صورة رجل مرّت في الأخـبار
الفقيد الأوّل حليقا بقيافته العسكرية يضع نظارة
شمسية على عينيه وبجانبه عسكرين يبدو عليهم
من لحاهم ورؤوسهم الحليقة أنّهم من الميليشياويين
شمسية على عينيه وبجانبه عسكرين يبدو عليهم
من لحاهم ورؤوسهم الحليقة أنّهم من الميليشياويين
أورد موقع (بوّابة الوسط) عن مصدر بمركز طرابلس الطبي، الثُلاثاء 19 يناير 2016 ((تسلم جُثمان آمر الغرفة الأمنية المُشتركة سابقًا العقيد أنيس علي الساحلي (53 عامًا)، بعد العثور على جُثته بمنطقة عين زارة بالعاصمة طرابلس. مضيفا أن الفقيد وجدت على جثته آثار تقييد في اليدين والقدمين ولا توجد عليها إصابات واضحة، سوى أن الجثمان يعاني من ضعف شديد جدًا ربما بسبب سوء ظروف الاحتجاز التي مر بها، حيث فُقد الاتصال به منذ يوم 15 أكتوبر الماضي. كما أضاف موقع الوسط، أن قوة الردع الخاصة،أعلنت الاثنين، عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، العثور على جُثة الساحلي بمنطقة عين زارة دون إعطاء أي تفاصيل إضافية)).
أوّد في هذا المقام أن أُورد تعليقا على هذا الفعل الأجرامي الأعمى، الذي لم تقدّم (قوة الردع الخاصة) أي تفاصيل عنه مقتطفا من الكاتب، والمفكر البلغاري-الفرنسي (تيزفيتان تدوروف)، قدمّ به كتابه (نحن والآخرون) بقوله "إننا لانعرف الشر - والقتل شرّ -، إلا عندما يمّس أحبابا تعلّقنا بهم أو أناسا عرفناهم، أو ألتقينا بهم، أو حتى أستمعنا لهم".
الفقيد المغذور به العقيد (أنيس علي الساحلي) إستمعت له أولا في لقاء مرئي تقريبا في (قناة العاصمة) في ذكرى معركة تحرير طرابلس - التي لعب فيها دورا - عام 2012، وقد استشففت من كلامه وسرده دون غيره ممن ضمّهم اللقاء لغة عسكرية مهنية مغلّفة بطيبة ليبيين زمان، وألتقيته مصادفة في ظهيرة شتائية نفس العام أو الذي بعده 2013 في البوليفار المؤدي من ميدان الغزالة إلى ميدان الجزائر أمام مبنى (برلمان دولة الأستقلال) المُزال في عهد الطغيان، والذي تقبع الآن مكانه مقهى بدائية أتخدت أسمه فصارت برلمانا لمذخّني (الأرقيلة)، ينشرون سمومهم في أرجاء المكان، وكان الفقيد يهّم بفتح باب سيارته، وهو بكامل قيافته العسكرية ويحمل ملفا دسما بالأوراق والمعاملات. الذي منعني من تحيته والتعرّف عليه وإبداء كلمة طيّبة في شخصه وجود شخصين ملحاحين وما أكثرهم بجانبه.
في مقال لي منشور في (موقع الوسط) تحت عنوان" (الليبي ماطّو)... تفتيش في أجندة محترب"، وهو الموقع الذي انشر فيه مقالاتي منذ سنة قدّمتُ نقلا عن الكاتب الفرنسي "فيكتور بومبير" وهو يتتبع في كتابه"فلوبير" الخيط السردي في الرواية التاريخية"سلامبو" (241ـ 237 قبل الميلاد)، خطاطة لمراحل ما أسميته في مقالي بـداء"احتراب السأم" وهو الذي وقع ضحيّته اليوم المغذور به (العقيد أنيس علي الساحلي)، والذي تشخص فيما أسميته تجاوزا بالأجندة أي الفعل الاحترابي العدمي الذي انغمس فيه المتمرّد الليبي في جيش قرطاجة "ماطّو" ورهطه من الجنود الليبيين والذي يبتدئ عادة باندفاع مبهم، يرتبط فيه اضطراب الحواس بتوق النفس، الذي يستعر بحثا مجنونا عن الحسيّات، يغذّيه الشعور بإحساس جديد في امتلاك ما يأبى أو يتأبى عن أن يمتلك، يُحْدِث هذا المرض أو الداء خللا مفجعا في نظام الإحساس، ويؤدي إلى احتداد الطمع.الرمز الحّي لهذه الرغبة المتأججة في التملّك يجسّده "ماطّو" ورهطه الذين يمثّلهم من الاحترابيين الليبيين الذين تمتدّ سلالتهم حتى يومنا هذا و الذين التأموا تحت قيادته، والذين يزيد العائق أيّا كان من حدة رغائبهم التي تسير بالتوازي مع جهلهم بما هم فيه راغبون، وإذا كانت هناك لحظة"استراحة محارب" لهذا الإلحاح فهي مجرّد فسحة مجال ليدّون ضميرهم كل يوم التعاسة والشقاء والاشمئزاز. هذا ماوددت قوله تعليقا على صورة رجل مرّت دون أن يُنْتَبه ربما لها في الأخـبار يرحمه الله ويرحمنا ويرحم بلادنا ليبيا معه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق