دويتشه فيله: يعتبر كثير من الأتراك أنّ اقتحام الشرطة محطات تلفزيونية قريبة من المعارضة هو مقدمة لما هو أسوأ، قبل أيام من الانتخابات، لأنّ رجب طيب إردوغان يتخوف من خسارة جديدة قد تقبر طموحاته في بسط سلطته الكاملة على البلاد إلى الأبد. صور دراماتيكية تلك التي شاهدها الأتراك في بث مباشر وأمام الكاميرات حين اقتحمت الشرطة في اسطنبول مقار محطتي بوغون وكانال- تورك اللتين تنتميان إلى مجموعة الداعية فتح الله غولن عدو اردوغان اللدود. وبعد الاقتحام قامت قوات الأمن بتفريق الموظفين الذين كانوا متجمعين لحمايتهما، بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه. وأمام غياب بدائل أخرى اضطر الموظفون لاستعمال مظلات يدوية حاولوا بواسطتها وقف زحف قوات الأمن، لكن دون جدوى. وظلت قناة بوغون تنقل تلك المشاهد بالمباشر إلى أن أوقفت الشرطة البث بشكل نهائي.
ويبدو أن مؤسسات الدولة بدأت تفقد أعصابها قبيل إجراء الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها، فسواء تعلق الأمر بالحزب العمالي الكردستاني أو ما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية" أو الصحافة التي تنهج خطا تحريريا منتقدا للسياسة الرسمية، فإن الحكومة اختارت ضرب كل المعارضين، كيفما كانت انتماءاتهم. وبهذا الصدد يرى كريستيان براكل مدير مكتب مؤسسة هاينريخ ـ بول الألمانية في اسطنبول، في حوار معDW أن اقتحام آخر محطة تلفزيونية معارضة في البلاد يعتبر ذروة تطور مؤسف من حيث انتهاك حقوق الصحافيين واستطرد بهذا الصدد "منذ مدة والدولة التركية تنتهك حرية الصحافة، في جو تقود فيه وسائل الإعلام القومية والقريبة من حزب العدالة والتنمية حملات كراهية ضد الصحافيين النقديين وتعتبرهم خارجين عن القانون".
ذعر في صفوف الحزب الحاكم
تعيش الصحافة التركية إحدى فتراتها القاتمة، إذ صنفت منظمة "مراسلون بلا حدود" في تقريرها لعام 2015 تركيا في المرتبة 149 من أصل 180 بلدا، وهي غير بعيدة بذلك عن دول كروسيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وتعالت أصوات قوى المعارضة منتقدة بشدة العملية التي قادتها قوات الأمن. وفي مقدمة تلك الأصوات صوت حسني بوزكورت النائب من حزب الشعب الجمهوري (يسار/ وسط)، والذي اعتبر أن "هذا الاقتحام ليس هجوما على المشهد الإعلامي فقط، وإنما هو أيضا اعتداء على الديمقراطية برمتها". وأوضح أن هجوم قوات الأمن تعبير عن حالة الهلع التي يعيشها الحزب لحاكم في تركيا وإدراكه أن وقت الرحيل قد حان بعد 13 عاما قضاها في الحكم.
إردوغان في مواجهة غولن
الواقع أنه سواء تعلق الأمر بـتلفزيون بوغون أو بقناة كنالتورك، فإنه لا يمكن وصف أي منهما بكونه معقلا للصحافة المستقلة، فالقناتان تنتميان لمجموعة مكونة من 22 شركة، فيما تدخل المجموعة الإعلامية في ملكية حركة غولن. وكان الداعية غولن في وقت ما، قريبا جدا من إردوغان خصوصا حينما كان الأمر يتعلق بمحاربة المعارضة آنذاك، قبل أن يتحولا إلى عدوين لدودين. ويتهم إردوغان غولن، الذي يعيش في المنفى في الولايات المتحدة، بأن حركته اخترقت أجهزة الشرطة والقضاء في تركيا بهدف إسقاط الحكومة.
الواقع أنه سواء تعلق الأمر بـتلفزيون بوغون أو بقناة كنالتورك، فإنه لا يمكن وصف أي منهما بكونه معقلا للصحافة المستقلة، فالقناتان تنتميان لمجموعة مكونة من 22 شركة، فيما تدخل المجموعة الإعلامية في ملكية حركة غولن. وكان الداعية غولن في وقت ما، قريبا جدا من إردوغان خصوصا حينما كان الأمر يتعلق بمحاربة المعارضة آنذاك، قبل أن يتحولا إلى عدوين لدودين. ويتهم إردوغان غولن، الذي يعيش في المنفى في الولايات المتحدة، بأن حركته اخترقت أجهزة الشرطة والقضاء في تركيا بهدف إسقاط الحكومة.
وبغض النظر عن حركة غولن، يسود توتر شديد بين السلطات ووسائل الإعلام، تفاقم في الأسابيع الماضية اثر استئناف المواجهات مع الأكراد ومع اقتراب الانتخابات. وتعرض مقر صحيفة حريَّت في اسطنبول الشهر الماضي لهجومين من متظاهرين كانوا يرددون شعارات مؤيدة لرئيس الدولة. كما تعرض احد ابرز كتاب الصحيفة وهو احمد حقان للضرب أمام منزله بعد فترة قصيرة من تلقيه تهديدات "بسحقه كحشرة" من قبل احد كتاب المقالة في صحيفة "ستار" المقربة من النظام. وتنفي الحكومة التركية خنق وسائل الإعلام ويكرر اردوغان القول إن الصحافة في بلاده تتمتع "بأكبر قدر من الحرية في العالم".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق