وكالات: أدانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وفرعها في ليبيا، الجرائم الإرهابية الجسيمة التي شهدتها ليبيا خلال الأسابيع الأخيرة، وخاصة جريمة الاعتداء على المتظاهرين في بنغازي وجريمة إعدام المختطفين. ودعت المنظمتان في بيان مشترك لهما، الاثنين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا لتبني نهج جديد يتجنب العوائق والانسداد الذي شهدته جولات الحوار الوطني المنقضية، والنظر في تبني مبادرة تقوم على انتخاب رئيس للبلاد بالاقتراع الشعبي المباشر وبإشراف ومساعدة أممية على نحو يؤسس لسلطة شرعية مؤقتة تنهض بمهام استكمال مرحلة الانتقال وإدارة مؤسسات الدولة ومجابهة التحديات وفي مقدمتها تحدي الإرهاب.
وحذرت المنظمة الأطراف المتصارعة من مغبة استمرار الانقسام الذي من شأنه أن يقود المشهد السياسي والميداني الليبي إلى مزيد من العبث، ويسمح بمزيد من التدخلات الدولية والإقليمية غير الحميدة في شؤون البلاد. وذكر البيان أن إرهابيين يعتقد بأنهم تابعون لتنظيم «داعش» الإرهابي قصفوا تجمعا لمتظاهرين معارضين لحكومة التوافق الوطني المقترحة في مدينة بنغازي بقذائف الهاون، على نحو أدى لمقتل وإصابة 40 متظاهرًا، بينما وردت معلومات حول قيام تنظيم «داعش» الإرهابي بإعدام 20 مدنيًا في مدينة سرت وسط البلاد، وذلك بعد التجول بهم في سيارات مكشوفة عبر المدينة الواقعة تحت سيطرة التنظيم. وأشار البيان إلى أن هذه الوتيرة من الجرائم الإرهابية تأتي في سياق يتزامن مع فشل الأطراف المتنازعة في ليبيا في الامتثال لاتفاق «الصخيرات» الانتقالي القاضي بتشكيل حكومة التوافق الوطني، والتي قامت العشرات من التجمعات الاحتجاجية الموالية للجبهتين المتصارعتين بالاحتجاج ضدها.
وطالب البيان مجددًا الأطراف المتصارعة بالسعي بجدية لتحقيق التوافق الوطني على نحو يكمل استكمال مرحلة الانتقال في ليبيا بما يتناسب مع طموحات الشعب الليبي ومجابهة التحديات، والتي يأتي في مقدمتها الإرهاب الذي تفشى على نطاق واسع في ربوع البلاد، موضحًا أن المنظمات الإرهابية تسيطر بشكل متزايد على مساحات شاسعة من أراضي ليبيا، بما يشمل مناطق الشرق والوسط والغرب والجنوب، وبصفة خاصة تنظيم «داعش» الإرهابي الذي يسيطر على مساحات هائلة في وسط وجنوب البلاد وبعض مناطق الغرب، كما يصارع على السيطرة على بعض مناطق نفوذ تنظيم القاعدة في الشرق.
ولفت البيان إلى أن ذلك يأتي في الوقت الذي تتواتر فيه المعلومات الميدانية حول تدفق مقاتلين لتنظيم «داعش» الإرهابي إلى البلاد قادمين من شمالي سوريا بهدف دعم انتشار التنظيم وسيطرته على المناطق الليبية، معتبرًا أن غياب التوافق الوطني يتيح تمدد التنظيمات الإرهابية، وخاصة في ظل استشراء النزاع المسلح بين الجبهتين المتصارعتين على نحو ما شهده محيط العاصمة طرابلس الأسبوع الماضي، والذي شمل القصف بالطيران لتجمعات المقاتلين، ما أدى لمقتل 14 شخصًا وجرح قرابة 30 آخرين وفقاً للمصادر الطبية.
وأشار البيان إلى أن الأطراف المتصارعة تمارس انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي، وتلحظ المصادر الميدانية افتقاد الميليشيات المتصارعة للحرص الواجب لتجنب الإضرار بالمدنيين خلال أعمال القتال، بينما تواصل مختلف الأطراف احتجاز الآلاف من الليبيين والأجانب بتهم متنوعة، وأغلبهم محتجز خارج نطاق القضاء في سجون الميليشيات المتصارعة، وتزايدت أعداد المختفين منهم والذي يُعتقد أنهم توفوا في الاحتجاز نتيجة تفشي ظاهرة التعذيب، فضلاً عن افتقاد الرعاية الصحية.
ونوه البيان إلى أن مؤسسات العدالة الليبية تعاني من شبه شلل تام، فمن ناحية تبقى غير قادرة على الوفاء بمسؤولياتها في العديد من المناطق، ومن ناحية ثانية تمارس الميليشيات المناطقية نفوذًا على بعضها لاستصدار أحكام معيبة، ومن ناحية ثالثة فقد فر مئات من القضاة إلى خارج ليبيا أو خارج مناطقهم بحثًا عن الملاذ الآمن، لا سيما وأن العشرات منهم قد تعرضوا للاغتيال في الفترة بين مطلع 2013 ومنتصف 2014، وتشمل بعض قوائم الاغتيال المسرية أسماء العشرات منهم.
وأكد البيان أن أوضاع عدد من السكان في البلاد تتفاقم على نحو مريع نتيجة نزوع بعض الأطراف في كلا الجبهتين المتصارعتين لتصفية خلافات ذات طبيعة قبلية أو عرقية، ومن أبرز تلك الظواهر ما شهدته منطقة أوباري غربي البلاد التي جرى تدميرها بشكل شبه شامل، وجرى تهجير سكانها من قبائل التبو والطوارق، على صلة بمساعي التنظيمات الإرهابية القادمة من شمالي مالي السيطرة على تلك المناطق لفائدة التنظيمات الليبية الحليفة معها بينما تتواصل مأساة سكان المشاشية الذين تعرضوا لاضطهاد مسلح لايزال يتواصل من قبل كتائب الزنتان، والتي تحول دون عودتهم لمناطقهم بشكل آمن.
وأفاد البيان بتتفاقم مأساة سكان تاورغاء القريبة من مصراتة منذ الصراع المسلح بين كتائب القذافي وكتائب الثوار في العام 2011، وإصرار الميليشيات في مصراتة على منع سكان تاورغاء من العودة لمناطقهم لاتهامهم بتورط بعضهم في جرائم كتائب القذافي بحق سكان مصراتة، وفيما يصعب تقدير ظاهرة النزوح الداخلي المتزايدة في داخل ليبيا، فإن التقديرات تذهب إلى أن أكثر من مليوني ليبي قد فروا إلى خارج البلاد من بين أقل من 6 ملايين هم تعداد الشعب الليبي، وتتوزع غالبيتهم بين مصر وتونس، مشيرًا إلى تراجع إلى درجة خطيرة قدرة الدولة الليبية على الوفاء بالمستحقات المالية للوفاء بتكلفة علاج الجرحى خارج البلاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق