العرب اللندنية: دخلت حركة النهضة الإسلامية معركة ليّ الذراع على الملأ مع عثمان بطيخ وزير الشؤون الدينية في حكومة الحبيب الصيد، مستفيدة من الخلافات الحادة التي يعيشها حزب نداء تونس (صاحب الأغلبية البرلمانية). وتسعى قيادات النهضة إلى إظهار المواجهة بينها وبين بطيخ على أنها خلاف مع الوزير وليس مع رئيس الحكومة، لكن متابعين للشأن التونسي يشيرون إلى أن النهضة توظف الورقة الدينية بشكل واسع في حملتها لإظهار أن الحكومة عاجزة وأن لا شعبية لها.
ويبدو الوزير بطيخ وحيدا في مواجهة منظومة كبيرة زرعتها النهضة داخل الوزارة خلال فترة الوزير السابق نورالدين الخادمي، وهو ما يفسر فشل الوزارة في حل أزمة جامع اللخمي في مدينة صفاقس (جنوب) حيث رفض أئمة النهضة تطبيق قرار يعفي الإمام رضا الجوادي من الخطابة وتعويضه بإمام جديد. وعطّل جمهور النهضة صلاة الجمعة في المسجد لأربعة أسابيع متتالية، ما حدا بالوزير إلى اتخاذ قرار بتغيير صبغة جامع سيدي اللخمي في صفاقس من جامع إلى مسجد وبالتالي اقتصاره على الصلوات الخمس فقط دون صلاة الجمعة.
لكنّ الذراع الدعوية لحركة النهضة قررت التصعيد بأن أعلن أئمة صفاقس المحسوبون على الحركة ذات الخلفية الإخوانية نقل صلاة الجمعة إلى جامع اللخمي، ما يعني تعطيلها في مختلف الجوامع، وتحويل اللخمي إلى ساحة للمواجهة مع قوات الأمن التي يفترض أن تتولى تنفيذ قرار الوزير. وحرصت قوات الأمن في الأسابيع الأخيرة على إبداء نوع من الحياد في الأزمة، ولم تبادر إلى منع المحتجين من تعطيل الصلاة ورفع شعارات سياسية داخل الجامع، لكنها بالمقابل لم تسمح بعودة الجوادي إلى الإمامة بانتظار أن تتولى الحكومة إصدار موقف حاسم يدعم بطيخ ويحذر النهضة من استهدافه.
وطالب قياديون في النهضة مرارا بإقالة الوزير، ولم يستجب الصيد لذلك، لكنّ مقربين من الوزير يتخوّفون من أن يرضخ رئيس الحكومة في الأخير لضغوط النهضة خاصة أن حزب نداء تونس غارق في خلافاته الداخلية. ويقول نشطاء محسوبون على الحركة في مواقع التواصل الاجتماعي إن بطيخ يتبع شق محسن مرزوق أمين عام نداء تونس وأنه يتلقى تعليماته من كمال الجندوبي الوزير المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني والذي يتهمونه بالوقوف وراء عزل الأئمة الذين يتبعون النهضة.
وواضح هنا أن النهضة تقود حملة ضد الشخصيات التي قد لا تكون في صف حافظ السبسي نجل الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، وذلك في سياق خطة لتوسيع الشرخ داخل الحزب الذي نجح في هزمها في انتخابات 25 أكتوبر 2014، وأقام تحالفا وطنيا واسعا ضد خططها لاختراق مؤسسات الدولة. وتحرك الإسلاميون الذين يسيطرون على وزارة الشؤون الدينية ضد خيار الوزير، وأعلن المجلس النقابي للأئمة انحيازه لموقف النهضة، فيما نأى ديوان الإفتاء بنفسه عن الأزمة.
وقال المتحدث باسم ديوان الإفتاء غفران حساينية إن موقف دار الإفتاء بعيد عن كل التجاذبات المتعلقة بموضوع تعطيل صلاة الجمعة أربع مرات على التوالي في جامع سيدي اللخمي بصفاقس. لكن متابعين لشؤون الوزارة قالوا إن مؤسسة الإفتاء كان يفترض أن تدعم الوزير، وأن موقفها مهادن للنهضة خاصة أن المفتي حمدة سعيد معروف بقربه من الوزير الأسبق الخادمي. بالمقابل، لم يتحرك لدعم موقف الوزير سوى جمعيات مدنية وحقوقية اعتبرت أن تعطيل الصلاة لأربعة أسابيع من أجل فرض إمام مقرّب من النهضة هو نشاط سياسي يتناقض مع خطاب تحييد المساجد الذي ترفعه النهضة في وجه الوزير لكنها تمارس نقيضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق