارة في بيان "نظرا لما شهدته البلاد من اعتداءات على الاملاك العامة والخاصة وما بات يُشكله تواصل هذه الاعمال من مخاطر على أمن الوطن والمواطن، تقرر بداية من اليوم 22 يناير اعلان حظر التجول بكامل تراب الجمهورية" من الثامنة ليلا وحتى الخامسة صباحا.
واكدت الوزارة ان "كل مخالفة لهذا القرار يتعرض مرتكبها الى التبعات القانونية اللازمة في ما عدا الحالات الصحية والمستعجلة واصحاب العمل الليلي". وأهابت بكل المواطنين "الالتزام بمقتضيات حظر التجوال الليلي". ودعت السلطات في وقت سابق الى الهدوء بعد ايام من الاضطرابات اندلعت في القصرين اثر وفاة الشاب رضا اليحياوي (28 عاما) العاطل عن العمل السبت بصعقة كهربائية خلال تسلقه عمودا قرب مقر الوالي احتجاجا على سحب اسمه من قائمة توظيف في القطاع العام. واكد مسؤول في الحرس الوطني الجمعة انه تم خلال الليل الفائت توقيف 16 شخصا في تونس الكبرى "بعد اعمال تخريب ونهب للمتاجر والمصارف في حي التضامن الشعبي" في شمال غرب تونس.
وقال المسؤول خليفة شيباني ان الصدامات استمرت حتى الخامسة صباحا بين الحرس الوطني وملثمين. وقد تعرض متجرين لبيع الادوات المنزلية وفرعا مصرفيا للتخريب والنهب في الشارع الرئيسي في الحي، كما اضرمت النار في نقطة حراسة للشرطة. واكد المتحدث باسم وزارة الداخلية وليد الوقيني التوقيفات وقال ان هناك "مجرمين يسعون لاستغلال الوضع". واضاف "نحن مع المتظاهرين السلميين ولكن ستتم محاسبة من يعتدون على الاملاك العامة والخاصة بقسوة". حيث تحولت الاحتجاجات الهادئة الى اعمال عنف واشتباكات عنيفة مع قوات مكافحة الشغب. وأحرق محتجون مراكز للشرطة في عدة مدن، وفي العاصمة تونس هاجم عشرات محلات تجارية وبنوكا وسجلت عمليات نهب وتدمير.
وقتل شرطي واحد على الأقل في واحدة من أسوأ الاحتجاجات التي تشهدها تونس منذ انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بحكم زين العابدين بن علي وكانت شرارة البدء لانتفاضات "الربيع العربي" في المنطقة. والجمعة، اغلق محتجون في العاصمة تونس في شارع كبير بالمنيهلة الطريق المؤدية لأكبر مركز تجاري في تونس وأحرقوا إطارات السيارات. واضطرت قوات الامن لتفريق المحتجين بقنابل الغاز بينما اقتحم ايضا محتجون محافظتي القصرين وسيدي بوزيد.
وبدأت هذا الاسبوع الاحتجاجات ضد البطالة والتهميش في مدينة القصرين عقب انتحار شاب محبط اثر رفض قيد اسمه بسجل المترشحين لوظيفة قبل ان تنتقل بوتيرة سريعة الى أرجاء البلاد حيث هاجم آلاف المقرات الحكومية ورفعوا شعارات مثل "شغل حرية كرامة وطنية". وقالت الحكومة انها تتفهم مطالب المحتجين المشروعة ولكن حذرت من مندسين ومتطرفين اسلاميين قد يستغلون الوضع لتشويه التحركات والتسلل للمدن وربما التجهيز لبعض الهجمات. وأحيت الاحتجاجات ذكريات انتفاضة "الربيع العربي" بتونس عام 2011 التي اندلعت بعدما انتحر بائع متجول شاب في ديسمبر كانون الأول 2010 وهو ما أثار موجة غضب أجبرت الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي على الفرار وفجر احتجاجات في أنحاء العالم العربي.
وارتفع معدل البطالة في تونس إلى 15.3 بالمئة في عام 2015 مقارنة مع 12 بالمئة في 2010 بسبب ضعف النمو وتراجع الاستثمارات إلى جانب ارتفاع أعداد خريجي الجامعات الذين يشكلون ثلث العاطلين في تونس. وفي استجابة للاحتجاجات الأخيرة أعلن مكتب رئيس الوزراء الحبيب الصيد إنه سيعود للبلاد من زيارة لسويسرا حيث يحضر اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي ويعقد اجتماعا طارئا للحكومة. وقال خالد شوكات المتحدث باسم الحكومة إن السلطات ستسعى لتوظيف أكثر من ستة آلاف شاب من القصرين وتبدأ في تنفيذ مشروعات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق