العرب اللندنية: تمكنت الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح من استعادة منطقة "الشريجة" جنوب مدينة تعز بعد تحريرها من قبل المقاومة الشعبية والجيش الوطني بأيام، وذلك بعد أن عمل حزب الإصلاح الإخواني على تغذية الخلافات داخل فصائل المقاومة. ويأتي هذا في وقت تنشط فيه التحركات الدبلوماسية لتسهيل التوصل إلى تفاهمات أوّلية قبل التحول إلى جنيف للاتفاق على حل نهائي. وقالت مصادر مطلعة في تصريح لـ"العرب" إن اتساع فجوة الخلاف بين عناصر حزب الإصلاح والسلفيين من جهة إضافة إلى تردد الكثير من عناصر المقاومة الجنوبية في الانخراط في معركة تحرير تعز عوامل أساسية ساهمت طوال الفترة الماضية في إعطاء مجال أوسع للمناورة السياسية العسكرية للحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ومن ثمة تأخير الحسم العسكري.
ويتهم مراقبون سياسيون حزب الإصلاح اليمني بالعمل على نشر الخلاف في أوساط المقاومة والانشغال بغنائم ما بعد التحرير والسعي لتعزيز نفوذه السياسي والعسكري وهو الأمر الذي عجّل بظهور الخلافات داخل الشق المقاوم. ووفقا لمصادر مقرّبة من قيادة الجيش الوطني تعكف الحكومة اليمنية على وضع خطوط عريضة للمرحلة القادمة والبدء بفرض عقيدة جديدة في جبهات القتال وفي أوساط المقاومة والجيش للمساهمة في الحدّ من استشراء الخلافات السياسية بين صفوف المقاومين.
ويرى الباحث السياسي اليمني والأستاذ في جامعة عدن قاسم المحبشي أن من أبرز عوائق التحرير تعدد الولاءات السياسية والأيديولوجية في صفوف مقاومة تعز، لافتا إلى الدور السلبي الذي يلعبه حمود المخلافي المنتمي إلى حزب الإصلاح بوصفة قائد المقاومة الشعبية في تعز. وتساءل كيف تسند مهمة قيادة المقاومة إلى قيادي من الإصلاح، وهو الحزب الذي لا يمتلك عقيدة مقاومة شعبية حقيقية للتحرير وكل رهاناته ظلت تدور في البحث عن موطئ قدم وتأكيد الحضور بالمشهد ليس إلا.
ويذهب المحلل السياسي منصور صالح إلى أن الرئيس السابق استطاع أن يؤسس شبكة مصالح لا يمكن تجاهلها مع أبرز شيوخ محافظة تعز ونخبها والشخصيات الاجتماعية فيها. وأضاف صالح أن تخاذل الإصلاح، صاحب الثقل الشعبي الكبير، وعدم جديته أسهما في تأخير حسم المعركة، "فالإصلاح ينظر إلى المعركة من منطلق ومبدأ المكسب والخسارة"، مشيرا إلى أن الحزب الإخواني يرى في دعم التحالف العربي للتيار السلفي خسارة له وأن "الردّ عليها يكمن في إفشال جهود دول التحالف لتحرير تعز ودفعها للتعامل معه كقوة مؤثرة في حين اتخذ التحالف هذه الخطوة المتمثلة في توجيه الدعم للسلفيين نتيجة لتعاظم الشعور بأن الدعم السابق الذي ذهب للمخلافي لم يحقق أيّ نتائج ملموسة على الأرض". وأعلن الحوثيون مساء أمس تعيين عبده الجندي، أحد رجال الرئيس السابق، محافظا لتعز في محاولة لاستثمار تراجع المقاومة.
وكشف مصدر سياسي رفيع لـ”العرب” عن رؤية جديدة تسعى الدول الكبرى لبلورتها فيما يتعلق بالملف اليمني وتتضمن وقف إطلاق النار في اليمن ومغادرة الرئيس السابق للبلاد واعتزاله العمل السياسي والمضيّ قدما في فرض بنود الاتفاق الذي يستجيب لروح القرار الدولي 2216. وقال المصدر إن تأخر عقد مؤتمر جنيف2 يعود إلى جدية الدول الدائمة في مجلس الأمن والدول الإقليمية المؤثرة في الملف اليمني ورغبتها أكثر من أيّ وقت مضى في نجاح المؤتمر وعدم ذهاب المتحاورين قبل الاتفاق على مسودة اتفاق نهائي يتم التوقيع عليها في جنيف.
وأضاف المصدر أن إيران أعطت الضوء الأخضر للحوثيين للسير قدما في طريق الحل السياسي في سياق تفاهمات دولية وإقليمية ربما تكون قد استجابت لبعض طموحات إيران في المنطقة. ولفت إلى أن المشاورات الجارية في مسقط برعاية الأمم المتحدة ما زالت تتمحور حول آلية تنفيذ القرار 2216 والبرنامج الزمني والأولويات حيث ما تزال الحكومة مصرة على تنفيذ بنود القرار الدولي قبل وقف إطلاق النار فيما يصر الحوثيون على وقف إطلاق النار ومنحهم فرصة لتنفيذ القرار، وأنه يرجح الإعلان عن هدنة طويلة يتم فيها اختبار نوايا الحوثيين وصالح الحقيقية إزاء الالتزام بالقرار الدولي. وقال المصدر إن المجتمع الدولي ما زال يقدر المخاوف السعودية وأن كل التحركات الدبلوماسية تكون مع استمرار السيطرة العسكرية لقوات التحالف على الأجواء والمياه اليمنية حتى الشعور بأن الخطر لم يعد قائما على أمنهم القومي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق