الشروق الجزائرية: قسّمت الحرب السورية النساء السوريات إلى معسكرين، أحدهما تخندق مع نظام الرئيس بشار الأسد وأبدى استبسالا في الدفاع عنه، والآخر تخندق مع الثورة السورية لا يرضى عنها بديلا إلى آخر قطرة من دمه. ولعل أكثر ما يطفو إلى السطح عند الحديث عن النساء السوريات هو المواقف التي تتبناها غالبيتهن، إما بدافع العاطفة أو عن سابق معرفة أو استفادة من هذا الطرف أو ذاك أو نشودا لعدالة اجتماعية قيل أن بشار الأسد غيّبها على مرّ سنوات حكمه الماضية. وتتمتع السوريات بجرأة كبيرة في إعلان مواقفهن رغم الحرب والدمار والموت الذي يتربص بهن سواء كنّ معارضات للنظام أو مساندات له، ومن أبرز هؤلاء فنانات ولجن عالم السياسة التي فرقت بين الأحباء والزملاء لأن "الاختلاف في الرأي هنا أفسد للود قضية" وحوّل الأحبة إلى أعداء ينهشون بعضهم.
ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد بل امتدت إلى تهديدات بالقتل جعلت أغلبهن يتبنين احتياطات أمنية عالية، في حين برزت العديد من الخلافات داخل الأسرة الواحدة ناهيك عن حالات طلاق طالت بعض الفنانات لمواقفهن الداعمة أو الرافضة للحرب. ومن بين من يوصفن بـ"شبيحات" النظام أسماء رائدة ولامعة في عالم التمثيل على رأسهن الفنانة رغدة والفنانة سولاف فواخرجي وسوزان نجم الدين وفي الجبهة المقابلة تقف الفنانة أصالة نصري ويارا صبري ورفيقاتهما للتصدي بشراسة لما تقول أنه ظلم واستبداد وتقتيل وجرائم حرب يقترفها النظام بحق شعبه.
المؤيدات: الرئيس يبحث عن مصلحة البلاد وما يحدث مؤامرة
سلاف فواخرجي، وصفت في العديد من تصريحاتها الثورة السورية بـ”المؤامرة”، وأعربت عن وقوفها التام إلى جانب الرئيس بشار الأسد وقالت "الأسد شخص طيب القلب يسعى لمصلحة بلده، وأشارت إلى أنه زعيم وليس ديكتاتوراً". أمّا سوزان نجم الدين، فخرجت منذ بداية الأحداث في المظاهرات المؤيدة للنظام السوري، معتبرة أنها تؤيد “نظام الممانعة والصمود العربي" لمن يبدو أن موقفها انعكس سلبا على حياتها الزوجية بعد انفصالها عن زوجها حيث أكدت أن خلافاتهما السياسية كانت السبب وراء الانفصال ورغم ذلك تمسكت بموقفها ولم تتزحزح. ويبدو أن رغدة كادت أن تدفع ثمنا باهظا لتأييدها بشار الأسد، امتد إلى حد اختطاف والدها، حيث أعربت حينها عن حزنها بسبب ما قالت إنها "عملية اختطاف" تعرض لها والدها المسن على يد مجموعة تطلق على نفسها "جيش الله الحر"، انتقاماً منها لموقفها السياسي المؤيد لنظام الرئيس بشار الأسد، وذلك بعد نشر صورة له وهو يضع وشاحا بألوان الثورة السورية.
ميرنا شلفون، قالت في تصريح لوسائل الإعلام “أقرأ الأحداث مثلما هي على حقيقتها فهي مؤامرة اعترفت بها أبسط الشرائح في المجتمع والنخب الثقافية في سورية والوطن العربي والعالم.. وسورية هذا البلد العظيم مستهدف من الأعداء لأنها مرفوعة الرأس ولم تخضع لمطالب الأعداء وهي تدفع الثمن الآن وستخرج من هذه الأزمة بقيادة رئيسنا بشار الأسد”. تولين البكري، وهي الفنانة التي كتبت بأنها تتلقى تهديدات بسبب موقفها المؤيد لبشار الأسد من قبل فنانات معارضات للنظام. بدورها صفاء سلطان، رفضت في تصريح لها البيان الصادر عن فنانين مصريين يطالبون فيه فناني سوريا بالوقوف مع ثورة الشعب السوري. وقالت: “أتمنى أن يأتوا إلى سوريا ويتعلموا منا محبتنا لوطنا وأرضنا وشعبنا ولقيادتنا”. أمّا جيني اسبر، الفنانة المشهورة وكان آخر تصريحاتها “أنا وباسم الفنانين والفنانات في سوريا جميعا نؤيد بشار الأسد لأنه حمى الفن ونكره كل ما يتعلق بالعصابات المسلحة وما يسمى بالجيش الحر هو مسؤول الخراب في سوريا والإرهابيون لن ينتصروا”جيهان عبد العظيم، عبر صفحتها على “فايسبوك” أعلنت أنها متفاجئة من تصريحات الفنانة أصالة نصري "المعارضة لبشار الاسد" وقالت: «والله ما عم صدق. يا عيب الشوم.. ويا حيف.. كنا نحبك.. بس هلأ يا ريت ما نشوف وشك بحياتنا”.
هبة نور، في حوار لها قالت: “إن سوريا صامدة في وجه جميع المؤامرات بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد قائد المقاومة العربية”، مشيرة إلى أن سوريا تتعرض لمؤامرة كبيرة من قبل أمريكا وإسرائيل تريد نسف البلد من جذوره وإثارة قلاقل محلية وحرب أهلية بين السوريين أنفسهم. مي حريري أيضا وصفت الأحداث في سوريا بالقول: “ما يحدث في سوريا ليس ثورة إطلاقا إنما عصابات تسعى للإيقاع بالبلد لصالح جهات خارجية، لكن الرئيس الأسد قادر على رد هذه العصابات وإخراج البلد من .هذه الأزمة، خاصة أنه قدم كثيرا لسوريا منذ توليه الحكم
المعارضات: بشار الأسد مجرم حرب
وفي المعسكر الأخر تصطف فنانات معارضات ثائرات ضد النظام تتصدرهن أصالة نصري التي يحتوي رصيدها الفني أغنية تمتدح فيها الأسد ونظامه فمالذي قلبها عليه أهي المصلحة الخاصة أم العامة؟ وأصالة هي أكثر الفنانات تلقيا لانتقادات من مؤيدي الرئيس الأسد الفنانة كما أنها لا تترك مناسبة إلا وذكّرت بفيها بآلام السوريين من قمع النظام وقتله واعتقاله لهم، وواجهت تصريحات عديدة من قبل فنانين مؤيدين مثل رغدة وسلافة فواخرجي. ومن جانبها أطلت الفنانة مي سكاف بكل جرأة لتنتقد ما وصفته ظلم النظام بعدم الاستجابة لمطالب السوريين وهو ما كلفها اعتقال واعتداء من قبل الشبيحة، دون أن تتراجع عن موقفها الداعم للثوار السوريين. الفنانة السورية الأخرى هي كندة علوش التي سبق وأن صرحت في مقابلة تلفزيونية أن "والدها لو كان حاكم سوريا واتخذ قرارات خاطئة، فإنها كانت ستعارضه وتقف مع الشعب، مشددة على أن نظام الرئيس بشار الأسد كان لديه فرصة لتحقيق الإصلاح، إلا أنه فضل القمع والاعتقال". كندة قالت حينها "لا أستطيع أن أنفصل عن الشارع السوري، وما يحدث من قتل يومي يؤلمني، ولا أرضى أن يظلم شعبي، والنظام السوري كان لديه فرصة منذ البداية لتحقيق الإصلاح، لكنه اختار قمع المطالب المشروعة للشعب بالقتل والاعتقال والتعذيب".
وإلى جانب كندة انحازت الفنانة يارا صبري والتي رفضت منذ اللحظات الأولى للثورة السورية والحصار الخانق الذي فرضه النظام على مدينة درعا وساهمت بتوقيع بيان "نداء الحليب" الذي دعا السلطات السورية إلى فك الحصار عن مدينة درعا وإدخال حليب الأطفال إليها. فيما تنشط النجمة يارا صبري بمجال معرفة مصير المعتقلين والمختطفين السوريين في سجون النظام السوري، أما زوج الفنانة يارا صبري وهو الممثل المعروف ماهر صليبي الذي اتخذ الموقف نفسه من جرائم النظام وإهاناته المتواصلة للسوريين. وفي قلب الثورة السورية لمع اسم الفنانة السورية فدوى سليمان التي شاركت في معظم تظاهرات حمص إلى جانب الناشط وحارس مرمى سوريا عبد الباسط ساروت، قبل أن تغادر إلى باريس بعد أن أصبحت حياتها وحياة عائلتها مهددة من النظام السوري. وكانت فدوى سليمان وجهت رسالة للفنانين قالت فيها إن "على كل الفنانين أن يخرجوا عن صمتهم تجاه الثورة، وخصوصا المستقرين منهم خارج سوريا ولديهم الضمانات المادية التي تكفل عيشهم".
الفنانة لويز عبد الكريم بدورها شاركت منذ البدايات شعبها السوري بآلامه وأعلنت وقوفها إلى جانب ثورته، وتنشر طيلة الوقت رسائل للفنانين والشرفاء بالانضمام إلى الثورة وفضح جرائم الرئيس الأسد. وأعربت الممثلة المسرحية السورية فدوى سليمان والروائية سمر يزبك عن أسفهن عما يحدث في بلادهن وطالبن بسقوط نظام بشار الأسد رغم كل ما يتعرضن له من عنف وقهر من قبل السلطات الحاكمة. أما الروائية سمر يزبك فقد تركت البلاد ونشرت نصا يتضمن الرعب والقهر الذي يتعرض له الشعب السوري من قبل النظام الفاشل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق