العربي الجديد: بعد يومين فقط من صدور مجموعته الشعرية الجديدة "سرد المفرد" (منشورات الجمل)، رحل فجر اليوم، الشاعر العراقي مؤيد الراوي (1939 – 2015) عن 76 عاماً في برلين، بعد معاناة مع مرض السكّري. لم يتداول الخبر سوى قلّة من أصدقائه على صفحات فيسبوك، ولاحقاً بدأ بالانتشار في بعض المواقع. عُرف الراوي بكونه أحد مؤسّسي "جماعة كركوك الشعرية" في العراق، عام 1964، والتي تضمّ، إلى جانبه، أسماء مثل سركون بولص (1944 – 2007) وجان دمّو (1942 – 2003) وصلاح فائق (1945) وفاضل العزاوي (1940). لم يكن الراوي مُكثراً في إنتاجه؛ إذ أصدر "احتمالات الوضوح" عام 1974 و"ممالك" عام 2011. وفي اليومين الماضيين، احتفى أصدقاؤه بإصداره الجديد، لكنّه لم يلبث أن يرحل في منفاه، ككثير من شعراء ومبدعي العراق في العقدين الأخيرين، وبطبيعة الحال مثل "جماعة كركوك" (بولص ودمّو).
في "سرد مفرد"، يبدو أنّ الرواي كان يتحسّس رحيله، فها هو يستدعي أبو العلاء المعرّي في إحدى القصائد، ويتحاوران: "بعكازهِ طرقَ المعرّيُ بابي/ أنا المُنطفئ المنتظرُ نهاية اللعبةـ قال لي: يا صنوي ويا نقيضي/ تراني في الثلاثة من سجوني/ لفقر ناظري/ ولزوم بيتي/ وكون الجسد في المرض الخبيث. أتعبَتكَ الرحلةُ في الظلمة وأحاطت بك الشكوك، تعال آخذك بيدي إلى معَرَّة النعمانِ فنتجادل". وفي قصيدةٍ أخرى، بعنوان "تشخيص"، يتأمّل وحشيّة العالم: "الشجرُ يحيل الغيم إلى غابة/ تجول فيها أسودٌ وضباعٌ وذئاب، دماءٌ تغطي لحاء الأشجار/ وطيورٌ تفزّ هلعاً من طلقة الصيادين. أنت ترى دوماً في الليل والمدن والغابة/ ثلاث جثثٍ موشومة ببقع حمراء، في الجبين والصدغ وفي الصدر حيث القلب، سرعان ما يحطُ عليها طائرٌ يردّد نحيب المقابر".
بعد أحد لقاءاته به عام 2010، كتب الشاعر العراقي سعدي يوسف نصّاً أهداه للراوي، تحدّث فيه عن شعره: "لمؤيد الراوي فضلُ وضعِ قصيدة النثر، في وقتٍ مبكرٍ، على المسارِ الجادّ، مع ديوانه المرموق "احتمالات الوضوح" الصادر في العام 1974. لا أحدَ يعود إلى هذه المعلومة. "شعراء" المكتب الثاني للجيش، حوّلوا الأمرَ (أعني أمرَ قصيدة النثر) إلى مهزلة عامّــة مُـعَـمّمةٍ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق