وكالات: يسعى الحوثيون إلى وقف التقدم البطيء الذي تحرزه قوات التحالف العربي في اليمن عبر توجيه ضربات إلى مؤخرة القوات في مدينة عدن بعدما عجزت عن تعطيل توسعها في الجنوب عبر توجيه ضربات متتالية إلى مقدمتها. وأدت تفجيرات وعمليات انتحارية راح ضحيتها قتلى وجرحى في صفوف قوات التحالف وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنها في عدن إلى إرباك الحكومة بقيادة خالد بحاح التي تتخذ من المدينة مقرا لها. ونتج لاحقا عن هذا الارتباك، إلى جانب الخلافات الحادة بين بحاح والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، تقدم تنظيم القاعدة وتوسيع نفوذه ليشمل بلدتي زنجبار وجعار في محافظة أبين، بعدما تمكن في وقت سابق من بسط سيطرته على ميناء المخاء الجنوبي.
ويقول لودوفيسو كارلينو، الباحث في شؤون الأزمات في معهد "أي إتش إس" للدراسات، إن "قدرات القاعدة على توسيع سيطرتها في اليمن بشكل تدريجي يؤشر لأمرين هامين: كيف يستمر التنظيم المتشدد في أن يكون المستفيد الأول من الصراع في اليمن، وكيف أن غياب قوة عسكرية قادرة على مواجهته على الأرض يعزز من قدرة التنظيم على المناورة في المناطق الحيوية في الجنوب".
وبدأت تقارير إعلامية واستخباراتية تتحدث في العلن عن ضلوع الحوثيين وحليفهم الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح في الاغتيالات والأعمال الإرهابية التي تشهدها عدن، بهدف زعزعة الأمن وخلق بيئة غير مستقرة. وكان آخر هذه العمليات اغتيال محافظ مدينة عدن اللواء جعفر سعد إثر استهداف سيارة مفخخة لموكبه أمس. وأشارت مصادر أمنية إلى أن 6 من مرافقي سعد قتلوا أيضا في هذا التفجير الذي وقع في حي التواهي وسط المدينة.
وأكد العميد محمد مساعد مدير أمن عدن، أن تفجير السيارة "تم عند أحد المنعطفات القريبة من مقر قيادة المنطقة العسكرية الرابعة في التواهي". وتفجير أمس هو نكسة جديدة لمحاولات الرئيس هادي فرض الاستقرار في المناطق المحررة في الجنوب الذي نجحت قوات التحالف العربي في تحرير مناطق واسعة فيه من قبضة الحوثيين المدعومين من قبل إيران. وتزامن اغتيال اللواء سعد، وهو واحد من المقربين من هادي، مع مقتل رئيس محكمة الإرهاب في عدن محسن محمد علوان وأربعة من مرافقيه بإطلاق النار عليهم من مسلحين مجهولين في حي المنصورة، بالإضافة إلى مقتل العقيد في الشرطة العسكرية عنتر الباخشي بالطريقة نفسها.
وتحظى مدينة عدن الواقعة جنوب اليمن بأهمية رمزية في الصراع المستمر في البلاد منذ أكثر من عام، وذلك بعد أن أعلنها هادي عاصمة مؤقتة للبلاد عقب عودته إليها من الرياض في منتصف نوفمبر الماضي، بعد تحريرها من سيطرة المتمردين الحوثيين. وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن اغتيال محافظ عدن، وذلك في بيان تداولته حسابات مؤيدة له على مواقع التواصل الاجتماعي، غير أن تبني داعش للعملية، لم يمنع وزير الإعلام اليمني محمد القباطي، من التأكيد أن الرئيس هادي "مستمر في مباشرة أعماله من عدن، بالرغم من اغتيال اللواء جعفر سعد".
وقال القباطي "إن العمل مستمر رغم اغتيال محافظ عدن، وإن السلطات اليمنية الشرعية سوف تواجه كل محاولات الخروج على الشرعية بكل حزم”، مؤكدا أن الأوضاع في عدن تحت السيطرة والمحافظة آمنة. ويقول محللون عسكريون إنه بات ضروريا أن تتبنى قوات التحالف العربي استراتيجية مقابلة لتلك التي يسعى الحوثيون إلى تبنيها في المناطق المحررة، خاصة في عدن وتعز. وسيشكل استمرار قوات التحالف العربي وحلفائها في الشمال دون سد الثغرات في الجنوب أولا عبئا كبيرا على كاهلها.
ويتمثل هذا العبء في تمكن تنظيمات جهادية في المستقبل من إعلان إمارة إسلامية في أي من المدن المحررة، قد تشكل نقطة جذب جديدة للجهاديين في المنطقة. وسيغير ذلك إن حدث بالفعل دفة الصراع برمته. ولقيت عمليات الاغتيال استنكارا إقليميا ودوليا قابله تأكيد على دعم الرئيس اليمني الشرعي، حيث أكد في هذا السياق وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أنور بن محمد قرقاش أن "هذه الجرائم لن تثبط من عزمنا المشترك على عودة الأمن والاستقرار إلى ربوع اليمن الشقيق". وأكد أن "الإمارات وضمن التحالف العربي بقيادة السعودية لن تألو جهدا في سعيها إلى تحقيق هذه الأهداف"، لافتا إلى أن "الجرائم الإرهابية التي تسعى إلى تقويض هذا التوجه، لن تنجح أمام الإرادة الصلبة والمشتركة التي تجمع اليمنيين الشرفاء ودول التحالف العربي، معربا عن بالغ تعازيه للرئيس اليمني والحكومة اليمنية وأسر الفقيد ومرافقيه".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق