وكالات: انتقلت الدبلوماسية المغربية من موقف الدفاع إلى الهجوم بالردّ بقوة على الخطاب الجزائري المناوئ للوحدة الترابية، حيث دعا المغرب منظمة الأمم المتحدة ومختلف هيئاتها لإدراج حماية والنهوض بحقوق شعب القبايل ضمن جدول أعمالها، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والآليات والإعلانات الأممية ذات الصلة. ورغم أن المبادرة المغربية شكلت مفاجأة بالنسبة إلى المجتمع الدولي، فهي تعتبر حسب العديد من المراقبين خطوة عادية نظرا إلى تصريحات ممثل الجزائر بهيئة الأمم المتحدة خلال أشغال الذكرى السبعين لتأسيس هيئة الأمم المتحدة والتي أكد من خلالها على وجوب "الإسراع بتحديد تاريخ إجراء تقرير المصير للشعب الصحراوي".
وأشار عمر ربيع، مستشار بالبعثة المغربية في نيويورك، إلى أنه يتعين على الأمم المتحدة ألا تصبح متواطئة في الصمت الذي فرض عنوة وبالعنف على شعب القبايل. وحسب ما نقلته وكالة الأنباء المغربية الرسمية، فإن المستشار المغربي طالب الأمم المتحدة بعدم "دعم التواطؤ في الصمت الذي فرض عنوة وبالعنف على هذا الشعب الشهيد"، وأنه "يتعين إبراز أصوات أزيد من ثمانية ملايين قبائلي ظلوا لمدة طويلة تحت وطأة الصمت والخفاء". وتابع المسؤول قوله "الشعب القبايلي يعدّ الشعب الأصيل الوحيد بأفريقيا، الذي ما زال يعاني من التمييز الممنهج والعنف الشامل والحرمان من حقوقه الأساسية، خاصة المتعلقة بتقرير المصير والحكم الذاتي"، مؤكدا "وجود اضطهاد لقادة هذا الشعب، وقمع عنيف للمتظاهرين في المسيرات السلمية، كما وقع إبّان إحياء الذكرى الـ34 للربيع الأمازيغي".
وأوضح عمر ربيع أن الاعتراف بالشرعية الكاملة لتطلعات شعب القبائل تتضمنها المادة 4 من إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، والتي تنص على أن "للشعوب الأصلية، الحق في ممارسة تقرير المصير، والحق في الاستقلال الذاتي أو الحكم الذاتي في المسائل المتصلة بشؤونها الداخلية والمحلية، وكذلك في سبل ووسائل تمويل مهام الحكم الذاتي التي تضطلع بها". وتوجد منطقة القبايل في شمال شرق الجزائر، وتقطنها غالبية أمازيغية تصل إلى 10 ملايين نسمة، وتشهد كل سنة إحياء ما يعرف بالربيع الأمازيغي، وهي ذكرى حراك عرف تنظيم مظاهرات كبرى عام 1980، ساهمت بعد ذلك في الكثير من المكتسبات الخاصة بالأمازيغية، منها جعلها لغة وطنية في الدستور.
الجدير بالذكر أن حكومة القبايل المؤقتة وجهت شكرها الخاص للمملكة المغربية وذلك عقب الموقف الذي عبر عنه عبدالرزاق لعسل نائب الممثل الدائم للمغرب بنيويورك، منذ أسبوعين بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ70 لتأسيس الأمم المتحدة، بخصوص مطالب القبايل في تقرير مصيرهم. وأشادت حكومة القبايل المؤقتة، في بلاغ لها، بموقف المغرب المساند لمطالب شعب القبايل بالاستقلال عن الجزائر، معتبرة أن هذا الدعم والتضامن الذي عبر عنه المغرب تجاه شعب القبايل له دلالات عميقة وثقل تاريخي غير مسبوق بالنسبة إلى مستقبل القبايل.
وذكّر البلاغ بموقف ممثل المغرب بالأمم المتحدة الذي عبر عن أسفه لمعاناة الشعب الأمازيغي بمنطقة القبايل المحروم من أبسط حقوقه، مبرزا "التطلعات المشروعة للسكان الأصليين بمنطقة القبايل التي ما زالت تنتهك في القرن 21". ويرى مراقبون، أن الدبلوماسية المغربية تعمل بطريقة جديدة أكثر انفتاحا على الخارج من أجل انتزاع الإجماع الدوليّ بخصوص مقترح الحكم الذاتي في أقاليمه الصحراويّة. فالدبلوماسية المغربية، تعتمد حسب محللين، على لغة التفاوض السياسي حفاظا على الاستقرار في المناطق الصحراوية حيث تمّ رفع منسوب التعبئة الوطنية بدمج جميع مكوناتها في دبلوماسية ضاغطة تعبّر بوضوح عن القرارات السياديّة للمغرب. وأكد فاعلون سياسيون أن الدبلوماسيين المغاربة أثبتوا قدرتهم على التسويق للنموذج الذي يتبعه المغرب في سياسته الخارجية الجديدة وفي مجال الحريات وحقوق الإنسان في الدفاع عن خيار الحكم الذاتيّ، غير أن بعض أحزاب المعارضة انتقدت أداء الحكومة في التعامل مع الملف الصحراوي واقترحت الانتقال إلى سياسة دبلوماسية هجومية عبر التسريع في تنزيل الحكم الذاتي على الأقاليم الجنوبية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق