دويتشه فيله: رغم استخدام القادة الفرنسيين عبارة حرب في خطابهم، إلا أن هجمات "داعش" لا تعتبر سبباً كافياً لدعوة الناتو للدفاع عسكريا عن فرنسا. لكن هذا قد يتغير. في خطابه أمام البرلمان أوضح الرئيس أولاند حاجة بلاده إلى "تضامن أوروبي". في خطابه أمام البرلمان الفرنسي بغرفتيه، دعا الرئيس فرانوا أولاند إلى "تضامن أوروبي" في الحرب على الارهاب، عبر مراقبة الدول الأوروبية إلى حدودها، موضحا أن "العدو ليس عدو فرنسا وحسب بل هو عدو لأوروبا". وأكد أولاند أنه طلب من وزير الدفاع دعوة نظرائه الأوروبيين استنادا إلى الفقرة 42.7 من معاهدة الاتحاد الأوروبي والتي تنص على أنه في حال تعرض أي دولة عضو لإعتداء فيقتضي أن تقدم كل الدول الأعضاء تضامنها ضد هذا الاعتداء، بكل الوسائل الممكنة لديها، حسب ما تقتضيه المعاهدة.
وفي خطابه دعا الرئيس الفرنسي إلى "تحالف كبير" للقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، تحالف يشمل روسيا. كما حرص الرئيس أولاند على توضيح أكبر لما يقصده من عبارة "الحرب" التي استخدمها في خطابه الأول مباشرة إثر هجمات باريس. فقد أوضح أنه يقصد "الحرب ضد الجباء" وليس "صراع حضارات". وكان الرئيس الفرنسي قد تحدث في خطابه الأول عن "عمل حربي" شنه "الجش الإرهابي" التابع لـ "داعش".
ومن جهته قال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس إن فرنسا في حالة "حرب". وأضاف فالس أن الحرب لن تقتصر على فرنسا "نحن نعرف أنه يتم التحضير لعمليات في دول أوروبية أخرى". لكن فرنسا لم تطلب حتى الآن مساندة حلف الناتو لها عسكريا. وحول هذه المسألة قال سفير فرنسا لدى ألمانيا فيليب إتينيه في حديث إذاعي، إن قضية دعوة الناتو للدفاع الجماعي "لم تطرح في فرنسا". ومن جهته الأمين العام لحلف الناتو الجنرال ينز ستولتينبيرغ "نحن مصممون أن نواجه كل تهديد قادم من الإرهاب والتطرف والانتصار عليه". إلا أنه لم يأت على ذكر المادة الخامسة من اتفاقية الناتو التي تقضي بالتدخل عسكريا لحماية الحلفاء حال تعرضهم للخطر، انطلاقا من أن أي هجوم عسكري على دولة عضو في الناتو يعتبر هجوما على باقي الأعضاء.
محاذير جمة
مرة واحدة فقط تم طلب "الدفاع الجماعي" في تاريخ الناتو الممتد على 66 عاما، وكان ذلك بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 ضد الولايات المتحدة. وكان رد الرئيس الأمريكي جورج بوش آنذاك شن الحرب على أفغانستان بتحالف عسكري شكلته الولايات المتحدة وليس الناتو. ولاحقا تدخل الناتو في أفغانستان ولكن ليس بناء على المادة الخامسة. وحتى في هجمات مدريد عام 2004، التي أوقعت 191 قتيلا وهجمات لندن، التي أوقعت 65 قتيلا، وفي كلا الحالتين تنازلت حكومتا البلدين الأعضاء في الناتو عن طلب دعم عسكري من الناتو.
ويعتقد رولاند فرويدينشتاين الخبير في مركز مارتن للدراسات في بروكسيل، أن فرنسا لن تحتاج المادة الخامسة في الوقت الحالي. ويشير الخبير إلى الفرق بين هجومي مدريد ولندن وهجوم باريس، إذ يأتي الهجوم الآن من تنظيم "الدولة الإسلامية" والتي هي "بمثابة شبه دولة".
موقف الحزب الجمهوري الأمريكي
الحزب الجمهوري الأمريكي أعلن عن تفهمه في حال طلبت فرنسا مساعدة عسكرية من الناتو، بل إن بعض قادته يودون لو يتولون أمر الطلب بأنفسهم. جب بوش، شقيق الرئيس الأمريكي الأسبق وأحد المترشحين لانتخابات الرئاسة الأمريكية قال: "يجب أن نعلن الحرب"، بما في ذلك قوات برية. لكن "لا يمكننا فعل ذلك وحدنا". وقال المرشح الجمهوري الآخر ماركو روبيو "هذا هجوم على حليف لنا في الناتو، وعلينا الرجوع إلى المادة الخامسة لنتوحد ونواجه هذا التحدي". أما مستشار أوباما للشؤون الأمنية بن رودس، فقال بأن الأمر يعود إلى فرنسا نفسها.
أما وزير الخارجية الأألماني فرانك فالتر شتاينماير، فحذر من رد فعل مبالغ فيه، وقال في اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين في بروكسيل "في نهاية المطاف، لا يمكن كسب الحرب ضد الإرهاب عسكرياً". وقال إن على الجميع ضبط النفس وعدم التصرف بشكل نابع من ضغط اللحظة "كي لا نتخذ قرارات خاطئة". وكذلك كان موقف وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون در لاين مماثلا وطالبت "بالتريث والتعقل" بخصوص تفعيل المادة الخامسة للناتو.
خشية المزيد من القتلى
خشية المزيد من القتلى
لكن ورغم أن الناتو لم يناقش تفعيل المادة الخامسة بعد، إلا أن الدعوات لرد عسكري على "الدولة الإسلامية" تتنامى. ويرى الخبير رولاند فرويدنشتيان أن "هجمات كرّ وفرّ" تنفذها وحدات قتالية مجهزة تجهيزاً عسكريا حديثاً في قلب مناطق "داعش"، كما يفعل الأمريكيون ذلك حالياً، أمراً فعالاً لمواجهة "داعش"، لكنه يحذر من تدخل بري، معتبراً أن الغارات الجوية وحدها لا تكفي.
الدول المعارضة داخل دول الناتو لتدخلٍ بقوات برية كبيرة جداً، نابعة من خشيتها من أن يُقتل جنودها وأن ترد "الدولة الإسلامية" بهجمات أكثر وحشية في دول الناتو نفسها. إلا أن الخوف من هجمات شديدة لا يجب أن يكون معياراً لعدم التدخل العسكري كما يقول رولاند فرويدينشتاين، لأن "هذا معناه الاستسلام للإرهاب". الساسة في الدول الغربية سيدرسون لا شك المخاطر بروية قبل الشروع بعمل عسكري كبير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق