دويتشه فيله: في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن انتفاضة ثالثة ويتنامى فيه شعور بالخوف لدى بعض الإسرائيليين، يرى آخرون أن الأحداث الحالية هي مجرد سحابة عابرة، وأن الوقت قد حان للبحث عن حل دائم وايجابي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. إثر الاصطدامات الأخيرة بين إسرائيليين وفلسطينيين يتنامى الخوف من اندلاع حرب جديدة. ويأتي ذلك بعد مرور عام على الهجوم الإسرائيلي على غزة، والذي سمي بعملية الجرف الصامد. لاينطلق الخوف من العنف الشرس فقط وإنما أيضا من التبعات المحتملة بسبب التصعيد المستمر في الصراع.
" ليس الخوف من الإصابة البدنية فقط ، وإنما الخوف الأكبر هو من التصعيد وشعورالكراهية والتعصب" كما تقول شاي لعدان، وهي طالبة تبلغ من العمر 31 عاما وتنحدر من مدينة بئر السبع بجنوب إسرائيل." وتتابع:"أتذكر جيدا ما حدث خلال عملية الجرف الصامد، والهجمات ضد شخصي والتي تعرضت لها بسبب آرائي اليسارية." وتضيف الطالبة الإسرائيلية:" عندما أفكر في كل ما ينشره الإسرائيليون على الفايسبوك وكيف يتمنون أن تتعرض النساء للاغتصاب بسبب آرائهن، وينادون علنا لقتل الأطفال، فإنني أشعر بالعجز." تعرف شاي لعدان الناس الذين تعرضوا للتهديد، فقط لمجرد أنهم أدانوا العنف بشكل عام، كالأعمال الانتقامية الأخيرة التي يتورط فيها كل من الإسرائيليين والفلسطينيين في مدينة القدس القديمة. لعدان، تشعر هي أيضا بالقلق إزاء مستقبل الشعبين في وطنهما المشترك.
العنف والعنف المضاد
العنف والعنف المضاد
في الأسابيع الأخيرة ازدادت وتيرة الاشتباكات بين الاسرائيليين والفلسطينيين في الضفة الغربية، زادت حدة التوتر بشكل كبير بعد العثور على زوجين يهوديين قتلا في سيارتهما بالرصاص. وإثر ذلك، تم تعزيز القوات الاسرائيلية في المنطقة للبحث عن المهاجمين وتجنب أعمالا انتقامية. كان قطاع غزة أيضا مسرحا لأعمال عنف جديدة، عندما ألقى مئات من الفلسطينيين الحجارة والإطارات المشتعلة على قوات الأمن الإسرائيلية عند السياج الحدودي. فقتل ستة فلسطينيين، وأصيب ستون آخرون. ولم يتأخر المسؤولون في الحكومة الإسرائيلية وأفراد الجيش ليشرحوا للسكان أنه ليس هناك انتفاضة ثالثة في الأفق. فعلى عكس انتفاضة عام 2000 حثت السلطة الفلسطينية قواتها الأمنية على مكافحة العنف.
الخوف السائد
غير أن كل ذلك لا يطمئن الناس في المناطق الإسرائيلية والفلسطينية. "في كل مرة أغادر منزلي، لا أشعر بالأمان"، كما تقول أوري بدائيل، وهي مدرسة تبلغ من العمر 27 عاما ، والمنحدرة من قرية اسرائيلية صغيرة تسمى تلماي إليعازر، الواقعة على بعد 10 كيلومترات من الضفة الغربية. وتتابع "أنا أعيش بالقرب من بعض القرى العربية وكنت اليوم في مركز للتسوق، وكنت التفت كل بضع ثوان لمعرفة من يمشي ورائي". وبالنسبة لآخرين فإن الحوادث غير المتوقعة والتي تبدو عشوائية تنشر حالة من الخوف ."حقيقة أن جميع الهجمات كانت عبارة عن طعنات عفوية بالسكاكين ، وهو ما يخلق درجة عالية من انعدام الأمن" كما تقول الطالبة إليث روزين المنحدرة من تل أبيب والبالغة من العمر 23 عاما ، والتي تتابع "كل هذا حدث في مواقع مركزية، حيث يأتي كل اليوم آلاف الناس."
أزهار وأشواك
وفيما تمثل الأحداث الحالية تصعيدا بالنسبة للبعض، فإن البعض الآخر يرى أنها لن تؤدي إلى اندلاع حرب وإنما هي مجرد موجة عنف صغيرة. ناريمان مروات ، هي مدرسة فلسطينية تبلغ من العمر 36 عاما وتنحدر من الناصرة. وتروي ناريمان كيف تعرضت للهجوم قبل 13 عاما من قبل إسرائيلي: "خرجت من الحافلة وكنت أمشي، فجاء جندي اسرائيلي من ورائي وأخذ يقول، الموت لكل العرب، ثم ألقى بي على الأرض ووجه بندقيته باتجاهي ".
كل ما فكرت به ناريمان ساعتها هو طفلتها البالغة من العمر آنذاك ثمانية أشهر، والتي ستفقد والدتها. وتتابع ناريمان:" نظرت إلى الجندي الاسرائيلي في عينيه وقلت له لدي طفلة رضيعة تنتظرني في البيت، والتي ما زالت تنتظر مني أن أقبلها وأحضنها وأربيها." وتتابع ناريمان:"فجأة استيقظت كل معاني الانسانية في الجندي الاسرائيلي الذي درف الدموع وقال لي انهض واذهب من هنا لا أريد أن أكون قاتلا." وبسبب ذلك الجندي الإسرائيلي تعرف ناريمان أن اسرائيل تحتوي على أزهار وأشواك.
هل من أمل؟
حاليا يبدو أنه لامكان للشفقة والرحمة في شوارع القدس.،فقد اندلعت أعمال شغب قام بها نشطاء اليمين المتطرف ليلة الخميس ضد ما يسمونه بالتراخي والاستسلام لحكومة إسرائيل. "وكانوا يهتفون "الموت للعرب" و "الدولة البوليسية". كانوا يركضون وراء الناس ويتحدثون إليهم بطريقة استبدادية، أما الذين يردون عليهم بلكنة عربية فكانوا عرضة لهجومهم. كما إنه ليس هناك حاجة لدى وسائل الاعلام لتغطية الحوادث التي يعتبرونها "غير مهمة"، مثلا عندما أصيب عامل بناء فلسطيني بجروح بعد قيام اسرائيلي بطعنه بالسكين، أو كيف أن صاحب مخبز ارثودوكسي متشدد طرد كل عماله العرب.
اليوم مرت 25 سنة على الاحتجاجات التي اندلعت في محيط الحرم القدسي، والتي قتل فيها عام 1990 نحو 20 فلسطينيا وجرح فيها أكثر من 150 شخصا. ويبدو أن الأمور لم تتغير منذ 25 عاما، فالفجوة بين الإسرائيليين والفلسطينيين مازالت قائمة، وكذلك كيفية رؤية الشعبين للتطورات في بلدهم. ورغم كل ذلك، يبدو وكأن الإسرائيليين والفلسطينيين مازال لديهم أمل للوصول إلى حل دائم وإيجابي للنزاع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق