العربي الجديد: ليس غياب الأمن وحده ما يؤرق العمالة الأجنبية في ليبيا، إذ إن الممارسات العنصرية بحق العمّال الباحثين عن عمل تظل هاجساً كبيراً لديهم رغم أن حدتها قلّت بعد ثورة 17 فبراير، لأسباب عدة. ويقوم بعض أرباب العمل باضطهاد العمال الأجانب، بدءا بالشتم والإهانات اللفظية التي تطاول الشكل ولون البشرة وتصل إلى الاعتداءات الجسدية. لا بل تطاول هذه الممارسات ليبيين من أصل أفريقي، في حين يبقى التمييز الجندري في سوق العمل مأساة مستمرة تطاول عددا كبيرا من النساء اللواتي يقررن خوض دورة الإنتاج. ويعاني هؤلاء من العنصرية بمختلف أشكالها وأنواعها منذ حكم معمر القذافي، وتختلف حدتها بين شخص وآخر. ويقول المدير التنفيذي لمنتدى بنغازي الاقتصادي حمدي عوض، في حديث مع صحيفة "العربي الجديد" حول هذا الموضوع: "بدأت العمالة الأجنبية بمغادرة ليبيا منذ اندلاع الثورة في 2011، حيث فقد أكثر من مليوني عامل أجنبي وظائفهم في ليبيا واضطروا للعودة إلى بلدانهم".
مخالفة القوانين
وفي ظل اعتماد الليبيين بشكل كبير جداً على العمالة الوافدة في إنجاز الكثير من الأعمال التي تتطلب جهداً عضلياً أو أعمالاً حرفية وفنية، تبقى مشكلة البدء في تنظيم دخول هذه العمالة ومنحها تصاريح للعمل هاجساً يؤرق أصحاب الأعمال، ويدفعهم في بعض الأحيان لمخالفة القوانين واستخدام عمالة لا تملك تراخيص أو يدركون أن تراخيصها مزورة ولا تحمل شهادات صحية وأحياناً لا تحمل جوازات سفر أو أوراقا ثبوتية. هذا الواقع، أدى إلى ارتفاع مخاوف أصحاب العمل من سهولة مغادرة العمالة لوظيفتهم، ما ساهم في خفض حدة العنصرية تجاههم في بعض الحالات. والحديث عن العنصرية في ليبيا يطول، فبغياب الأجهزة الأمنية والرقابية يستغل صاحب العمل العامل من أفريقيا أو من أي دولة عربية، من خلال حجز الحرية أو الإهانة والضرب، في حين يرضخ غالبية العمال لهذا الواقع السيئ، حفاظاً على لقمة العيش. ويضيف عوض أن عدم التنظيم من أهم مشاكل عمالة ليبيا، حيث تشير بعض المصادر إلى أن أكثر من 60% من العمالة الأجنبية في ليبيا تعمل بشكل غير قانوني، مما يرتب مشاكل وآثارا سلبية على الاقتصاد الليبي وعلى العمال أنفسهم، حيث يخضعون لظروف عمل سيئة من قبل عدد من أصحاب العمل في غياب القدرة على متابعة هذه الممارسات من قبل الجهات المختصة.
صالح مفتاح، وهو أحد أرباب العمل، يتحدث في هذا الموضوع ويقول إن ظاهرة العنصرية قديمة جديدة تجاه العمال وخصوصا الأفارقة منهم "فأنا أعرف عددا من التجار الذين يعتدون بالضرب على عمالهم لأي خطأ يرتكبونه ويتم شتمهم وسبهم بألفاظ نابية. لكن الحقيقة، ونتيجة لقلة العمالة تراجعت حدة العنصرية، لا بل قام عدد من أصحاب العمل بزيادة رواتب العمال الأجانب". عبد الرحمن، هو عامل مصري في ليبيا، ويعمل في محل خضروات، يقول في حديث مع "العربي الجديد": "أنا في ليبيا من مدة تزيد عن الـ 15 سنة، والوضع هنا تغير. العنصرية موجودة ولا يستطيع أحد إنكارها ولكنها قلت نتيجة عدم وجود عمالة كافية في ليبيا نتيجة الظروف الأمنية. وهذا الواقع دفع كذلك الليبيين للعمل في مجالات لم يدخلوها سابقاً، مصلحة رب العمل المحافظة على عامله حتى لا يخسره. أنا ألقى معاملة حسنة ولكن أعرف آخرين يعتدى عليهم، أو يتعرضون لتعنيف لفظي في أقل الأحوال".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق