تضاعف التفجيرات الإرهابية التي هزت باريس والعالم يوم 13 نوفمبر الماضي من التحديات التي تواجهها الجالية المسلمة في فرنسا وأوروبا عموما، وسط تصاعد أعمال العنف الموجهة ضدّهم على خلفية الأعمال الدموية التي يرتكبها تنظيم داعش، لكن يحاسب عليها المسلمون الفرنسيون الذين لا يشاركونه الأيديولوجيا والمبادئ
صحيفة العرب اللندنية: ألقت تفجيرات باريس الدامية بظلالها، كما كان متوقّعا، على حياة المسلمين في أوروبا ووضعهتم في مواجهة مصيرية مع المتطرّفين الأوروبيين، وقد عكست حدّتها وخطورتها تصريحات جان ماري لوبن، مؤسس حزب الجبهة الوطنية اليمينية المتطرف، التي دعا فيها إلى "قطع رؤوس الإرهابيين" المسلمين، بينما تدعو ابنته مارين إلى "إعادة عقوبة الإعدام للإرهابيين مع قطع الرأس كما يفعل تنظيم الدولة الإسلامية"، وقالت حفيدته النائبة ماريون ماريشال لوبن إن المسلمين لن يكونوا بنفس مرتبة الكاثوليك في فرنسا.
وقال جان ماري لوبن في مؤتمر صحافي "يجب تأكيد المبادئ الأساسية للدفاع المشروع عن النفس والأولوية الوطنية"، داعيا أيضا إلى "إلغاء الجنسية المزدوجة" وكذلك إلغاء قانون الجنسية على أساس الولادة وطرد المهاجرين السريين. واعتبرت ماريون ماريشال لوبن، في مقابلة نشرتها صحيفة يمينية متطرفة في عددها الصادر السبت، إنه "يتعين القبول بتحديد ما هو إرثنا وما هي هويتنا". وذلك يمر، حسب قولها عبر "تأكيد إرثنا اليوناني الروماني والمسيحي. ولا بد من القول إن فرنسا هي أرض مسيحية ثقافيا وروحيا منذ زمن طويل".
ويقول مراقبون إن الاعتداءات التي أسفرت عن سقوط 130 قتيلا في 13 نوفمبر في باريس، قد تدفع إلى صعود حزب الجبهة الوطنية، خلال اقتراع سيجرى في مطلع ديسمبر القادم، وسيكون الاختبار الانتخابي الأخير قبل الانتخابات الرئاسية في 2017، ما قد يزيد من مشاكل المسلمين في فرنسا، وأوروبا عموما، ويضاعف من عمليات استهدافهم. وقالت جماعتا رصد إن الحوادث المناهضة للمسلمين ومن بينها الهجوم على مسلمات ورسوم الغرافيتي التي تنضح بالكراهية زادت في فرنسا منذ هجمات في باريس. وذكر المرصد الوطني لمناهضة الخوف من الإسلام، وهو مؤسسة تربطها صلات بالمجلس الإسلامي الفرنسي، أن 32 حادثة مناهضة للمسلمين وقعت الأسبوع الماضي. وبيّن عبدالله ذكري رئيس المرصد أنه عادة ما يتلقى ما يتراوح بين أربع وخمس شكاوى من مسلمين مضطهدين أسبوعيا. وقالت جمعية التصدي للخوف من الإسلام في فرنسا، وهي منظمة مستقلة، إنها سجلت 29 حادثة.
وسجل المرصد 178 حادثة مناهضة للمسلمين في يناير بعد هجوم إسلاميين متشددين على صحيفة تشارلي إيبدو ومتجر للأطعمة اليهودية في نفس الشهر. ويصل عدد أفراد الأقلية المسلمة في فرنسا إلى خمسة ملايين مسلم وهي أكبر أقلية مسلمة في أوروبا وتمثل نحو ثمانية في المئة من السكان. وقال ذكري إنه يتوقع المزيد من الحوادث في الأسابيع المقبلة لأن الهجمات الأخيرة شجعت “جماعات قومية متطرفة واليمين المتطرف وعنصريين” على استهداف المسلمين. وأضاف “إنهم يستغلون هذه الأجواء للهجوم". وقال ياسر اللواتي، وهو متحدث باسم جمعية التصدي للخوف من الإسلام في فرنسا، “أصبح المسلمون هم العدو في الداخل”، مشيرا إلى أن اهتمام وسائل الإعلام بهذه الحوادث كان متفاوتا. فعلى سبيل المثال لكم رجل شابة محجبة في مدينة مرسيليا يوم الأربعاء وقطّع ملابسها بآلة حادة ووصفها بأنها إرهابية في حادثة تناولتها وسائل الإعلام على نطاق واسع.
وذكر اللواتي أن مهاجما صدم محجبة أخرى بعربة تسوق وركلها داخل متجر للبقالة في ضاحية ليون في نفس اليوم لكن الحادثة لم تلق اهتماما إعلاميا. وأضاف أن ستة محتجين خرجوا من مسيرة مناهضة للمهاجرين في بلدة بونتيفي بمنطقة بريتاني في شمال غرب فرنسا بعد يوم من هجمات باريس وهاجموا شابة تنحدر من شمال أفريقيا أثناء مرورها في الشارع. وظهرت رسوم غرافيتي مناهضة للمسلمين في أنحاء كثيرة؛ ففي بلدة إيفرو بشمال فرنسا كتبت على مبنى البلدية ومبان أخرى عبارات مثل “الموت للمسلمين” و”حقيبة سفر أو كفن” في تهديد يشير إلى أن المحتجين يرغبون في أن يترك المسلمون البلدة. وأفادت تقارير بأن صلبانا معقوفة رسمت على حوائط المساجد من الخارج في منطقة باريس وفي منطقة بونتارلييه قرب الحدود مع سويسرا.
وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بالتعليقات العنصرية والمناهضة للمسلمين بعد أن انتشرت أنباء الهجمات. وقال اللواتي إن حالة الطوارئ التي فرضت في فرنسا بعد هجمات باريس أدت إلى تزايد الشكاوى من وحشية الشرطة التي داهم أفرادها منازل لتفتيشها ووضع أشخاص تحت الإقامة الجبرية. وأضاف أن شكوى من مدينة نيس قرب الحدود الإيطالية ذكرت أن الشرطة أصابت طفلة كانت نائمة في شقة داهمتها يوم الخميس. وقال مسؤولون بمسجد في ضاحية أوبرفييه بباريس إن مسجدهم هوجم مما خلف ثقوبا في السقف وحطم نوافذ وأبوابا وألقيت المصاحف على الأرض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق