العرب اللندنية: أفادت مصادر إعلامية متطابقة بأن تنظيم داعش الفرع الليبي قام بعملية تبادل للأسرى مع ميليشيا فجر ليبيا في مدينة سرت (شرق العاصمة طرابلس). وتضمنت عملية تبادل الأسرى وفقا لمصادر عسكرية، إطلاق سراح 5 سائقين لنقل الوقود ينتمون لمصراتة وأيضا تسليم جثامين 3 من قوات المجلس العسكري في مصراتة، ومن جهتها سلمت ميليشيا فجر ليبيا، داعش، 10 مقاتلين ينتمون إلى التنظيم كانوا محتجزين لديها والذين فقدوا في المعارك التي جرت خلال الأيام الماضية بين داعش والكتيبة 166 الموالية لحكومة طرابلس.
وحذّر مراقبون من عملية تبادل الأسرى بين الميليشيا الإسلامية والتنظيم الجهادي، خاصة وأنهما في وقت ليس ببعيد كانا حليفين ويتعاونان ميدانيا، مؤكدين أن الصراع القائم بينهما يمكن أن يتبدد بمجرّد قيام الجيش الليبي بعمليات نوعية قد تهدد وجود الكتائب والميليشيات والتنظيمات المتشددة بما فيها فجر ليبيا وداعش الفرع الليبي.
يشار إلى أن ميليشيا فجر ليبيا اكتسبت قوتها من خلال استهداف العديد من المنشآت الحيوية والتحالف مع جماعة أنصار الشريعة في مدينة سرت، وكان العدوّ المشترك بينهما حرس المنشآت النفطية التابع للجيش الليبي. وإثر تمكّن تنظيم الدولة الإسلامية من فرض سيطرته على عدد من المدن والمناطق المحورية في ليبيا دخل في صراع مباشر مع ميليشيا فجر ليبيا التي رفضت مبايعة البغدادي، لكن رغم الخلافات والقتال الدائر بينهما يظل تبادل المصالح المادية النقطة المشتركة والحاسمة في تحديد علاقتهما الثنائية. هذا وأعلن تنظيم داعش سيطرته على المزيد من المناطق المحيطة بمدينة سرت وكذلك درنة وزعم أنه أيضا عزز مواقعه في مناطق في بنغازي.
وتعدّ مدينة سرت الساحلية أحد أبرز مناطق صراع النفوذ بين داعش وفجر ليبيا باعتبار أن المدينة تقع ضمن ما يعرف بمنطقة "الهلال النفطي" التي تضم مخزونا هو الأكبر من نفط ليبيا. وقد أعربت العديد من الدول في مناسبات عدّة عن قلقها من تعاظم نفوذ تنظيم داعش في ليبيا وتمكنه من السيطرة على مدينة سرت وبعض المناطق المحاذية لها ممّا يزيد من احتمال تحوّل ليبيا إلى منطقة تدريب للجماعات الجهادية بدل العراق وسوريا وهو ما يحصل بالفعل بالنظر إلى وجود العديد من معسكرات التدريب التي يشرف عليها قادة أنصار الشريعة ومقاتلون في صفوف داعش. هذه المخاوف من تغلغل داعش في ليبيا وتمكنه من استقطاب آلاف المقاتلين من جنسيات مختلفة فتح الباب أمام احتمال تنفيذ تدخل عسكري في ليبيا.
وربط محللون سياسيون التدخل العسكري في ليبيا بفشل الوساطة الأممية في تشكيل حكومة الوفاق الوطني التي تفيد جميع المؤشرات بأنها في طريقها إلى الإجهاض، وبعجز قوات الجيش عن تطويق الجماعات المتطرفة ودحرها في ظل حظر السلاح المفروض عليه والذي تطالب الحكومة المؤقتة برئاسة عبدالله الثني برفعه، مرجّحين إمكانية قيام قوات فرنسية وإيطالية ومصرية مشتركة بضرب داعش في ليبيا. وأمام ما يقوم به تنظيم داعش وغيره من الكتائب المسلحة من أعمال عنف ممنهج أكد مجلس الأمن الدولي على الحاجة الملحة للتصدي للتهديدات الإرهابية المتصاعدة، مشددا على وجوب تفعيل مقترح حكومة الوفاق الوطني.
ودعا مجلس الأمن الدولي بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا للمضي قدما في جهودها لتحقيق التوافق حول حكومة الوفاق الوطني المستقبلية، وتنسيق المساعدة الدولية لها بمجرد إتمام عملية تشكيلها. وأضاف مجلس الأمن، في بيان صحفي، أن أعضاء المجلس يرحبون بالدعم الذي أبداه فرقاء ليبيا من أجل تحقيق الاتفاق السياسي وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، مشيرا إلى أن أعضاء المجلس يحثون كافة الأطراف على اعتماد الاتفاق والتوقيع عليه في أقرب الآجال حتى تبدأ الحكومة الجديدة عملها.
كما أكد المجلس على أن الاتفاق السياسي يطرح إمكانية حقيقية لتسوية الوضع القائم في ليبيا خصوصا عقب المشاورات الموسعة التي جمعت قيادات الأطراف السياسية في البلاد بتسيير من الأمم المتحدة، معبرا عن دعم أعضاء المجلس لعملية سياسية تشمل الجميع وتشركهم، دون إقصاء لأي طرف في البلاد. ومن جهته أكد رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبدالله الثني أن الوضع السياسي والأمني في بلاده يتجه نحو الانفراج، بعد أن توصلت جميع الأطياف السياسية الليبية إلى الاتفاق حول الحل السياسي، والتهدئة الأمنية بعد تدخل من عقلاء ليبيين.
وتحدث رئيس الحكومة الليبية عن تهدئة بين الفرقاء مبديا تفاؤله بنجاح مسعى تشكيل حكومة الوفاق، وذلك على هامش مشاركة ليبيا في فعاليات الدورة الرابعة عشرة لمعرض دبي الدولي للطيران. ورغم ما يبديه الفرقاء أحيانا من تفاؤل بخصوص قرب تفعيل التسوية السياسية، يظل الوضع قاتما وغير واضح في ظل تغلغل داعش وعدم قدرة الجيش الليبي على تحجيمه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق