وكالات: كشف وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف، الثلاثاء، أن الحكومة تستعد لإصدار قوانين "صارمة وقوية" في الفترة القادمة للتصدي لخطر الهجرة المقترن بالإرهاب، لكنه لم يحدد بالضبط طبيعة تلك الإجراءات. وقال خلال كلمة ألقاها أمام ضباط الأكاديمية العسكرية في باريس إن "أزمة اللجوء والهجرة والهجمات الإرهابية هي أكبر خطر على الدولة"، مطالبا الأجهزة الأمنية بالتعامل "بكل حزم مع اللاجئين الذين يمارسون سلوكيات أو تجاوزات لا تتماشى مع القانون الفرنسي". ونقلت إذاعة "أوروبا 1" الفرنسية عن كازنوف القول أن البلاد لا تزال تعيش تحت تهديد توابع العمليات الإرهابية التي تحدث منذ بداية العام الجاري في محيطها الأوروبي والإقليمي والدولي.
وستكون فرنسا أمام اختبار حقيقي وسط الفوضى التي يعيشها العالم وطالت أوروبا، عندما تستضيف في أواخر نوفمبر القادم 20 ألف مشارك في مؤتمر المناخ وهو حدث عالمي و"يدعونا جميعا لتوخي الحذر ورفع درجة اليقظة"، بحسب كازنوف. وحاول الوزير احتواء غضب أفراد الشرطة الذين يعتزمون في خطوة نادرة التظاهر، اليوم الأربعاء، للتعبير عن غضبهم إزاء ما اعتبروه خللا في القوانين الفرنسية. الخلل الذي تتحدث عنه الشرطة، أتاح لسجين استغلال حصوله على تصريح خروج مؤقت للهروب وارتكاب عملية سرقة أطلق خلالها النار على أحد أفراد الشرطة التي كانت تطارده وأصابه بشكل بالغ. وتكابد الحكومة اليسارية منذ هجوم شارلي إيبدو الذي أوقع 17 شخصا بينهم صحفيون لسن قوانين تسمح بملاحقة المتطرفين على أراضيها، وستزيد معاناتها على ما يبدو مع استقبال حصتها من اللاجئين. واحتدم النقاش في الأوساط السياسية الفرنسية في الأسابيع الماضية حول مسألة استقبال اللاجئين والميزانية التي ستخصص لهذا الغرض، ويقدر مراقبون كلفة استقبال النازحين جراء الحرب على الأراضي الفرنسية، بمليارات اليورهات. ووسط هذا الجدل الحاد حول مسألة الهجرة، أعلنت كتلة حزب الجمهوريين اليمينية في مجلس الشيوخ بزعامة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، قبل فترة حزمة مقترحات ترمي للتحكم في تدفق المهاجرين واللاجئين إلى فرنسا.
وقال رئيس كتلة حزب الجمهوريين في مجلس برينو ريتايو إنه “يجب أن تتماشى سياسة السخاء التي تعتمدها فرنسا تجاه اللاجئين مع شيء من الحزم”. ويرى هذا النائب اليميني أن 80 في المئة من طالبي اللجوء هم ليسوا لاجئين حقيقيين، مؤكدا أن السلطات القضائية لا ترحل سوى 5 في المئة من أولئك الذين رفضت طلباتهم. ويطالب الجمهوريون بضرورة مراجعة سياسة الهجرة، ولكن من دون المس بحق اللجوء، وإلى التمييز بين الهجرة الشرعية وبين الهجرة غير القانونية. وتنفي الحكومة الاشتراكية صحة اتهامات أحزاب اليمين واليمين المتطرف بأن عمليات الإبعاد من الأراضي الفرنسية قد انخفضت بنسبة 40 في المئة، إذ تشير الإحصائيات إلى أنه تم تسجيل أكثر من 12 ألف حالة إبعاد في 2011، أي أقل بكثير من المعدلات الحالية.
وتقول مصادر رسمية إن الحكومة قررت استضافة 24 ألف لاجئ إضافي خلال عامين، ليرتفع عدد طالبي اللجوء سنويا في فرنسا إلى نحو 100 ألف شخص. ويذكر أن عشرات الآلاف يتقدمون بطلبات اللجوء سنويا، عدا ضحايا الحرب في سوريا. وفي محاولة من فرنسا إظهار نواياها الإنسانية، وعدت الحكومة بتقديم ألف يورو كمنحة سكن لكل لاجئ، إلا أن التقديرات تشير إلى أن الكلفة السنوية للمهاجر الواحد في فرنسا تبلغ سنويا حوالي 14 ألف يورو، بما في ذلك المنح الاجتماعية. وكانت حكومة الرئيس فرنسوا هولاند اتخذت قرارا بنشر عشرة آلاف جندي للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية فوق أراضيها، وذلك في سياق حزمة من الإجراءات "القاسية" من بينها التنصت المدرج تحت قانون المراقبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق