العربية نت: اتخذ الرفض لأساليب "داعش" الإرهابية وجرائمها، أساليب وعناوين شتى، بدءاً من التظاهرات إلى الفعاليات الثقافية والفنية، وصولاً إلى الرد المسلّح. لكن الرفض الجديد الذي اقترحه أدباء عراقيون بإقدامهم على تجربة تتماهى مع تجربة ما مرّ به ذوو البدلات البرتقالية الذين قدّمهم الدواعش "قرابين لمذبح الإرهاب"، أثارت الانتباه إليها، وجعلت التجربة، والشعراء، تحت أضواء التضامن والإشادة. مازن المعموري، كاظم خنجر، علي ذرب، ومحمد كريم، أربعة شعراء من مدينة بابل التي بحث فيها "جلجامش" عن عشبة الخلود، حتى إذا ما حصل عليها سرقتها منه "الأفعى"، كما تقول الملحمة الرافدينية القديمة.
هؤلاء الشعراء، أرادوا إدانة كل أفاعي التواريخ بدءاً من أفعى جلجامش التي سرقت الخلود لفكرة فلسفية، إلى أفعى "داعش" التي تسرق الحياة بعبث وإجرام، فصنعوا لهم قفصاً أشبه ما يكون بقفص الدواعش الذين يحرقون أو يغرقون فيه ضحاياهم، واختاروا فضاء شبيهاً بساحة الإعدام التي ينفذ فيها عناصر التنظيم حفلاتهم الدموية، واقترحوا على إبداعهم قصائد تؤدي دفعة واحدة تعبيراً عن التحام عاطفي أرادوه أن يقاوم الرعب، كما يفعل الخائف في الصحراء حين يغني لنفسه طرداً للخوف وتشجيعاً لها لمجابهة المجهول.
"داعش" احتل ثلث العراق بالفيديو
قال الشاعر مازن المعموري: "تعرفون كيف قدّم التنظيم خطاب الإرهاب والعنف من خلال الفيديو وليس من خلال القصيدة أو الخطب الرنانة، بمعنى أن آلية الخطاب كانت متقدمة لدرجة أنه احتل ثلث العراق بالخوف والقتل والصور والفيديو". وذكر المعموري لـ"العربية.نت": "من هنا كانت فكرة الشعر الأدائي التي أخذت مجالاً واسعاً في تفكيرنا بشكل جماعي قائم على أساس الحوار بين أفراد المجموعة، وتكون القراءات جماعية مرة واحدة داخل القفص، للتعبير عن المصير الواحد الذي يواجهه المجتمع كله". وعن التفاصيل، أوضح الشاعر: "عملنا على استحصال الموافقات الأمنية للتصوير في الكفل في مكان صحراوي مشابه للمشاهد التصويرية لداعش. من ثم جهزنا قفصاً قبل يوم من العمل، وذهبنا إلى الموقع للمعاينة قبل أيام من التنفيذ، وما لاقيناه من مشقة غسلته الأصداء المباركة لهذا العمل".
قصائد ترتدي الزي البرتقالي
وقرأ مازن المعموري في القفص: "رجل برتقالي في قفص ينزّ الآخرين بانتظار أن يحدث ما لا يتوقعه اللحم الساكن، بالتأكيد لا أعني الملائكة التي تنظر للمشهد، لكن اللهب يضمر الشفقة التي تسيل مع اللحم". وتداخل صوته مع صوت علي ذرب، الحائر: "كنت أتساءل عن هذه اللحظات، عن النزيف وحاجة شكلي للمجازفة، يمكن الآن لصفرة أسنانك أن تدب فوق ظهري"، تاركاً للشاعر كاظم خنجر صراخ "اللازمة" التي أرادها أن تكون إيقاعاً "أعطوني رأسي، أستطيع العودة به إلى المنزل".
نص الشاعر محمد كريم، أسماه "الذبّاحون" حيث كل شيء يفضي إلى اللا جدوى "المنزل مُحاصر الكراج مُحاصَر الشارع مُحاصَر التاريخ مُحاصَر الكنيسة مُحاصَرة المسجد مُحاصَر الجبل مُحاصَر الأرض مُحاصرة السيارة مُحاصرة الكافتريا مُحاصرة الفندق مُحاصر طَطَطَطَطَطَ....طَطَ ....طاه اسلمْ تسل".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق