وكالات: توافد الناخبون العمانيون أمس بأعداد متوسطة على مكاتب الاقتراع لاختيار أعضاء مجلس الشورى من بين 596 مرشحا ضمنهم 20 امرأة تنافسوا على شغل الـ85 مقعدا المشكّلة للمجلس الذي شهد منذ سنة 2011 توسيعا جزئيا لصلاحياته دون أن يلغي – حسب قادة رأي عمانيين- الحاجة لمزيد تطويره ليساير ما يشهده المجتمع العماني من تحولات، وليكون أكثر فعلا في عملية اتخاذ القرار وإيجاد الحلول لما يستجد من قضايا. وتفاوتت درجة الحماس في صفوف العمانيين لانتخابات الأمس بين القانعين بما يطرح بشكل رسمي في مثل هذه المناسبات بشأن التدرّج بجرعات محسوبة في تطوير الحياة السياسية وبناء المؤسسات والهيئات المنتخبة، وبين الطامحين إلى مجلس شورى فعال بشكل عملي في اتخاذ القرار ومعالجة الأزمة الاقتصادية والبحث عن حلول لمشكلة البطالة المتفاقمة، وخصوصا في صفوف الخريجين الجدد من مؤسسات التعليم والتكوين وحملة الشهائد العلمية والمؤهلات التقنية.
وانصب أغلب النقاش خلال انتخابات الأمس، سواء في صفوف المرشحين أو الناخبين، بشكل استثنائي، على الوضع الاقتصادي الذي لم تشهد له سلطنة عمان مثيلا منذ سنوات، والمرتبط بالتراجع الحاد في أسعار النفط، وما يمكن أن تكون له من تبعات اجتماعية، وما قد يحتّمه ذلك من تغييرات في سياسة الدولة بالحدّ من درجة الرعاية الاجتماعية والتضحية بجزء من رفاهية الفرد وفرض ضرائب جديدة ورفع الدعم عن المحروقات وخفض الإنفاق على الأجور. وخلال سنوات الطفرة النفطية زاد إنفاق سلطنة عمان، أكبر منتج للنفط في الشرق الأوسط من خارج أعضاء منظمة أوبك، على الوظائف والمساعدات الاجتماعية إلى أن بلغ نقطة تعادل سعر برميل النفط المحدد في ميزانيتها بـ108 دولارات للبرميل في عام 2014. وقد بلغ سعر البرميل العماني الخام 47.30 دولارا الشهر الماضي.
ومأتى الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها السلطنة ليس فقط من كونها تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط، ولكن أيضا لأن احتياطاتها أقل من جيرانها كما أنها تمتلك سندات مالية أقل. وذكرت وزارة المالية العمانية أنه كنتيجة لذلك، تضخم العجز في الميزانية، وارتفع من 600 مليون ريال (1.56 مليار دولار) في عام 2014، إلى 1.8 مليار ريال (4.68 مليار دولار) هذا العام. ومن المتوقع بحلول نهاية عام 2016 أن تشهد الميزانية العمانية زيادة في العجز تبلغ 20 بالمئة، وهي أعلى نسبة عجز في الميزانية من بين دول مجلس التعاون الخليجي.
كذلك لا تخلو سلطنة عمان من قلق سياسي مأتاه الوضع الصحي للسلطان قابوس بن سعيد صاحب الدور المحوري في النظام العماني، والذي كان قضى حتى شهر مارس الماضي حوالي ثمانية أشهر في ألمانيا للعلاج. وكان المجتمع العماني قد أظهر في سنة 2011، مع اندلاع أحداث ما يعرف بالربيع العربي، استعدادا للتحرّك واستخدام الشارع وسيلة للدفع بمطالبه. وهو التحرّك الذي وقف وراء التعديلات المدخلة على صلاحيات مجلس الشورى ووظائفه باتجاه تخليصه من الطابع الاستشاري غير الملزم الذي رافقه منذ إنشائه في العام 1991.
ومن بين الصلاحيات الإضافية التي أسندت للمجلس مناقشة مشاريع القوانين التي لها صفة الاستعجال والتي يحيلها إليه مجلس الوزراء، وإقرار أو تعديل مشاريع القوانين التي تعدها الحكومة وتحيلها إلى مجلس عمان المكون من مجلس الشورى ومجلس الدولة، ثم رفعها مباشرة إلى سلطان البلاد لإصدارها، ومناقشة مشاريع خطط التنمية والميزانية السنوية للدولة التي يحيلها إليه مجلس الوزراء، وبحث وإبداء الرأي بشأن الاتفاقيات الاقتصادية والاجتماعية التي تعتزم الحكومة إبرامها أو الانضمام إليها. كما أن للمجلس بموجب تلك الصلاحيات التي أسندت إليه الحق في استجواب أي من وزراء الخدمات في الأمور المتعلقة بتجاوز صلاحياتهم ومخالفة قوانين البلاد. لكن هذه الصلاحيات لا تمثل وفق مراقبين نهاية طموح الطبقة المسيسة من بين العمانيين إلى هيئات منتخبة ذات دور أكبر في إدارة الشأن العام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق