العرب اللندنية: بدأت الجبهة السياسية لميليشيات فجر ليبيا تتصدع بسرعة وسط تقديرات بانفراط عقد تلك الميليشيات التي تسببت في إطالة أمد الأزمة الليبية، ما سهل تغلغل تنظيم داعش في البلاد، وتمدده حتى تحول إلى خطر داهم يُهدد أمن واستقرار دول الجوار وجنوب أوروبا. ومع اقتراب موعد التوقيع النهائي والرسمي على اتفاقية الصخيرات التي تنص على تشكيل حكومة وفاق وطني برئاسة فائز السراج، برز شرخ عميق داخل المؤتمر الوطني المنتهية ولايته بسبب تباين الأراء واختلافها حول خارطة الطريق التي تم التوصل إليها في جلسة الحوار الليبي-الليبي التي عُقدت بتونس برعاية الأمم المتحدة، والتي تعهد المشاركون في مؤتمر روما بدعمها.
وبدا هذا الخلاف داخل المؤتمر الوطني المنتهية ولايته الذي يُعتبر الغطاء السياسي والتشريعي لفجر ليبيا، واضحا بين شقين الأول برئاسة رئيس المؤتمر النوري أبوسهمين الذي يُمثل نواب العاصمة طرابلس، وعدد قليل من المناطق الليبية الأخرى، ونائبه صالح المخزوم المدعوم من مصراتة، وبعض الجهات الأخرى.
ويحظى النوري أبوسهمين بدعم “غرفة عمليات ثوار ليبيا”، ومفتي ليبيا المعزول الصادق الغرياني، بينما يحظى صالح المخزوم بتأييد جماعة الإخوان المسلمين مُمثلة في حزب العدالة والبناء الذي اعتبر في بيان له أن المؤتمر الوطني العام “أصبح معطلا كمؤسسة، نتيجة تصرفات رئاسته”. وترافقت هذه الخلافات مع اندلاع اشتباكات مُسلحة في محيط العاصمة طرابلس بين كتائب تابعة لفجر ليبيا، أسفرت في حصيلة أولية عن مقتل سبعة أشخاص، وإصابة أكثر من 35 جريحا.
وتتألف ميليشيات فجر ليبيا من عدة كتائب مُسلحة محسوبة على تيار الإسلام السياسي، منها “درع ليبيا الوسطى”، و”غرفة ثوار ليبيا فى طرابلس”، وميليشيات أخرى من مناطق مصراته، وغريان والزاوية وصبراته. وربط مراقبون تفجر هذه الخلافات التي تُنذر بانهيار فجر ليبيا وتمزق حزامها السياسي، بإعلان شق صالح المخزوم موافقته على مخرجات الحوار الليبي-الليبي الذي تم في تونس بإشراف المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، وهو الأمر الذي رفضه شق النوري أبوسهمين.
ويوم الجمعة الماضي، أعلن الفرقاء الليبيون خلال مؤتمر صحفي عُقد بالضاحية الشمالية لتونس العاصمة، توصلهم إلى “خارطة طريق”، برعاية الأمم المتحدة لتذليل العقبات التي تحول دون تنفيذ ما نصت عليه اتفاقية الصخيرات الموقعة في 24 يوليو الماضي، خاصة منها تشكيل حكومة وفاق وطني برئاسة فائز السراج. ويُنتظر أن يتم التوقيع النهائي على اتفاقية الصخيرات غدا الأربعاء في المغرب، على أن تُعرض على مجلس الأمن الدولي خلال الاجتماع الذي سيعقده في الرابع والعشرين من الشهر الجاري، وهو اجتماع يوصف بالمصيري والحاسم للملف الليبي خاصة وأنه يأتي بعد مؤتمر روما الذي انتهت أعماله مساء أول أمس بالتأكيد على أهمية تشكيل حكومة وفاق وطني في ليبيا.
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر قد شدد على ضرورة إصدار مجلس الأمن الدولي خلال اجتماعه المرتقب، قرارات قوية وداعمة تمنح حكومة الوفاق الوطني في ليبيا “الشرعية التي تحتاجها”. ودعا المجموعة الدولية إلى إرسال إشارة واضحة لمن يعرقلون الاتفاق السياسي بأنه “ستتم محاسبتهم”، ليلتقي في هذا الموقف مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي توعد معرقلي الحوار في ليبيا “بدفع الثمن”.
وقال كيري على هامش مؤتمر روما “سنبذل كل الجهود لمساعدة الليبيين على توقيع الاتفاق لحل الأزمة في ليبيا”، مؤكدا في المقابل على أن بلاده لن تسمح باستمرار الوضع الحالي ليبيا. ورغم ذلك، رأى مراقبون أن تصريحات كوبلر وكيري تعكس في واقع الأمر خشية متنامية لدى الأطراف الدولية من انهيار مُتوقع للمسار التفاوضي الليبي بسبب الخلافات التي تعصف بالمؤتمر الوطني العام، وتصدع ميليشيا فجر ليبيا.
وتبدو تلك الخشية من انهيار المسار التفاوضي وعودة الأوضاع في ليبيا إلى المربع الأول من الصراع، مشروعة، حيث يسود انطباع لدى غالبية الأوساط السياسية الغربية مفاده أن الفرقاء الليبيين سيصطدمون بصعوبات كبيرة في إقناع الميليشيات المسلحة بأهمية المراهنة على الحل السياسي لإخراج البلاد من أزمتها، والتوجه إلى محاربة تنظيم داعش.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق