الخميس، 8 أكتوبر 2015

المانيا_هل ستشدد ألمانيا قانون اللجوء تحت ضغط أزمة اللاجئين؟

دويتشه فيله: مع تزايد موجات اللاجئين في ألمانيا، يتجدد النقاش حول قانون اللجوء، وإمكانية تعديله وهو ليس بالأمر السهل إطلاقا، لأن القانون الأساسي الألماني يمنح حق اللجوء بشكل موسع لكل الملاحقين سياسيا عبر العالم. "يتمتع الملاحقون سياسيا بحق اللجوء" هذا ما ينص عليه باختصار ووضوح القانون الأساسي الألماني في "المادة 16 أ" وهو القانون، الذي يعد بمثابة دستور البلاد. ولم يكن هناك إشارة لا إلى حد أقصى لعدد اللاجئين أو إلى النسبية في تقييم حالة اللجوء. وحسب تعبير الفيلسوف القانوني في هامبورغ راينهارد ميركل فإن ألمانيا هي واحدة من الدول القليلة، التي لديها "قانون حق لجوء فردي". ولا يعرف هذا القانون"حق الشعوب في اللجوء" كما هو شأن أغلب الدول، كما يقول ميركل. وهو الأمر الذي كان مرغوبا فيه من البداية، لأنه تحت ضغظ حركات اللجوء الكبرى خلال وبعد الحرب العالمية الثانية أصبح قانون اللجوء في ألمانيا واحدا من أكثر قوانين اللجوء سخاء في العالم. وظل القانون غير محدود إلى عام 1993. 
وبما أن عددا قليلا نسبيا في ذلك الوقت تقدم للحصول على اللجوء السياسي، فإن السياسيين والمجتمع لم يكن لديهم أي مشكلة مع ذلك القانون. لكن الأمر تغير خلال الحروب اليوغسلافية بداية التسعينيات حينما هرب مئات الآلاف إلى ألمانيا، كما تم تنفيذ عدة هجمات قاتلة على مقرات إيواء طالبي اللجوء، حينها طالب ما يقرب من ثلاثة أرباع الألمان في استطلاع أوائل 1992 بتخفيض عدد طالبي اللجوء. وبعد نقاشات سياسية داخلية حادة أقر الحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم وحليفه الحزب الليبرالي صيغة تسوية تقيد إمكانيات اللجوء السياسي في ألمانيا وذلك بموافقة الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض آنذاك. وكان التغيير الأهم الذي طرأ على القانون هو: أن من يسافر إلى ألمانيا عبر دولة ثالثة آمنة، فإنه لا يحق له بتاتا تقديم طلب اللجوء في ألمانيا. نظريا فإن ألمانيا قامت بذلك بإقفال حدودها بشكل محكم، منذ ذلك الحين انخفض عدد طالبي اللجوء ليصل سنة 2007 إلى أقل من عشرين ألف طلب في سنة كاملة. وهو العدد الذي تستقبله ألمانيا اليوم خلال يومين أو ثلاثة أيام، دون المراقبة اللازمة.
حل المنطقة العازلة لم يعد قائما
سلطات الدولة الألمانية لم تعد تعرف كم عدد هؤلاء اللاجئين ولا من أين يأتون، والسبب في عدم تطبيق القانون القديم هو بسيط جدا: فبعض دول الاتحاد الأوروبي تسمح بمرور هؤلاء المهاجرين دون التحقق من طلبات لجوئهم، أو الاهتمام بالناس كما يجبرهم القانون الأوروبي على ذلك. إذن حل الدول الثالثة كمنطقة عازلة لم يعد قائما، وطبعا كان من الممكن لألمانيا أن تعيد هؤلاء الناس وتقفل في وجوههم باب اللجوء، لكنها لم تفعل ذلك لأسباب سياسية وأخلاقية. في منتصف سبتمبر/ أيلول قامت الحكومة الاتحادية تحت ضغط موجات اللاجئين المتنامية بإعادة مراقبة الحدود الألمانية النمساوية، لكن ذلك لم يكن يعني منع المهاجرين من عبور الحدود. في أواخر سبتمبر/أيلول تم إقرار تعديل في قانون اللجوء يعتبر دول البلقان دولا آمنة، ومواطني تلك الدول لا يحق لهم الحصول على اللجوء، وبالرغم من ذلك التعديل فإن موجة اللاجئين لم تتوقف، كما لم يخفف ذلك من الضغط على إمدادات الإغاثة لطالبي اللجوء أو في مراكز الاستقبال الأولي. فهل يمكن للحكومة الاتحادية الألمانية أن تقر مع الوقت حدا أقصى لعدد اللاجئين؟ خاصة وأن سياسيين من حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي البافاري يريدون المزيد من التقييد على قانون اللجوء أو قانون لم شمل الأسرة، وهو أمر صعب جدا من الناحية القانونية. وحتى إذا لم يكن هناك حد أقصى في استقبال اللاجئين القادمين من مناطق الحروب والأزمات، فإن هناك حدا أقصى فيما يتعلق ببعض الأمور العملية مثل إيواء اللاجئين أو حدود العبء المادي لاستقبالهم.

استفتاء شعبي في الأفق؟
يقول راينهارد ميركل إن مهمة السياسة الصعبة هي إدراك كل ما سبق، فالأمر لا يتعلق فقط بتحديد حدود ما هو غير ممكن إطلاقا، وإنما حدود الذي لم يعد محتملا إطلاقا. "لكن أين هي تلك الحدود؟ ذلك ما يثير جدلا كبيرا. فالكثيرون يعتقدون، ومن بينهم المستشارة الألمانية، أن الحد الأقصى ما يزال بعيدا، من جهة ثانية يرى آخرون أنه تم مسبقا تجاوز الحد الأقصى. أما الفيلسوف القانوني ميركل الذي يشاطر بالصدفة نفس اسم المستشارة، فإنه يرى أن هناك حدودا حتى على المستوى الثقافي. إذ يرى أنه "حق أساسي للمجتمعات السياسية بأن تحافظ وتدافع عن النمط الحياتي الذي اكتسبته تاريخيا، وأن تدافع عن المبادئ، والخصائص التي من الممكن أن تؤثر عليها موجة الهجرة"، هذا بالإضافة إلى الأعباء الاقتصادية والتنظيمية للأمر. سؤال آخر يُطرح اليوم أليس من الضروري أن يتم استفتاء الشعب حول الموضوع؟ راينهارد ميركل يرى أن الأمر سيطرح قريبا "فإما انتخابات جديدة أو استفتاء على هذه القضية" وإلا سينتج عن الأمر حالة من عدم الرضا ستظهر جليا في الانتخابات المقبلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق