العرب اللندنية: تسللت الخلافات التي تشق الائتلاف الحاكم في تونس خاصة بين العلمانيين والإسلاميين إلى قبة البرلمان، حيث أعلنت كتلة حزب آفاق تونس سحب ثقتها من مكتب البرلمان احتجاجا على رفض عضويتها في التركيبة الجديدة التي أعلن عنها عبدالفتاح مورو النائب الأول لرئيس البرلمان والقيادي التاريخي في حركة النهضة الإسلامية. وضمت التركيبة الجديدة لمكتب البرلمان 13 عضوا يمثلون 4 كتل انتخابية موزعة على 5 أعضاء عن كتلة نداء تونس العلماني، و4 أعضاء عن كتلة حركة النهضة الإسلامية، وعضوين اثنين عن كتلة الاتحاد الوطني الحر، وعضو واحد عن كتلة الائتلاف الحزبي اليساري الجبهة الشعبية المعارضة ونائبا واحدا عن حزب التحالف الديمقراطي.
وخلت التركيبة الجديدة لأعضاء مكتب البرلمان، التي يشغل فيها محمد الناصر القيادي في نداء تونس خطة رئيس وعبدالفتاح مورو القيادي في حركة النهضة خطة نائب أول لرئيس البرلمان، من أي تمثيل لكتلة حزب آفاق تونس. وأثار استبعاد حزب آفاق تونس الذي يقوده ياسين إبراهيم من أي تمثيل له في التركيبة الجديدة لمكتب البرلمان غضب كتلته الانتخابية، حيث أعلنت سحب ثقتها من مكتب البرلمان وذلك احتجاجا على رفض عضويتهم في التركيبة الجديدة، وفق ما صرح به عضوها كريم الهلالي. ويؤشر إقصاء الكتلة الانتخابية لحزب آفاق تونس من أي تمثيلية لها في التركيبة الجديدة للبرلمان على أن الخلافات التي تشق أحزاب الائتلاف الحاكم، نداء تونس وآفاق تونس والاتحاد الوطني الحر وحركة النهضة، قد تسللت من تركيبة حكومة الحبيب الصيد إلى داخل الكتل الانتخابية في البرلمان.
كما يؤشر سحب كتلة آفاق تونس ثقتها من مكتب البرلمان على أن الخلافات بينه من جهة، وبين النداء والنهضة من جهة أخرى قد تلقي بضلالها على الحكومة المرتقبة وقد تقود إلى تركيبة خالية من مشاركة حزب آفاق تونس. وتظهر القراءة في التركيبة الجديدة لمكتب البرلمان أن التقارب بين نداء تونس وحركة النهضة قاد إلى حالة استقطاب لا سياسية فقط وإنما أيضا حالة استقطاب الكتل الانتخابية، حيث استحوذت كتلة الحزب العلماني وكتلة الحركة الإسلامية مجتمعتان على غالبية أعضاء مكتب البرلمان بـ 9 أعضاء فيما لم تتجاوز عضوية الكتل الانتخابية الأخرى 4 أعضاء.
ويؤشر الاستقطاب الانتخابي والسياسي على أن التقارب البراغماتي بين النداء والنهضة قد يعمق هشاشة التجربة الديمقراطية الناشئة، وذلك من خلال أغلبية برلمانية قادرة على تمرير مشاريع القوانين بكل سهولة في ظل مشهد سياسي عام يكاد يكون خاليا من التوازن المطلوب. ومنذ تشكيل الحكومة قبل ثمانية أشهر تكتمت الأحزاب الائتلافية عن خلافات تعصف بها بشأن الرؤية في كيفية التعاطي مع الشأن العام وإدارة الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية لإنقاذ البلاد من أزمتها الحادة.
وبإعلانه سحب ثقته من البرلمان احتجاجا على إقصائه من التركيبة الجديدة لمكتب البرلمان يكون حزب آفاق تونس قد نقل الخلافات التي تشق الأحزاب الائتلافية الحاكمة من قصر الحكومة بالقصبة إلى قبة البرلمان لتخرج من كواليس التكتم إلى دوائر العلن وملامسة اتجاهات الرأي العام بتونس. غير أن تكتم الائتلاف الحاكم على هذه الخلافات لم تمنع ياسين إبراهيم الذي يقود حزب آفاق تونس ويتولى حقيبة وزارة التنمية والتعاون الدولي من الخروج عن صمته والحديث عن وجود خلافات بين حزبه مع بقية أحزاب الائتلاف الحاكم منذ بداية جوان 2015، أي بعد مضي خمسة أشهر على نيل تركيبة حكومة الحبيب الصيد ثقتها من البرلمان في بداية فيفري 2015.
وقال إبراهيم في تصريحات لموقع “حقائق أونلاين” إن خلافات آفاق تونس مع بقية الأحزاب الأخرى “تتعلق أساسا بالمشهد السياسي وبالاتجاهات الكبرى التي يجب سلكها في نطاق الديمقراطية الجديدة”، مشددا على أن سبب “الخلاف يعود إلى تغيير مشروع قانون يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء، الذي انطلق من مجلس الوزراء، تغييرا كليا من قبل الأحزاب”. واتهم إبراهيم آنذاك حركة النهضة التي قال إنها “وجدت ضالتها في مشروع القانون بعدما كانت تشهد حالة ضعف سياسي خلال صياغة الدستور صلب المجلس التأسيسي وتنازلت عن مواقفها فيما يخص مسألة استقلالية القضاء”.
ويمثل حزب آفاق تونس القوة الانتخابية الخامسة بـ 8 مقاعد من أصل 217 مقعدا في تركيبة البرلمان التي أفرزتها انتخابات خريف عام 2014. ويتولى آفاق تونس 3 حقائب وزارية في تركيبة حكومة الحبيب الصيد وهي حقيبة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي التي يتقلدها ياسين إبراهيم وحقيبة وزارة المرأة والأسرة والطفولة التي تتقلدها سميرة مرعي وحقيبة وزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي التي يتقلدها نعمان الفهري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق