إرم نيوز: تحاول الجمهورية التركية التحرر من قيود القطيعة الإقليمية التي عاشت فيها خلال الأعوام الأخيرة مع محيطها العربي، عبر تفعيل الاتفاقيات العسكرية مع دول مجلس التعاون الخليجي، التي باتت ملامحها أكثر وضوحاً في الآونة الأخيرة. وأجرى الجيش القطري، حديثاً، مناورات عسكرية مشتركة، مع الجيش التركي، في العاصمة القطرية الدوحة، تحت عنوان “نصر 2015″ في خطوة عملية لتفعيل الاتفاقيات العسكرية الموقعة بين البلدَين. وشارك في المناورات، القوات البرية الأميرية القطرية، والقوات الخاصة، والحرس الأميري، وقوات الخدمة الوطنية، بالإضافة للقوات التركية، بحضور مسؤولين عسكريين قطريين وأتراك.
وقال مدير التمرين العميد الركن، فهد محمد الدهيمي، إن المناورات تهدف إلى تبادل الخبرات مع القوات التركية، والتدريب على أعمال الأركان المختلفة، والاتصالات، والاستخبارات، وعمليات التنقل والإمداد، ورفع كفاءة وحدات القوات البرية. وتحاول حكومتا كل من قطر وتركيا اللتين يجمعهما حلف إستراتيجي منذ أعوام، تفعيل التعاون العسكري بينهما وفقاً للاتفاقية العسكرية الموقعة في 19 كانون الأول/ديسمبر 2014.
وكانت أنقرة أعلنت يوم 8 حزيران/يونيو الماضي، بدء سريان اتفاقية التعاون العسكري مع قطر، لرسم آليةٍ تضمن تعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات التدريب العسكري، والصناعات الدفاعية، والمناورات العسكرية المشتركة، وتمركز القوات المتبادلة بين الجانبين. وتنصّ الاتفاقية على أن البلد المضيف، يسمح للبلد الآخر، باستخدام موانئه البحرية ومطاراته ومجاله الجوي، وبتمركز قواته العسكرية على أراضيه، وباستفادته من الوحدات والمؤسسات والمنشآت العسكرية، بالإضافة إلى المناورات المشتركة، وتبادل المعلومات، ومكافحة الإرهاب.
وكانت لجنة الشؤون الخارجية للبرلمان التركي، وافقت يوم 5 آذار/مارس الماضي، على قرارٍ يسمح بإرسال قوات عسكرية تركية إلى أراضي إمارة قطر، مقابل السماح لقطر بإرسال قواتها إلى الأراضي التركية، وصدّق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان على القرار. وعلى الرغم من أن مجلس الوزراء التركي يُعدّ المسؤول عن تجهيز القوات المسلحة للعمليات الدفاعية، فإنه لا يمتلك صلاحيات الإعلان عن حالات الحرب، وإرسال القوات المسلحة التركية إلى الخارج، أو السماح لمرابطة القوات الأجنبية في تركيا، إلا بعد أخذ موافقة البرلمان، والحصول على توقيع رئيس الجمهورية.
ويُعتبر الحلف الإستراتيجي مع الدوحة، نقطة مميزة في السياسة الخارجية التركية، وبات التقارب في وجهات النظر بين الدولتين، حول أبرز القضايا الإقليمية، واضحاً بشكل متزايد في الأعوام الأخيرة، إذ يجمعهما نظرة مشتركة حيال أزمات المنطقة العربية. وتأتي المناورات القطرية التركية، بالتزامن مع زيارة وفد عسكري رفيع من دولة الكويت إلى العاصمة التركية أنقرة، في 18 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، للاطلاع على تجربة قوات الدرك التركية في المهام العسكرية والأمنية، ضمن مساعي دول مجلس التعاون الخليجي في الوصول إلى صيغة توافق مع الحكومة التركية، تعزز العلاقات العسكرية، وتبادل الخبرات، لضمان الاستقرار السياسي في المنطقة.
وتعمل زيارة وفد الحرس الوطني الكويتي برئاسة قائد الحماية والتعزيز، اللواء ركن فالح شجاع فالح، إلى أنقرة، على تفعيل الاتفاقيات العسكرية التي وقعها الرئيس التركي السابق، عبد الله غول، قبل أكثر من عام، مع الكويت، والتي تضمنت تنسيقاً مشتركاً في مجال التدريب العسكري، وتبادل الخبرات، وإجراء المناورات المشتركة بين القوات العسكرية لكلا البلدَين، والتعاون في مجالات الصناعات الدفاعية. وبدأت ملامح التقارب العسكري بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي عموماً، تظهر على السطح في الشهور الأخيرة، كمحاولة لتغيير موازين القِوى في المنطقة، إثر أعوام من القطيعة السياسية، مع أغلب دول المجلس.
وتُعدّ الاتفاقيات العسكرية بين تركيا والمملكة العربية السعودية، ذات الثقل السياسي والاقتصادي، الأبرز بين الاتفاقيات التي وقعتها أنقرة مع دول الخليج العربي، إذ يعتبر التعاون المشترك في مجال التسليح، قفزة نوعية في العلاقات المتبادلة التي شابتها فترة طويلة من الفتور، على خلفية تضارب المواقف حيال بعض القضايا الإقليمية؛ وعلى رأسها الخلاف حول دعم الرياض للحكومة المصرية، في حين تدعم أنقرة حركة الإخوان المسلمين المحظورة. ورغم أن التقارب السعودي التركي يشوبه الحذر والقلق؛ إلا أن محللين يرون في التنسيق العسكري بين البلدين، على أنه امتداد للتعاون العسكري الذي وقّع عليه الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حين كان ولياً للعهد ووزيراً للدفاع، وهو من رسم ملامح العلاقات مع تركيا خلال زيارته لأنقرة في أيار/مايو 2013. ويبدو أن تنامي الدور الإيراني؛ في كل من اليمن، وسوريا، والعراق، ولبنان، دفع الحكومة التركية إلى البحث عن دور تشاركي، لإدارة أزمات المنطقة، مع دول مجلس التعاون الخليجي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق