العرب اللندنية: تعاني الفرقة القومية للفنون الشعبية بالعراق، التي يتمتع الجمهور بفنها منذ عقود، من تراجع في عدد الراقصين الذين ينضمون إلى أعضائها حاليا بسبب عدم استقرار الأوضاع في البلاد، حيث تأخذ الفرقة، منذ تأسيسها عام 1971، على عاتقها مسؤولية الحفاظ على تراث الرقص الشعبي العراقي. وتعتبر العشرون عاما التي تلت تأسيسها هي السنوات الذهبية لهذه الفرقة لكن مديرها فؤاد ذنون يقول إن الاهتمام بالرقص في تراجع. وأضاف "بسبب الحروب وبسبب التخلف ينظرون نظرة مُتدنية للفن أو للرقص الشعبي أو رقص الباليه. ونتمنى أن تزول هذه الفكرة. ولكن إلى متى؟ نحن ننتظر استقرار البلاد. لو تعافى العراق ستسود الثقافة والفنون حتى تتغير النظرة للفن بصورة عامة".
وقد أثر عدم الاستقرار السياسي والثقافة المحافظة على الاهتمام الشعبي بفن الرقص. لكن لا تزال الفرقة مضطرة للتعامل مع راقصات يتركن المهنة. ورواتب أعضاء الفرقة متدنية إلى حد كبير حيث تبلغ نحو 140 دولارا شهريا للفرد. ولكون تدريباتهم بين الساعة 9.30 صباحا وحتى 1.30 ظهرا يوميا فمن المستحيل تقريبا لأي منهم العمل في وظيفة ثانية إضافية. ويقول ذنون إنه يأمل أن تتغير الأوضاع يوما ما وأن يتمكنوا من جذب مواهب جديدة.
وأوضح "لدينا في الفرقة حاليا في حدود 12 شابا و8 بنات وهذا ليس بالطموح. نطمح أن يكون لدينا 15 شابا و15 شابة حتى نستطيع تقديم أعمال جميلة وذات قيمة فنية كبيرة وفي المستوى المطلوب. لكن رواتب أعضاء الفرقة ضعيفة، بالإضافة إلى عدم مشاركتنا في المهرجانات والحفلات. في الماضي في فترة الثمانينات والسبعينات كانت شهرة الفرقة تفوت الحدود وحققت نجاحا باهرا". وأردف مدير الفرقة القومية للفنون الشعبية "كنت أتمنى أن يكون شأننا شأن دول العالم والدول العربية. هناك معاهد وأكاديميات حقيقية تُخرّج راقصي باليه واستعراض يمتلكون شهادات عليا ونحن لا نمتلك حقيقة هذه الأقسام بالمعاهد والكليات. وتعتبر مشكلة الفرقة الوطنية للفنون الشعبية الكبيرة هي المدرسة".
وفي السنوات الأولى التي تلت تأسيسها كانت الفرقة تتمرن على يد أساتذة من الخارج وتسافر بشكل متكرر في جولات خارجية. وفي عام 1980 قدم راقصو الفرقة عرضا في مقر الأمم المتحدة وزاروا باريس. وقدمت الفرقة عروضا في أكثر من 60 دولة بينها إيطاليا واليابان والصين وحصلت على جوائز عديدة على مدى تاريخها. وأكثر ما يخيف رئيس الفرقة هو عدم استمرار هذا النوع من الفن في المستقبل لأنه يخشى عدم وجود بديل له ولمصممة الرقص هناء عبدالله وهما الوحيدان اللذان بقيا من الفرقة، إذ من الممكن أن يحالا على التقاعد.
وأشار ذنون إلى أن "العائلات كانت في السبعينات في نهاية كل أسبوع تحضر لعرض الفرقة وتصفق إجلالا لأدائها أما الآن للأسف، لا أحد يتابع أعمالنا وحين يكون هناك مهرجان يحضر جمهور نخبوي وباقي المسرح يبقى فارغا، لدينا لوحات جميلة جدا لكن الجمهور لا يعرف ما هي اللوحة الجديدة وما هي القديمة لأنه غير متابع". ويرى المسؤولون على الفرقة أن "المعاناة الحقيقية تكمن في قلة العنصر النسوي التي زادت حاليا بسبب نظرة المجتمع القاسية للفنانة الراقصة برغم أن الفرقة لا تقدم رقصا شرقيا فيه ابتذال وإنما هو فلكلور وتراث الآباء والأجداد والملابس ملتزمة ومستورة نظرا لطبيعة الأزياء الفلكلورية للبلد". وذكر ذنون أن "سر نجاح الفرقة هو تميزها عن باقي الفرق الفلكلورية في العالم لأن العراق يملك كما كبيرا من القوميات والأعراق وكل منطقة لها فلكلور خاص بها وهذا منح تنوعا في الأزياء والموسيقى والحركات أفاد الفرقة كثيرا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق