العربي الجديد: تجتاح أزمة في السيولة النقدية العديد من المصارف الليبية في العاصمة طرابلس ومناطق أخرى من البلاد، فيما تشهد المؤسسات المصرفية زحاماً من العملاء لصرف الأموال. وذكر مصدر مسؤول في مصرف ليبيا المركزي، فضل عدم ذكر اسمه في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن "هناك مشكلة في السيولة بالبلاد، نظراً لسحب العملاء ودائعهم من المصارف بشكل جنوني"، مضيفاً أن طباعة المزيد من النقود يفقد العملة المحلية قيمتها.
وزادت عمليات سحب غير مسبوق على الودائع من المصارف الليبية على مدار الأشهر الماضية، ما زاد من أزمة السيولة التي يعانيها المصرف المركزي، بفعل تراجع إيرادات الدولة بنحو حاد، ما أجبره على طبع النقود لسداد التزاماتها المحلية. وتعتمد ليبيا بشكل كلي على عائدات النفط، الذي هوت معدلات تصديره إلى أقل من الثلت، مقارنة بمستوياته الطبيعية قبل نحو 4 أعوام. وغالباً ما تلجأ الحكومات، حينما تتعرض لتراجع في مواردها المالية، إلى طبع أموال"بنكنوت"، لتوفير السيولة اللازمة لدفع مرتبات العاملين في أجهزة الدولة وتسيير الأعمال، لكن خبراء الاقتصاد يحذرون من أن ذلك الإجراء يتسبب في ارتفاع معدل تضخم أسعار المستهلكين بشكل كبير ويؤدي إلى تراجع القدرة الشرائية للعملة.
كما تسببت أزمة السيولة لدى الحكومة والمصرف المركزي في تأخير صرف المرتبات، بينما تشير البيانات الرسمية إلى أن السيولة المتداولة خارج المصارف تزيد عن 22 مليار دينار (16 مليار دولار) حتى نهاية يونيو/حزيران الماضي، بينما معدلها الطبيعي لا يتعدى ثلاثة مليارات دينار. وقال محمد المصلح، من أمام مصرف الجمهورية فرع جامعة طرابلس في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه يقف في طوابير طويلة أمام المصرف، منذ ساعات الصباح الأولى، لسحب ألف دينار، ولكن الأموال تأتي متأخرة وأحياناً لا تأتي. وحدد مصرف ليبيا المركزي، أخيراً، السحب النقدي من المصارف التجارية للشخص الواحد بألف دينار في اليوم ولا يتعدى خمسة آلاف دينار في الشهر. واتجهت شرائح من المدخرين إلى سحب أموالهم من المصارف، خلال الأشهر الأخيرة، في ظل تفاقم الوضع الأمني واحتدام الصراع السياسي، وفضلوا اكتناز الأموال، نتيجة عدم وضوح الرؤية بشأن دور الدولة ومقدرتها على إعادة الاستقرار في الأجل القصير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق