وكالات: في مخيم للاجئين خارج مدينة سيتوي في ميانمار يمسك سوي هلاينج ببطاقة وردية هي أهم ما يطمح أقرانه لاقتنائه بين مجموعة البطاقات المختلفة الألوان التي تبين حالة المواطنة. البطاقة تعطيه الحق في الإدلاء بصوته في انتخابات تاريخية تشهدها ميانمار الأحد المقبل. لكن هذا المسلم البالغ من العمر 44 عاما يقول إنه لن يمارس هذا الحق احتجاجا على حرمان معظم مسلمي الروهينجا الذين يعيش بينهم ويبلغ عددهم 1.1 مليون نسمة من حق الانتخاب. سوي هلاينج ليس من مسلمي الروهينجا وإنما من مسلمي الكامان وهي واحدة من 135 جماعة عرقية معترفا بها في ميانمار وتتمتع بحق المواطنة كاملا بخلاف الروهينجا المضطهدين.
لكن سوي هلاينج انتهى به الحال في مخيم للاجئين معظم من فيه من الروهينجا خلال العنف الوحشي الذي تعرض له المسلمون عام 2012، ومنذ دخل المخيم بات يخضع لنفس قيود الحركة التي تفرضها السلطات على الروهينجا. قال من أمام منزله المصنوع من عصي الخيزران في مخيم (أوهن جاو جي) على مشارف مدينة سيتوي "إذا لم يشارك الكل في التصويت لن أشارك." وقال إن حتى زوجته اسمها غير مدرج في قائمة الناخبين الصغيرة بالمخيم.
وبينما تقترب ميانمار من موعد الانتخابات في الثامن من نوفمبر تظل محنة الأقلية المسلمة وصمة تلوث انتخابات توصف بأنها أول انتخابات حرة ونزيهة في البلاد منذ 25 عاما. ومن المتوقع على نطاق واسع أن تبلي الرابطة القومية من أجل الديمقراطية -وهي رابطة معارضة- بلاء حسنا في الانتخابات لكن جانبا كبيرا من موجة الإصلاحات السياسية التي سيمثلها فوز الرابطة سيتحطم على صخرة مسلمي هذه الدولة ذات الغالبية البوذية. فالرهبان البوذيون المتشددون أججوا توترات مناهضة للمسلمين في مرحلة الاستعداد للانتخابات ولم تتقدم الرابطة القومية من أجل الديمقراطية بأي مرشح مسلم خشية حدوث ترويع.
ولم تدفع الأحزاب سوى بعدد قليل جدا من المرشحين المسلمين رغم أن الطائفة المسلمة تشكل حوالي خمسة في المئة من إجمالي عدد السكان البالغ 51 مليون نسمة. وقال أونج ميات رئيس اللجنة الانتخابية إن حوالي 150 مسلما مؤهلون للتصويت من بين قرابة 100 ألف مسلم يعيشون في 20 مخيما حول سيتوي عاصمة ولاية راخين. وتشير أرقام جمعتها الأمم المتحدة إلى أن نحو 2000 من مسلمي الكامان كان مآلهم مخيمات اللاجئين في راخين عقب حملة العنف على المسلمين في 2012. وليس هناك رقم موثوق به لعدد السكان الكامان لكن آلافا يعيشون في ولاية راخين.
خيبة أمل بالغة
كان كثير من أبناء الروهينجا يحملون بطاقة مواطنة مؤقتة بيضاء ظلت سارية حتى فبراير شباط حين أعلن الرئيس ثين سين فجأة إيقاف العمل بهذه البطاقات. وحرم هذا الروهينجا من الحق في التصويت، كما لم يعد كثير من المرشحين المسلمين مؤهلين لخوض الانتخابات هذا العام. يؤكد حزب أراكان القومي -وهو حزب قوي يمثل بوذيي راخين- أن الروهينجا مهاجرون غير شرعيين قدموا من بنجلادش هذا على الرغم من أن كثيرين منهم يقيمون في ميانمار منذ عقود طويلة. ونجحت الضغوط في دفع الحكومة إلى سحب حق الانتخاب منهم مما أثار استياء الأمم المتحدة. وقال الأمين العام للمنظمة الدولية بان جي مون "أشعر بخيبة أمل بالغة لهذا الحرمان الفعلي للروهينجا وأقليات أخرى من حق التصويت." وأضاف "إن حرمان برلمانيين من الروهينجا من إعادة الترشح عمل مشين."
أما بالنسبة لكثير من الروهينجا الذين كان بمقدورهم الإدلاء بأصواتهم في الماضي.. فإن ضياع هذا الحق ليس سوى واحد من سلسلة إحباطات وحرمان من الحقوق. فمجرد الخروج من المخيمات أو القرى التي يعيشون فيها يتطلب إذنا من السلطات حتى ولو للتوجه لمنشآت طبية أفضل تجهيزا. عبد الشكور (41 عاما) هو أحد أبناء الروهينجا الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات عامي 1990 و2010 وكان يعمل مزارعا خارج سيتوي قبل إعادة توطينه في مخيم (أوهن داو جي)، قال "انهارت حياتنا. كيف يمكن لأبنائنا أن يعيشوا في هذا البلد بحرية"؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق